زياد الرحباني
إن المميزات المطلوبة من رئيس الجمهورية المقبل، التي تمّ تعميمها وتردادها بسرعة قياسية، صفات ليست نادرة بالنسبة إلى المواطن. وخاصة أنها تركّزت على رئيس له طعم ولون. وأضيفت أحياناً، الرائحة، لمزاح ما غليظ في أيّام كهذه، وعلى العموم حتىّ. وخاصة أنّ كلمة الرائحة تركن في الدماغ البشري الى جانب الطعم، فتحلّ بعده ببغائياً على اللسان. حلو جدّاً أن نتحوّل، فوق ما نحن عليه، الى جموع ببغاوات تتابع نخبة ببغاواتها الحكيمة القيادية، تغطّ ليلياً على شاشات التلفزة، يكرّر بعضها عن بعض مواصفات الرئيس. لكن اللافت، كما ذكرنا، أن الصفات ليست نادرة ولا تعجيزية فلماذا إذاً تضيق يوماً بعد يوم دائرة أسماء المرشحين؟ إن شخصاً كالسيّد سمير فرنجية، الذي لم يُطرح اسمه، وهنا الاستغراب، هو ضمناً رئيس الجمهورية المقبل. والسيد فارس سعيد، لولا نرجسية المرشّحين الزملاء وأنانيتهم التي نحرت التجرّد في ثورة الأرز، هو ضمناً، بلا منازع وبلا «غطّاس»، رئيس الجمهورية المفصَّل لها ولنا. ما مشكلة السيّدة نائلة معوّض مع الطعم واللون؟ ماذا فعلت هذه الوقورة طوال الحقبة الأخيرة حتى يطعن بها رفاق النضال بالأنانية نفسها التي طعنوا بها «فارس»؟ مع الفرق عنه أنها أرملة، ولشهيد، ورئيس لجمهورية. هل نسوا أو يتناسون؟ أنها، ضمناً، رئيس الجمهورية وسيّدته الأولى في آن واحد. أمّا ابنها ميشال، فأيضاً وضمناً وليّ العهد. ربما تنحّى لها حصرياً احتراماً للخبرة والعمر. ممَّ يشكو السيّد روجيه إدّه وحزبه الجائش بالسلام؟ وكيف يكون الطعم واللون إذاً؟ لو أنّ بلدنا يشبه في شيء البلاد المتحضّرة ويفهم في الطعم، لكان روجيه إدّه، الذي هو ضمناً الرئيس المقبل، هو الرئيس فعلاً. وهل السيّد جوني عبده المقيم في باريس، وهذه من أهمّ ميّزاته، أفضل منه؟ إنّ عبده الذي هو ضمناً الرئيس المقبل يعرف أن لا مستقبل له، مع أنّه يكلّف المستقبل كثيراً، فالدكتور شارل رزق الذي هو ضمناً ويا لحيف القدر رئيس الجمهورية، عبءٌ جديد على الطعم واللون والمستقبل وتصعب منافسته من باريس. حتى إنّ الرئيس أمين الجميّل واسمه الرئيس وهو طبعاً وضمناً وأساساً رئيس للجمهورية، هو الأوحد إن شئنا الخلاص والتوافق، لولا كلّ هذه الأسماء المطروحة التي، اسألوه، لا علاقة لها بالرئاسة ولا بمفهوم الاستحقاق. ومن قال إن الجمهورية تُدار حصراً بالطعم واللون والرائحة؟
يعني أنّ رؤساء الجمهورية متوافرون وهم كُثُر، ولا أدري من أين وكيف افتُعلت هذه الأزمة. المشكلة ليست في رئيس الجمهورية. المشكلة في أن نعرف ما هي هذه الجمهورية بالضبط؟ أين تقع؟ وهل إن وقعت ستقوم؟ وعلامَ تقوم؟ على مؤتمر باريس ـــــ 114؟ على بنك البحر المتوسط وبوارجه؟ هل ستعتمد نهائياً ومرّة واحدة على حدودها؟ وهل هي تريد إزاحة سوريا الى ما بعد تركيا على الخريطة بالتنسيق مع الأمم المتحدة؟ والسؤال الأخير: كيف يمكن أن تكون هذه الجمهورية مستقلّة ومستقبل الحلّ فيها مرتبط بحلّ القضية الفلسطينية؟
ربما يعرف الكثيرون الجواب، لذا قولوا للباقين، قولوا ذلك يوماً لرئيس الجمهورية. يجب أن يكون لديه، إلى جانب الطعم واللون والرائحة، الجواب.