strong>«حزب الله» يدرس مشاركته في حوار باريس بعد اتهام ساركوزي له بـ«الإرهاب» وبري ينتقد إيمييه
لم تخرج زيارة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الى دمشق بأي جديد. ويبدو، بحسب ما توافر من معطيات، أن موسى الذي كان يأمل العودة سريعاً الى بيروت، سيجري مزيداً من المحادثات الإقليمية، بعدما تبيّن أن العلاقات السورية ـــــ السعودية لا تزال على تدهورها، وهو الأمر الذي أدى الى إلغاء، أو إرجاء، زيارة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الى دمشق أكثر من مرة.
وبحسب وكالة «سانا» السورية، فإن موسى أطلع الرئيس السوري بشار الأسد على «نتائج زيارته الى بيروت وسبل استئناف جهود الوساطة التي يقوم بها لإيجاد صيغة توافقية للحل بين الأطراف اللبنانية. وسمع منه دعم سوريا لمهمته الهادفة الى تحقيق التوافق بين الاطراف اللبنانية لتأليف حكومة وحدة وطنية في لبنان».
ووصف موسى محادثاته مع الأسد ونائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم بأنها كانت «في غاية الأهمية»، وقال إنه «مرتاح جداً» لنتائج هذه المحادثات، رغم أن «أموراً كثيرة لم تحل بعد، لكن يجري العمل على حلها». وأكد أنه سيواصل مساعيه لحل الأزمة اللبنانية رغم الصعوبات التي تعترضه، منتقداً وسائل إعلام لبنانية تحدثت عن انحيازه إلى طرف ضد آخر. وأكّد أن هناك «توافقاً سورياً ـــــ سعودياً في الرأي يتصاعد» لإحداث تقدم في اتجاه إيجاد حل.
وذكرت المعلومات أن موسى طالب الجانب السوري بالمساعدة والضغط على حلفائه اللبنانيين، إلا أن الرد جاء بالتشديد على ضرورة توافق اللبنانيين في ما بينهم أساساً للحل، مع التأكيد على أن دمشق تدعم كل ما يتفاهم عليه اللبنانيون، وتحض الأمين العام على المضي في مساعيه للتقريب بين اللبنانيين وتشجيعهم على استئناف الحوار.
ولدى إثارة موسى مسألة ضبط الحدود اللبنانية ـــــ السورية، لفت المسؤولون السوريون موسى إلى أنه سبق لدول أوروبية أن وعدت دمشق بتزويدها معدات وتجهيزات تقنية متطورة للمساعدة في ذلك، إلا أنها لم تف بوعودها حتى الساعة، واعتبروا أن الأهم في هذه المسألة والأجدى هو قيام تنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري لوضع الحدود «تحت المجهر»، والحد من عمليات التهريب على أنواعها. وفيما استغرب الجانب السوري الحديث عن عزم لبنان على الاستعانة بمراقبين دوليين، تساءل عما إذا كان عددهم سيبلغ 320 مراقباً، بحيث يوضع مراقب واحد عند كل كيلومتر نظراً إلى أن الحدود بين البلدين يبلغ طولها نحو 320 كيلومتراً.
ساركوزي و«حزب الله»
من جهة أخرى، وفي موقف لافت لم يعرف بعد ما إذا كان سيؤثر على اللقاء الحواري المقرر في باريس نهاية الأسبوع الجاري، أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن «هدفه هو أن يوقف حزب الله أعماله الإرهابية». وجاء موقف ساركوزي لدى استقباله عائلات الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى «حزب الله» و«حماس»، وقال المتحدث الرئاسي دافيد مارتينون إن الرئيس الفرنسي وصف حزب الله بأنه «إرهابي»، وهو ما ذكره مسؤولو المنظمات اليهودية الذين كانوا يرافقون العائلات.
وقال مصدر قيادي في الحزب إن الموقف قيد الدرس، وإنه لم يُتخذ قرار في شأن تأثير هذا الموقف على قرار المشاركة في لقاء سان كلو.
بري وإيمييه
من جهته، شنّ الرئيس نبيه بري هجوماً عنيفاً على السفير الفرنسي برنار إيمييه، متهماً إياه بالعمل ضد لقاء باريس الحواري. وقال بري أمام مجلس نقابة المحررين: «إن الحكومة الحالية غير شرعية ولو أخذت آلاف الشهادات على غرار الشهادة التي قدّمها الرئيس، عفواً، السفير الفرنسي البارحة. ما كنت أعلمه أن الشعب الفرنسي انتخب السيد نيكولا ساركوزي رئيساً للجمهورية، ولم أكن أعلم أنه انتخب سفيراً كرئيس لما وراء البحار، يخطط لسياسة فرنسا في العهد الجديد». وإذ رأى «أن الموقف المنحاز الذي اتخذه السفير إيمييه في أحسن الحالات هو موقف ضد لقاء الحوار الذي سيعقد في سان كلو في فرنسا»، أعلن بري «أن خير جواب عليه أننا سنصرّ على حضور مؤتمر فرنسا وتلبية الدعوة الفرنسية مشكورة في محاولة للإسهام في تخفيف الحدة بين اللبنانيين، لا زيادة التوتير في ما بينهم».
جريمة الجميل
الى ذلك تواصلت التحقيقات في جريمة اغتيال الوزير السابق بيار الجميل والفحوصات الخاصة بسيارة «هوندا» يعتقد أنها استخدمت في تنفيذ الجريمة، وعلم أن مكتب مكافحة جرائم السرقات الدولية التابع لقسم المباحث الجنائية الخاصة في الشرطة القضائية تلقّى قبل حوالى سبعة أشهر كتاباًً من مكتب الانتربول في دمشق، يفيد بوجود سيارة من نوع «هوندا ــ سي. أر. في» سوداء اللون، تحمل لوحة تسجيل من إمارة الشارقة، وفي داخلها لوحة تسجيل لبنانية. وطلب المكتب إفادته بإمكان أن تكون هذه السيارة مسروقة من لبنان. وأُبلغ النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا بالأمر، وتمت مراسلة مكتب الانتربول في دمشق لسؤاله عن رقم الهيكل، الذي جرت مطابقته مع السجلات اللبنانية، فتبيّن أن السيارة سرقت من برمانا قبل حوالى شهرين من اغتيال الجميل، وأنها تعود الى ج. ك.، الموظف في إحدى شركات التأمين، وأن الأخير قبض من الشركة بدل بوليصة تأمين سرقة سيارته. عندها، طلبت الأجهزة المختصة في لبنان من أنتربول دمشق تسليم السيارة مع كامل التحقيقات المتعلقة بالأشخاص الذين أوقفتهم السلطات السورية للاشتباه بوجود علاقة لهم بالسيارة المسروقة، فأجابت السلطات السورية بأنها مستعدة لتسليم السيارة لصاحبها، لكنها تحفّظت عن تسليم محاضر التحقيق المتعلقة بقضية العثور عليها. وجرى إعلام صاحب السيارة بالأمر، فتوجه موظف من شركة التأمين لتسلّمها، وواكبته دورية من مكتب مكافحة جرائم السرقات الدولية. وبعدها مباشرة، تسلّمت الدورية السيارة التي نقلت إلى مركز قسم المباحث الجنائية الخاصة في ثكنة العقيد جوزف ضاهر على جادة الرئيس كميل شمعون، حيث أجرى خبراء الأدلة الجنائية كشفاً دقيقاً عليها، وجمعت منها عيّنات وضّبت بطريقة تحفظها من العوامل الخارجية والتلف. وتبيّن أن السيارة مصابة بطلق ناري من الزجاج الأمامي ومستقر في سقفها، كما وجد في داخلها عدد من المظاريف الفارغة من عيارات مختلفة، معظمها من عيار الطلقات نفسها التي استخدمت في اغتيال الجميل. وبناءً على إشارة القاضي ميرزا، سلّمت هذه العينات إلى لجنة التنحقيق الدولية لإجراء فحوص معمّقة عليها خارج لبنان، ثم سُلّمت السيارة إلى فرع المعلومات لمتابعة التنسيق مع اللجنة، ومتابعة التحقيق المتعلق بالسيارة مع عناصر «فتح الإسلام» الذين يتولى الفرع المذكور التحقيق معهم، وخاصة الموقوف أحمد مرعي. يشار إلى أن فرع المعلومات عرض صور موقوفي «فتح الإسلام» وصور جثث القتلى على الشهود في قضية اغتيال الوزير الجميل، ولكن حتى أمس، لم يتعرّف هؤلاء على أيّ منهم.
«حزب الله» و«اليونيفيل»
من جهة أخرى، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المسؤول في «حزب الله» حسن عز الدين أن وفداً من الحزب برئاسة النائب محمد رعد عقد اجتماعاً مع قيادة الكتيبة الإسبانية العاملة ضمن «اليونيفيل» في مدينة الخيام، فضلاً عن اجتماعين آخرين عُقدا في مقر السفارة الإسبانية في بيروت.
ورفض عز الدين الإفصاح عما إذا كانت هذه اللقاءات قد جاءت بناءً على طلب حزبه أم القوة الإسبانية. وأكد أن علاقة الحزب بالقوات الدولية «طبيعية وإيجابية. ولا أعتقد أنهم سيتجاوزون نطاق مهمتهم» التي تتمثل في «مساعدة الجيش وحفظ الهدوء لا نزع سلاح حزب الله»، مؤكداً أن الحزب «لا يفكر في تسليم سلاحه» وأنه «مستعد لحرب أخرى وشيكة مع إسرائيل».