strong>السنيورة يطلب دعماً لتعديل مهمات الطوارئ جنوباً وتوسيعها شرقاً... و«اليونيفيل» تريد طلعات تجسّس لطائراتها
أعاد انتقال المباحثات مجدداً إلى الخارج تسليط الضوء على البرامج الغربية المقررة للبنان، حيث يتوقع أن يبحث مجلس الأمن خلال الأيام المقبلة توصية بنشر مراقبين دوليين على حدوده مع سوريا، في خطوة كانت أمس البند الرئيسي في محادثات الرئيس فؤاد السنيورة مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في باريس، التي شهدت اتصالات لافتة لناحية ما أشار إليه الوزير طارق متري عن الحاجة إلى تعديلات في قواعد عمل قوات الطوارئ جنوباً، وهو ما استدعى اتصالات سياسية وغير سياسية، محذرة من خطورة استغلال جريمة تفجير الدورية الإسبانية من أجل تعديل قواعد الاشتباك الخاصة بقوات اليونيفيل.
ووردت من العاصمة الفرنسية معلومات عن مداولات جرت على هامش الاجتماعات التي عقدت بين عدد من زوارها، وشارك فيها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وقد تضمنت هذه المعلومات «إشارة إلى احتمال قيامه بتسليم مجلس وزراء الخارجية في الجامعة تقريراً عن مهمته يتهم فيه المعارضة بعرقلة مساعيه»، وهو ما رأت فيه مصادر في المعارضة «مؤشرات سلبية للغاية»، محذرة بأنها ستضطر «إلى الكشف على محاضر اللقاءات التي تثبت العكس».
ونقل مراسل «الأخبار» في باريس عن مصدر قريب من موسى قوله «إن كلاً من أعضاء وفد الجامعة قد أرسل تقريره الخاص إلى حكومته، ما دلّ على عدم توافق بينهم على استخلاص النتائج»، مشيراً إلى أن الأمين العام سيزور طهران ودمشق «قريباً جداً».

محادثات باريس

واستقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أمس، الرئيس السنيورة وبحث معه في ملفات كثيرة، أبرزها الجانب الأمني. وقالت مصادر مرافقة للسنيورة إن الوضع الأمني «كان مدار بحث عميق خلافاً للاعتقاد بأن إحياء المبادرة الفرنسية يمكن أن يكون محور الاجتماع». وقال مصدر مقرّب من الإليزيه إن «الكلام الذي بدأ عن لبنان، استدار فجأة إلى مسألة دارفور، ما يؤكد الخوف الفرنسي من انفجار الوضع في لبنان في ضوء مجريات الأمور على الأرض. كما تطرق الحديث إلى القوة المختلطة المزمع إنشاؤها في دارفور، ما يجعل موضوع ضبط الحدود السورية ـــــ اللبنانية عنوان المرحلة المقبلة».
وإذ دعا السنيورة بعد لقائه ساركوزي إلى «عدم إذكاء التوقعات الكبرى» من اللقاء الحواري في باريس، قال المتحدث الرسمي باسم الإليزيه دافييد مارتينو إن مشروع اللقاء «لا يزال قائماً»، لكن موعده لم يحدد.
وأكدت مصادر موثوق بها أن ملف مزارع شبعا تصدّر واجهة النقاش. وقالت إن السنيورة نقل طلباً من ساركوزي إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتحريك هذا الملف بشكل منفصل عن تطبيق القرار ١٧٠١، وطالبه بوضع تقرير مستقل عن وضع الحدود من دون أن تشير المصادر إلى ما إذا كان المقصود مجمل حدود لبنان بما فيها الحدود مع سوريا أم فقط ما يتعلق بالحدود مع إسرائيل.
أما في شأن اللقاء مع وزيرة الخارجية الأميركية، فقالت المصادر القريبة من السنيورة، لـ«الأخبار»، إنه استمر 90 دقيقة تخلّلته خلوة ثنائية دامت 75 دقيقة، تركز النقاش خلالها على «ضرورة جعل مسألة ضبط الحدود مع سوريا محور العمل في الأسابيع القليلة المقبلة»، وأن رايس أكدت اهتمام الإدارة الأميركية بـ«ضبط الحدود».
أما رايس، فقد أعربت من جهتها عن «إعجابها الكبير بقيادة السنيورة وحكومته المنتخبة ديموقراطياً»، معتبرةً أن «هذه الحكومة تعمل لمصلحة اللبنانيين والديموقراطية».
في المقابل، قال السنيورة إنه لمس من رايس «التزاماً بمساعدة لبنان» وتأكيدها مواصلة المساعدات العسكرية الأميركية له.
وقالت مصادر الوفد الأميركي إن «رايس أشارت إلى القلق الأميركي من إطالة أمد القتال في مخيم نهر البارد»، وأكدت دعمها لحكومة السنيورة في حربها «ضد الإرهاب الذي تجسّده منظمة فتح الإسلام».

البعثة الدولية

وفي السياق نفسه، أكد تقرير فريق عمل تابع للأمم المتحدة، أمس، ضرورة نشر خبراء دوليين لمساعدة أجهزة الأمن اللبنانية على وقف تهريب الأسلحة من سوريا. وقال الفريق، الذي كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أرسله لتقويم مراقبة الحدود بين لبنان وسوريا، «إن الوضع الحالي للأمن على الحدود غير كاف لمنع التهريب، وخاصة تهريب الأسلحة». ودعا، في تقرير تسلّمه بان، إلى نشر «خبراء دوليين في أمن الحدود» لدعم «قوة متحركة مشتركة» جديدة من أجهزة لبنانية متعددة قادرة على القيام بعمل أفضل في مجال منع تهريب الأسلحة.
وأوضح التقرير أن «هناك إمكانية كبيرة لتحسين الأمن على الحدود اللبنانية، لكن قسماً من هذا التقدم لا يمكن تحقيقه إلا بمساعدة الأسرة الدولية». وأوصى فريق التقويم، الذي كان برئاسة الدانماركي لايس كريستينسن، بأن يشكل لبنان «قوة متحركة مكلفة التصدي لتهريب الأسلحة، وعلى أن تقوم بعمليات مصادرة في أقرب مهلة عن طريق وسائل استخبارية واعتراضية». ودعا أيضاً سوريا إلى التعاون «من أجل فرض الأمن على الحدود ومنع النشاطات غير الشرعية التي تتم عبر الحدود».
وقالت المتحدثة باسم بان، ميشال مونتاس، إنها لا تدري متى سيناقش مجلس الأمن الدولي التقرير المتعلق بتطبيق القرار 1701، رغم أن الأمين العام تلقاه منذ بعض الوقت، لكنه لم يحله بعد إلى المجلس. وتوقعت إحالته خلال الأسبوع الجاري.
وأكدت مونتاس أن اجتماع بان مع السنيورة جاء بناءً على طلب الأخير، ولم يستغرق سوى عشر دقائق تركز النقاش خلاله على وضع قوات الطوارئ الدولية وتطبيق القرار 1701.

اليونيفيل

وبينما استمرت التحقيقات في شأن تفجير دورية الوحدة الإسبانية بمشاركة أجهزة أمنية عديدة وبتعاون مع «حزب الله»، ذكرت بعض المصادر أن المؤشرات التقنية والأمنية وبعض المعطيات ترجّح وقوف تنظيم «القاعدة» وراء الهجوم، مع ملامح حول تورط مجموعات إسلامية متشددة تتواجد في بعض مخيمات لبنان، ولها علاقة بالقاعدة في تنفيذ الهجوم.
لكن الجديد كان ما أعلنه الوزير متري من أن السنيورة بحث مع الأمين العام للأمم المتحدة الوضع على الحدود مع سوريا، مشدداً على «أن استهداف اليونيفيل يفتح الباب أمام البحث في مجمل الوضع الأمني في لبنان». ورأى أن التفجير الذي حصل يقتضي «مراجعة قواعد الاشتباك» التي رسمت لـ«اليونيفيل» من دون تعديل مهماتها.
وعلم أن تصريح متري لفت انتباه جهات لبنانية عسكرية وسياسية أشارت إلى أن المهمات المتعلقة بالحركة اليومية للقوات الدولية تندرج في إطار تفاهم موقّع بينها وبين قيادة الجيش اللبناني، وأن الأمر لا يتعلق بصلاحيات آخرين. كما علم أن القوات الدولية جنوباً تناقش الآن إمكانية طلب صلاحيات أخرى مثل نشر حواجز ثابتة أو متحركة من قبلها وتفتيش السيارات والمارة والأمكنة من دون العودة إلى الجيش، أو استخدام طائرات تجسس من دون طيار فوق مناطق عملها، وهو الأمر الذي يخالف التفاهمات التي رافقت انتشار القوات الدولية بعد توقف العدوان الإسرائيلي، ولا يرجح أن توافق المقاومة على ذلك.

مخيم البارد

وعلى جبهة مخيّم نهر البارد، حصلت تطورات ميدانية تشير إلى آلية من الجيش لمتابعة مختلفة للوضع هناك؛ فقد باشر الجيش بإقامة سواتر ترابية كبيرة على مداخل المخيم. وتحدثت معلومات وسطاء عن مشروع اتفاق يمكن أن يتم التوصل إليه اليوم. وعلم أن تحضيرات مستمرة لعقد لقاء بين قيادة الجيش ووفد من «رابطة علماء فلسطين»، وسط حديث عن مرونة من قبل الجيش تمثلت في حصر «المطالبة الآن بتسليم قائد الحركة شاكر العبسي ونائبه شهاب قدور (أبو هريرة) حصراً، ولو كانا جثتين»، معتبرة ذلك بمثابة «مفتاح الحلّ لنجاح أيّ مبادرة»، ومبدية في المقابل «تساهلاً حيال مناقشة بقية التفاصيل الأخرى المطروحة في المبادرات».
وشهدت المعارك أمس تحوّلاً تكتيكياً هاماً لمصلحة الجيش الذي يطوّر على نحو ملحوظ أساليب وطرق تعامله مع عمليات الكرّ والفرّ. وقد استطاعت وحداته أن تكمن لعناصر «فتح الإسلام» وتوقع في صفوفهم إصابات كبيرة، حيث تحدثت معلومات عن سقوط نحو 15 مسلحاً في تلك العملية بين قتيل وجريح، في معركة عنيفة استمرت حتى ما بعد ظهر أمس.
وفي مخيم عين الحلوة، ارتفعت فجأة أكياس الرمل وكأن الحرب مقبلة، ما جعل سكان المخيم ومحلة التعمير ينتابهم الخوف والهلع لمشاهدتهم متاريس الرمل ترتفع في بعض شوارع وسطوح التعمير ومخيم الطوارئ من «عصبة الأنصار» و«جند الشام»، رداً على متاريس أقامها الكفاح المسلح وحركة «فتح» عند المدخلين «التحتاني والفوقاني» للمخيم.