سارعت الرئاسة الفرنسية أمس الى احتواء مضاعفات الموقف الذي أطلقه الرئيس نيكولا ساركوزي من حزب الله أول من أمس واتهمه فيه بأنه تنظيم إرهابي. وأعلن المتحدث باسم الإليزيه، دافيد مارتينون، أن حزب الله «ليس مدرجاً على اللائحة الأوروبية للمنظمات الإرهابية» وفرنسا «لا تنوي» طلب إدراجه عليها، ما فسّر على أنه رسالة تهدف الى منع انفراط عقد لقاء سان كلو الحواري المقرر نهاية هذا الأسبوع في باريس. وكان حزب الله قد أبلغ الجهات الرسمية الفرنسية أن موقف ساركوزي يدفعه إلى إلغاء مشاركته في المؤتمر، وأيّده في ذلك عدد من ممثلي قوى المعارضة، ما دفع بوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الى الطلب مباشرة من ساركوزي توضيح الموقف أو إعلان تأجيل المؤتمر (التفاصيل).
وبحسب المعلومات، فإن الموفد الفرنسي الخاص جان كلود كوسران تولى جانباً كبيراً من الاتصالات، وبقي السفير في بيروت برنار إيمييه بعيداً باعتباره «متهماً» من المعارضة بالعمل على تعطيل المؤتمر.
وقد طلب كوسران من حزب الله عدم إعلان موقفه بانتظار إجراء بعض الاتصالات، قبل أن يعد بأن يصدر بيان رسمي عن الرئاسة الفرنسية. وحصل نقاش حول صياغة الموقف الجديد للرئاسة، قبل الوصول الى الصيغة النهائية، التي لا تنفي كلام ساركوزي أول من أمس أمام عائلات الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حزب الله و«حماس» وتكتفي بالإشارة الى الموقف الفرنسي الرسمي الذي لا يعتبر الحزب إرهابياً.
وكان حزب الله لا يزال أمس يدرس التوضيح الرئاسي الفرنسي قبل إبلاغ باريس موقفه النهائي من المشاركة اليوم. غير أن المناخ بدا أكثر إيجابية بعد صدور الموقف ليل أمس عن مارتينون، الذي قال من تونس، التي يزورها ساركوزي، «إن حزب الله ليس مدرجاً على اللائحة الاوروبية للمنظمات الإرهابية» و«إن فرنسا لا تنوي طلب إدراجه» على هذه اللائحة. وأضاف «إن حزب الله لاعب سياسي مهم في لبنان وهو أحد المكوّنات الأساسية في الحوار الوطني. وبصفته هذه هو مدعوّ الى اللقاءات اللبنانية التي ستعقد في سان كلو».
وأعلن مارتينون أن كوشنير سيتابع هذا الاجتماع بـ«حذافيره» و«في المقابل، لن يعقد أي لقاء بين رئيس الجمهورية والمشاركين اللبنانيين»، مشيراً إلى «أن نيكولا ساركوزي يرغب في أن يصبح حزب الله حزباً لبنانياً يشارك في لعبة الديموقراطية البرلمانية اللبنانية».
وكان موقف ساركوزي أول من أمس قد أثار موجة استياء عارمة في صفوف حزب الله، على مستوى قواعده وقيادته، التي باشرت البحث جدياً في عدم المشاركة في هذا المؤتمر، وتلقت مواقف متضامنة من بقية أطراف المعارضة التي أكدت أنها لن تتوجه إلى سان كلو إن هي قررت عدم المشاركة فيه.
وأبلغ الوزير المستقيل محمد فنيش «الأخبار» أن «الحزب يدرس إمكان عدم حضور هذا المؤتمر لأن تصريحات الرئيس الفرنسي أثارت ضجة كبيرة داخل الحزب وليس سهلاً تجاوزها»، مشيراً إلى «أننا قبلنا الدعوة الى المؤتمر لأننا نريد أن نكون إيجابيين ومرنين، ولكن مع ذلك فإن هذا الأمر لم يؤخذ في الاعتبار». وأضاف إن الموقف الذي عبّرت عنه الناطقة باسم الخارجية الفرنسية باسكال اندرياني من أن «حزب الله يشكّل قوة سياسية مهمة في الحياة السياسية اللبنانية» ليس كافياً لمحو الإساءة التي سبّبها موقف ساركوزي.
وكانت أندرياني قد أعلنت في وقت سابق أمس أن كوشنير تعهد بدعوة حزب الله خلال لقاء سان كلو اللبناني إلى إطلاق الجنديين الاسرائيلييين الأسيرين. وقالت إن «الوزير تعهد بانتهاز فرصة هذا اللقاء للمساعدة في تحقيق تقدم أيضاً في هذا الملف»، مشيرة إلى أن فرنسا تعتبر حزب الله «واحداً من التشكيلات الـ14 الممثلة في البرلمان اللبناني».
وفي السياق، نوّه رئيس كتلة «المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري بـ«الجهود التي يبذلها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والإدارة الفرنسية لإحياء عوامل الحوار بين اللبنانيين». ودعا «جميع الأطراف اللبنانية إلى التعامل بإيجابية مع هذه الجهود».