strong>تغطية أوروبية لمبادرة بري... وجعجع يرحّب شرط التخلّي عن نصاب الثلثين وموقف قريب لـ 14 آذار
في خطوة هي الأولى من نوعها، لجأت قيادة الجيش اللبناني الى تكليف ضابط من هيئة الأركان تقديم شروح مفصلة عن المعارك وتقديم أجوبة ذات طابع أمني ـــــ سياسي عن تنظيم فتح ــــــ الإسلام، وإرسال إشارات الى أن ما حصل في الشمال لا يمكن تعميمه على بقية مخيمات لبنان. لكن وزير الدفاع الياس المر لم يترك الأمور من دون بصمته التي بدت مطابقة لفريق 14 آذار، بتحويل موقف الجيش الرافض لإقحام إنجازه في التجاذبات الداخلية الى مخاطبة المعارضة دون غيرها بالتحذير من مغبة قيام حكومتين وعدم إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها.
ومع أن اتصالات لاحقة جرت بغية توضيح موقف وزير الدفاع الذي تجاهل الإشارة الى الدعم السوري اللوجستي للجيش في معركته هذه، فإن الموقف بدا أكثر ارتباطاً برغبة قادة فريق 14 آذار في استثمار الإنجاز وفق مسار خاص. وكان لافتاً سعي قادة سياسيين في هذا الفريق الى رفض إعلان مدير المخابرات في الجيش أن تنظيم فتح ـــــ الإسلام جزء من تنظيم القاعدة الدولي. وأعادوا تسليط الاضواء على ما سمّوه العلاقة العضوية بالمخابرات السورية، وهو ما عمل على تسريبه بقوة أمس أقطاب كثر من الفريق الحاكم، بينما سارع قائد القوات اللبنانية سمير جعجع الى تبنّيه علناً.
وبينما خرج آلاف المواطنين الى الطريق الساحلي الممتد من محاذاة نهر البارد حتى بيروت لاستقبال الجنود العائدين من المعركة والاحتفال بهم، كان وزير الدفاع يعقد مؤتمراً صحافياً بحضور ضباط كبار من قيادة الجيش الذي غاب قائده عن اللقاء. وأعلن المر أن ما حصل كان إنجازاً لو لم يتحقق لواجه لبنان مشكلة كبيرة مع الإرهاب. ووجه التحية الى الجنود وشكر الولايات المتحدة والسعودية ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة على دعم الجيش في المعركة من دون أي إشارة الى الدور السوري، محذراً من ذهاب «البعض بلبنان الى حكومتين فلبنانين فتذهب هدراً تضحيات أبطال لبنان»، ومن أن يمر موعد الاستحقاق الدستوري من دون رئيس للجمهورية»، في موقف لافت لناحية تبنّيه موقف 14 آذار والغمز من قناة المعارضة.
وبعد المر شرح مدير العمليات في الجيش العميد فرانسوا الحاج تفاصيل المواجهات، بينما تحدث مدير المخابرات العميد جورج خوري عن الخلفية الأمنية والسياسية وقال إن «كل التحقيقات التي حصلت سابقاً ومن خلال الموقوفين ومن الاتصالات التي حصلت بخلايا القاعدة الموجودة خارج لبنان، ومن خلال اعترافات الموقوفين الكاملة، تبيّن أن «فتح ـــــ الإسلام» يرتبط كلياً بالقاعدة». وأوضح أن المرجع الصالح لإعلان نتائج التحقيق في جريمتي عين علق واغتيال الوزير بيار الجميّل هو القضاء. وأكد أن ليس هناك علاقة بين «فتح ـــــ الإسلام» ومخيم عين الحلوة لافتاً الى أن «ابو هريرة» كانت له علاقة ببعض الأشخاص في المخيم المذكور كما ان بعض الاشخاص من «فتح ـــــ الإسلام» لهم علاقة ببعض التنظيمات داخله.
مبادرة بري
في هذه الأثناء كانت الأوساط السياسية تعود لتهتم بالمواقف الخارجية والداخلية من مبادرة الرئيس نبيه بري، وكان البارز فيها امس إعلان المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا بعد زيارته رئيس المجلس أنها مبادرة إيجابية.
وخلال زيارة قصيرة لبيروت التقى فيها الرئيسين بري وفؤاد السنيورة والبطريرك نصر الله صفير، أعلن سولانا أن المبادرة «خطوة جيدة». وقال «لا بد من حل لانتخاب رئيس للجمهورية»، مشيراً الى أنه لمس من بري أنه «متفائل جداً، وسيأخذ في الاعتبار آراء كل الاحزاب والاطراف السياسية في لبنان»، معلناً رغبة أوروبا في العمل على انتخاب رئيس جديد بدون التدخل في اختياره.
كذلك سجّل أمس موقف إيراني من مبادرة بري، إذ رأت طهران أن المبادرة يمكن أن تكون أساساً ناجحاً لـ«إيجاد تفاهم سياسي بين اللبنانيين». ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) عن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني خلال اجتماع لمجلس خبراء القيادة أن المبادرة «يمكن أن تؤتي ثمارها إذا تخلى الأميركيون عن المغامرة في لبنان».
وكان بري قد اتفق مع البطريرك صفير، هاتفياً، على لقاء قريب بينهما بعد عودة الأخير من الفاتيكان. وأعرب بري خلال الاتصال عن تقديره لـ«الموقف الوطني لسيد بكركي الذي يمثل حرزاً وحرصاً لمصلحة الوحدة الوطنية في لبنان ودرء مخططات الفتنة عنه».
14 آذار
وفي انتظار موقف 14 آذار من المبادرة، زار المرشح الرئاسي النائب بطرس حرب عين التينة مستوضحاً من بري تفاصيل مبادرته، لنقلها الى قوى 14 آذار «خلال الاجتماع الذي يمكن أن يعقد قريباً، أو من خلال التواصل الثنائي في ما بيننا»، لافتاً الى أن موعد الاجتماع لم يحدّد بعد «لاعتبارات لوجستية وأمنية». ورأى أن على قوى 14 آذار «أن تتعامل مع هذه المبادرة لا أن تتجاهلها». ومكرّراً أنه يراها «منطلقاً صالحاً للبحث في كيفية الخروج من المأزق الذي نتخبط فيه»، فيما كرر الرئيس أمين الجميل الترحيب بالمبادرة، مؤكداً أن لا تباين داخل الأكثرية حيالها، ولافتاً الى أن «الشيطان يكمن في التفاصيل».
من جانبه قال جعجع إنه غير مرشح لرئاسة الجمهورية. ورحب بمبادرة الرئيس بري ولكن من دون ربطها بشروط مسبقة كمسألة نصاب انتخاب رئيس الجمهورية موضحاً أن الهيئة العامة لقوى 14آذار ستجتمع في وقت قريب لاتخاذ موقف موحد من المبادرة. وقال إن معركة رئاسة الجمهورية معركة مسيحية ـــــ سورية وليست مسيحية ـــــ مسيحية. ورأى أن الموقف الإيراني أكثر حكمة من الموقف السوري في التعاطي مع الوضع في لبنان.
ومن جهته، قال السفير الأميركي جيفري فيلتمان إن الفرصة «لم تسنح» له بعد للتباحث مع بري في المبادرة، معتبراً أنها «تعني اللبنانيين ولا تخصّنا»، ومرحّباً بـ«أي مبادرات تؤدي إلى حصول الانتخابات الرئاسية في وقتها، وأنا مقتنع بإخلاص الرئيس بري الذي يطلق مبادرات تصبّ في هذا الاتجاه».