توتر العلاقات السورية ـــــ السعودية تجاوز، على ما يبدو، حدّ الخلافات المستترة، ليتحوّل إلى تراشق علني، عبّرت عنه الرياض أمس ببيان وزعته وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس» اتهمت فيه نائب الرئيس السوري فاروق الشرع بـ «الكذب» و«الاستهتار» ووصفت المواقف السورية، التي «ستذهب ويذهب أصحابها أدراج الرياح»، بأنها «تنكّر لوحدة الصف العربي ونشر للفوضى والقلاقل في المنطقة».وجاء الموقف السعودي، وهو الأول من نوعه من حيث حدته، رداً على وصف الشرع، خلال محاضرة له في دمشق الثلاثاء الماضي، الدور السعودي بأنه «مشلول» وانتقاده لتسمية «المعتدلين» التي تطلق على بعض الدول العربية، وبينها السعودية، مشيراً إلى أن «الاعتدال لا يعني الاستكانة»، وفي وقت ذكرت فيه صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس أن الملك السعودي عبد الله «طالب بتعهّد أميركي بألا تدعى سوريا الى مؤتمر السلام الدولي» الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش.
ونقلت «واس» عن مصدر مسؤول في الحكومة السعودية قوله «تابعت حكومة المملكة بكثير من الاستغراب التصريحات النابية التي أدلى بها السيد فاروق الشرع نائب الرئيس السوري، والتي تضمنت الكثير من الأكاذيب والمغالطات التي تستهدف الإساءة إلى المملكة».
ووصف المصدر تصريحات الشرع بأنها «استهتار واضح بالتقاليد والأعراف التي تحكم العلاقات بين الدول العربية الشقيقة»، مشدداً على أن السعودية تريد أن توضح للعالم العربي والإسلامي مجموعة حقائق أولها أنها «كانت ولا تزال حريصة كل الحرص على العلاقات مع الشعب السوري ومع الحكومة السورية، وإذا طرأ الآن خلل على هذه العلاقات، فإنه خلل ليس للمملكة يد فيه ولا يسأل عنه سوى المتسببين به، والذين يعرفهم السيد الشرع جيداً باعتباره أحدهم».
وفي النقطة الثانية، أشار المصدر إلى أن «الحديث عن شلل دور المملكة، العربي والإسلامي، هو حديث لا يصدر عن إنسان عاقل متزن، فهذا الدور يعرفه القاصي والداني عبر العالمين العربي والإسلامي، بل والعالم أجمع. ولعل السيد الشرع زلّ لسانه وكان يقصد بالشلل السياسة التي ينطلق باسمها ويمثّلها».
وشدّد المصدر، في النقطة الثالثة من البيان، على أن السعودية «لم ولن ترفض أي لقاء يستهدف لمّ الشمل وتقوية التضامن العربي، والمشكلة ليست في مواقف المملكة، لكن في المواقف التي تنكرت لوحدة الصف العربي وعملت على نشر الفوضى والقلاقل في المنطقة، هذه هي المواقف التي لا يجرؤ أصحابها على الإعلان عنها ويعتقدون أنهم يستطيعون خداع الأمة العربية والإسلامية مع أن أعمالهم تنطق عن سوء نيّاتهم بأفصح لسان».
ورأت الفقرة الرابعة من البيان أن «ادّعاء السيد الشرع أن اتفاق مكة تم الاتفاق عليه وعلى بنوده في دمشق يمثّل إهانة لا تغتفر للقادة الفلسطينيين، فلقد شهد العالم العربي والإسلامي بأسره كيف بادرت المملكة إلى دعوة الإخوة الفلسطينيين إلى اللقاء في مكة بهدف وقف النزف في فلسطين الغالية، في الوقت الذي لم نسمع فيه للسيد الشرع كلمة واحدة تعبّر عن الأسى لما يدور في فلسطين. كما أن العالم بأسره تابع تفاصيل المحادثات في مكة وكيف انتهت باتفاق مشرّف، ولا تود المملكة أن تضيف شيئاً إلى هذا الموضوع، فالإخوة الفلسطينيون قادرون على توضيح مواقفهم وتبرئة أنفسهم من العمالة لأي دولة على النحو الذي لمّح إليه السيد الشرع».
واختتم المصدر تصريحه بالتأكيد على «أن الأخوّة بين الشعبين الشقيقين السوري والسعودي أخوة حقيقة صمدت عبر مختلف المحن والأزمات، وتجلّت في بقاء القوات السعودية سنوات في الجولان تشارك في شرف الدفاع عن سوريا وفي مساهمة القوات السورية الباسلة في تحرير الكويت. وهذه الأخوّة، التي يحرص عليها كل مواطن سوري وكل مواطن سعودي، ستبقى وتقوى رغم الأصوات المنكرة التي ستذهب ويذهب أصحابها أدراج الرياح».
(واس، الأخبار)