رام الله ــ سامي سعيد
لم تكتف وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، خلال جولتها في المنطقة الشهر الماضي، بجمع ما تيسّر من «المعتدلين العرب»، بل حاولت أيضاً الترويج «لشقاق» بين المتطرفين، ولا سيما إيران وسوريا.
وعلمت «الأخبار» من مصادر فلسطينية موثوقة، أمس، أن رايس أبلغت الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أن هناك صراع نفوذ بين دمشق وطهران «قد يتطور إلى عراك شديد ينهي على إثره أحدهما الآخر».
وأشارت المصادر، التي اشترطت ألا يذكر اسمها، إلى أن رايس، التي «كانت فرحة جداً بما ترويه»، أبلغت عباس وأولمرت أن «الحلف الإيراني ـــــ السوري حلف صوري وليس حقيقياً متنبئة بانهياره بشكل كامل في القريب العاجل».
ونقلت المصادر عن رايس قولها، خلال لقاءاتها الأخيرة مع عباس وأولمرت، إن «النفوذ السوري في لبنان وفلسطين والعراق يتقلص يوماً بعد يوم بشكل لافت وكبير. وفي المقابل يتوسع النفوذ الإيراني، وهو ما يعني أن المواجهة بين المشروعين ستبدأ ولن تتوقف إلا بنهاية أحدهما، وهذه النهاية ستكون لإيران لأنها الأقوى والتي احتوت سوريا تحت إبطها».
وأوضحت رايس أن «النفوذ السوري في العراق وفلسطين أصيب بوهن وضعف كبيرين، بينما تلقى ضربة قوية في لبنان لن يصحو بعدها في البلد نفسه، وأن النفوذ الإيراني في لبنان تعزز عبر حزب الله وحلفائه الأقوياء الذين يربحون المواجهة السياسية والعسكرية مرة تلو الأخرى».
وادّعت الوزيرة الأميركية أن «التأثير السوري على الفصائل الفلسطينية محدود وأن حركة حماس، التي تمثل الثقل السياسي والبشري الكبير في الساحة الفلسطينية، وحركة الجهاد الإسلامي، التي تمثل التيار المسلح القوي، قد حوّلتا الولاء من دمشق إلى طهران في ضربة قوية أخرى تلقاها النظام السوري لا تقل عن الضربة اللبنانية التي تلقاها».
ورجحت رايس أن «يتم التصادم التام والعلني بين السوريين والإيرانيين بعد أن تبدأ إيران بوقف دعمها المادي والمعنوي لسوريا، وهو ما ستعتبره دمشق خيانة من طهران لم تكن تتوقعها».
ونقلت المصادر عن رايس قولها إن «هذا الصراع الذي لا يظهر للعيان يجب أن يدفع المعتدلين العرب، وخصوصاً السعودية، إلى مزيد من التألق وكسب المواقف الاستباقية لتوجيه ضربة قاسية إلى إيران وسوريا واختراق نفوذهما والسيطرة على كل من له ضلع بالنفوذين».
ودعت رايس، بحسب المصادر نفسها، «السعودية إلى استغلال هذه الفرصة التي لن تتكرر من أجل بناء حلف قوي لها بين المعتدلين العرب لتخفيف وتذويب الحلف العربي الإسلامي المتطرف الذي يواجه الولايات المتحدة وحلفاءها في العراق ويرفض التسوية السلمية في فلسطين».
وأشارت المصادر، التي حضرت لقاء عباس مع رايس في رام الله أخيراً، إلى أن الوزيرة الأميركية «كانت سعيدة وهي تروي هذا الطرح، فيما قاطعها أبو مازن وقال أكثر من مرة إنه لا يظن ذلك صحيحاً لأن إيران وسوريا قويتان ولا تستغنيان عن بعضهما البعض أبداً».
وأوضحت المصادر أن «عباس أبلغ رايس أن الذي يجري ربما هو تبادل أدوار بين دمشق وطهران، لكنه ليس صداماً حقيقياً أو مواجهة عسكرية أو دبلوماسية ستقع بين الطرفين»، مرجحاً في الوقت ذاته أن تسعى «إيران لكسب المزيد من الفلسطينيين عبر أموالها التي تضخّها لدعم الفصائل المناهضة للرئاسة ولحركة فتح».