استحوذت زيارة الموفد الفرنسي جان كلود كوسران الى دمشق على الاهتمام اللبناني، وخصوصاً أنه غادر الى القاهرة لمتابعة البحث في المساعي الخاصة بالأزمة اللبنانية، بينما كان الموقف من نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية محل متابعة، ولا سيما بين قوى فريق 14 آذار التي تواجه نقاشاً داخلياً بعد موقف البطريرك الماروني نصر الله صفير المتمسك بنصاب الثلثين، وموقف «التكتل الطرابلسي» الذي كرّر في اجتماع عقده أمس تأكيد ما أعلنه في مؤتمر سان كلو في هذا الشأن.وفي هذا السياق زار السفير الاميركي جيفري فيلتمان البطريك صفير الذي استقبل أيضاً الدكتور داود الصايغ موفداً من النائب سعد الحريري، فيما لفتت الأنظار زيارة النائب ميشال المر للقاهرة للقاء الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي تلقى اتصالاً من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.
وفي دمشق تبلغ الموفد الفرنسي دعماً سورياً للمساعي التي يبذلها في لبنان والتشديد على دعم كل ما يتوافق عليه اللبنانيون، فيما مثّلت زيارة المبعوث الفرنسي الى العاصمة السورية خطوة متقدمة على صعيد البحث في إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، التي سادها التوتر منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وقد لمّح الى ذلك كل من نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي رأى أن إرسال موفده الى دمشق «بادرة على طريق التهدئة مع سوريا». إلا أن اللافت كان تشكيك واشنطن في هذه «الحركة» الفرنسية. إذ ذكّر الناطق باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك في تصريح أمس بأن «مبادرات عدة حصلت من جانب دول عدة وعدد من الموفدين لإقناع سوريا بتغيير تصرفها ولا نزال ننتظر».
ووصف مصدر سوري مطلع أجواء محادثات كوسران بـ«الإيجابية»، وقال إن الأخير تمنّى على المسؤولين السوريين المساعدة في حلحلة العقد التي تتحكّم بالأزمة اللبنانية، والبحث مع حلفائهم وأصدقائهم اللبنانيين في كل ما من شأنه أن يُسهم في إخراج لبنان من الوضع المضطرب الذي يعيشه. وذكر المصدر أن الجانب السوري نوّه بالمساعي الفرنسية الجارية في هذا الصدد، وأعلن دعمه لكل جهد يُبذل لتقريب وجهات النظر بين اللبنانيين، والتوصل الى تفاهم في ما بينهم، مشيراً الى أن دمشق تدعم كل ما يجمع عليه اللبنانيون.
وذكرت المعلومات أن وجهات النظر بين الجانبين كانت متطابقة في ما يخص «مؤتمر السلام» الذي دعا إليه الرئيس الاميركي جورج بوش، إذ شدّد الجانبان على ضرورة إشراك جميع الأطراف في هذا المؤتمر، لا الاكتفاء بدعوة دول معينة دون أخرى، ولفت كوسران الى الموقف الرسمي الذي صدر عن باريس في هذا الصدد.

شورى الدولة

وفي هذه الأثناء أصدر مجلس شورى الدولة أمس قراره في شأن الطعن بالمرسوم الرقم 493 تاريخ 16/6/2007 الرامي الى دعوة الهيئات الناخبة الفرعية في دائرتي جبل لبنان الثانية وبيروت الثانية لانتخاب بديلين من النائبين بيار الجميل في المتن ووليد عيدو في بيروت. وقضى القرار برد الدفع لعدم توافر عناصر الصفة والمصلحة لتقديم هذه المراجعة ووقف تنفيذ المرسوم المذكور جزئياً لجهة دعوة الهيئات الناخبة في دائرة المتن.

مجلس الأمن

الى ذلك، ناقش مجلس الأمن الدولي، في جلسة مغلقة أمس، تقريراً عن تطبيق القرار 1701، وآخر من البعثة المستقلة للتحقق من تطبيق ضبط الحدود اللبنانية ـــــ السورية، ولم يتم التوصل إلى اتفاق على بيان مشترك. واستمع المجلس إلى تقرير قدمه منسق عملية السلام في الشرق الأوسط مايكل وليامز الذي تمسّك بما جاء في التقريرين نصاً وروحاً، رغم الانتقادات والتحفّظات الكثيرة عليهما من عدد من الوفود.
وأكد وليامز أن النقاش تركز على أسباب الصراع المتمثلة في «خطف الجنديين غولدفاسر وريغيف»، معرباً عن أسفه لعدم الإفراج عنهما، وواصفاً المفاوضات حول الأسرى بأنها «دقيقة، والعمل مستمر للإفراج عنهم»، وتمنّى أن يبادر الحزب إلى إثبات سلامتهما، مشيراً الى أن 20 اجتماعاً عقدت مع ممثلي «حزب الله»، وبلغت المفاوضات مراحل «حاسمة إلى حدّ أنها كانت معرّضة للانهيار». لكنه أعرب عن ارتياحه لأنها لم تنهر. كما أكد أن هناك تقدماً في موضوع مزارع شبعا وتحديد هويتها، لكنه حمّل سوريا بعض التقصير في هذه الناحية. ونوّه بتقرير بعثة الحدود وأكد أن معظم المعلومات في التقارير الدولية جاءت من الحكومة اللبنانية.

مخيم نهر البارد

الى ذلك طرأ أمس أكثر من تطور أمني وسياسي في مخيم نهر البارد، بعد مرور شهرين على اندلاع الاشتباكات، وسط دلائل على أن المعركة العسكرية شارفت على الانتهاء، حسب ما أوضح مصدر عسكري لـ«الأخبار»، مشيراً الى أن الجيش أحرز تقدماً واسعاً في اتجاه حي سعسع، وتوغل من ناحية المدخل الجنوبي عبر الطريق الرئيسي وسط الحي، وصولاً الى مقر التنظيم الواقع في منتصف الطريق. وتحدثت معلومات عن تمكّن الجيش من السيطرة على أجزاء من المخيم، وقال مصدر عسكري «إن القتال يدور في دائرة لا تتجاوز 200 متر مربع». وقد عثر الجيش على مقبرة جماعية لمسلحي «فتح الإسلام»، وتحدثت المعلومات الأولية عن انتشال نحو 35 جثة منها، اضافة إلى وجود 74 جثة للمسلحين في مستشفى طرابلس الحكومي.
في المقابل، برزت أمس إطلالة المتحدث الإعلامي باسم الحركة أبو سليم طه عبر قناة «الجزيرة» بعدما اختفى عن الأنظار منذ أواخر الشهر الماضي تقريباً، ليشير الى أنه «لا مانع من العودة الى المسار السياسي لإيجاد حل لقضية مخيم نهر البارد، وأن الكرة الآن في ملعب الطرف الآخر، وليست في ملعب الجيش اللبناني، بل في ملعب من يقف خلفه، ومن ورّطه في هذه الأزمة».