الموالاة تفتح «صفحة جديدة» والحريري يريد لقاء رئيس المجلس ونصر اللّه وعون وفرنسا تشجّع على التغيير
ردّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على دعوة «قوى 14آذار» إلى «الحوار والتلاقي» أمس، معلناً أنّه «لا حوار قبل استقالة الحكومة، وبعدها نناقش القضايا الخلافية ونتّفق على برنامج عمل الحكومة الجديدة». ورشح لـ«الأخبار» من المحادثات التي يجريها العماد ميشال عون، الذي كان له لقاء جديد أمس مع وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، أن باريس شددت على أهمية إجراء تغيير حكومي في لبنان بعدما أُقرت المحكمة الدولية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لأنها ترى أنه لم يعد في إمكانها التعاطي مع لبنان من خلال طرف واحد.
وكانت قوى 14 آذار قد استتبعت احتفالها أمس بإقرار المحكمة الدولية بإطلاق مبادرة سياسية دعت فيها المعارضة الى إعادة إحياء ما سمّته «التسوية التاريخية» المنطلقة من صيغة 1943 والتي عاود اتفاق الطائف إحياءها عام 1989. كما طرحت تغيير «الزمن اللبناني» عبر خطوات اعتبرتها «ثوابت وطنية» تتعلق بالتركيبة اللبنانية بعيداً عن أي ثنائيات أو ثلاثيات طائفية. كما تتضمّن «الثوابت» الالتزام بإعلان الرياض الأخير بما يخص الصراع العربي الإسرائيلي، وكذلك اعتراف سوريا بنهائية الكيان اللبناني وإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين. وأعلنت أنها «تمدّ يدها للجميع بلا استثناء... لتوفير المناخات الملائمة لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، تليها حكومة وحدة وطنية تنهض بكل مستلزمات الشراكة الوطنية».
وقبيل إعلان قوى 14 آذار وثيقتها السياسية إثر اجتماعها في قريطم، تلقى بري اتصالاً من الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي استطلع منه طبيعة التطورات الجارية وإمكان معاودة الحوار في ضوء سماعه تصريحات رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري التي دعا فيها الى الحوار. وعلمت «الأخبار» أن بري قال لموسى: إنك تعرف جيداً ما قدمته من مبادرات وما قمت به من مساعٍ للخروج من المأزق السياسي. وفي أي حال سنرى ماذا سيطرحون في مبادرتهم وما إذا كانت هناك مسارب لحلول معقولة وسنبني على الشيء مقتضاه».
ونقل زوار بري عنه قوله أمس: «لقد ثبت بالملموس وبالدليل القاطع أن فريق السلطة لا يريد المحكمة وإنما يريد التحكم والاستثمار على المحكمة». وأضاف: «لقد كانت حجتهم في رفض حكومة الوحدة الوطنية وإعطاء الثلث الضامن للمعارضة فيها أنهم يخافون من تعطيل إنشاء المحكمة الدولية. واليوم يقولون إن المحكمة صارت وراءنا، فلماذا لا يتجاوبون مع طرح حكومة الوحدة الوطنية؟» وقال: «الواضح أنهم لجأوا الى ربط حكومة الوحدة الوطنية بمشجب آخر هو رئاسة الجمهورية، وسيعتبرون أن طرح المعارضة تأليف حكومة إنقاذ أو حكومة طوارئ أو حكومة وحدة وطنية هو لتعطيل الاستحقاق الرئاسي. ربما أصبحت الحكومة وراء ظهورهم، ولكن المحكمة ما زالت أمامهم لأنهم مصمّمون على السير بها قدماً، ولكن لا تزال أمامها مسيرة صعبة ومعقدة لكي تُنشأ».
ورد بري على دعوة قوى 14آذار الى الحوار بالقول: «لا حوار قبل استقالة الحكومة. وبعدها نناقش القضايا الخلافية ونتفق على برنامج عمل الحكومة الجديدة».
الحريري والحوار
وبعيد اجتماع 14 آذار في قريطم، أطل النائب سعد الحريري من شاشة «ال. بي. سي» ليعلن رغبته في لقاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «حتى قبل إجراء أي حوار»، وكذلك الرئيس بري والعماد ميشال عون، معلناً موافقته المبدئية على تأليف حكومة وحدة وطنية ومشدداً على انتخاب رئيس جديد للجمهورية من قوى 14 آذار. وأكد «اننا لا نضع شروطاً لأي حوار ونقبل بحكومة وحدة وطنية بعد أن نلتقي ونتحدث بالأمر». وأضاف: «نحن مستعدون لحوار جدي وبناء يشمل كل المواضيع لتفادي كل الفخاخ الإسرائيلية والسورية التي تنصب للبنان».
وأشار الى أنه لا علاقة لحزب الله بكل جرائم الاغتيال التي حصلت، وأن الحزب يؤيّد المحكمة والإجماع اللبناني عليها، لكنه محرج مع النظام السوري «وعميحاول يحميه».
وفي حوار أجرته معه وكالة «رويترز»، قال الحريري الذي اتصل بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، إن قادة المعارضة ومن بينهم بري ونصر الله «كانوا تحت تهديد سوريا وهم مجبرون على معارضة المحكمة». وأضاف «ما يقتلني هو أن حزباً كحزب الله ليس خائفاً من إسرائيل لكنه خائف من سوريا».
حزب الله وعون
وفي المقابل، علّق حزب الله على إقرار المحكمة في مجلس الأمن فرأى فيه «تجاوزاً للدولة اللبنانية واعتداءً على شؤونها الداخلية ومخالفةً للأصول القانونية ولمواثيق ومبادئ الأمم المتحدة والأهداف التي قامت من أجلها». كذلك رأى أنه بلا صفة شرعية وقانونية. وأضاف إن «فريق السلطة قدم خدمة جليلة للإدارة الأميركية إذ وضع بين يديها ورقة سياسية يمكن أن تستعملها للضغط السياسي».
ومن جهته، أبدى عون خشيته من «تسييس» المحكمة الدولية. وقال في مقابلة مع قسم الفيديو في «وكالة الصحافة الفرنسية» في باريس: «نخشى تسييس هذه المحكمة. لكن إذا ما عملت مثل محكمة تتولى إحقاق الحق، أعتقد عندها أنها ستكون موضع ترحيب من الجميع في لبنان». لكنه رأى أن التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري لم يفض حتى الآن الى «نتائج دامغة». وأضاف «أتمنى أن يحرز هذا التحقيق نتائج وأن نتوصل أخيراً الى تعيين المتهمين». وقال «إنني لا أرى حتى الآن اتهاماً لسوريا في التحقيق الجاري».
بان والمحكمة
وفي نيويورك، قالت الناطقة باسم الأمانة العامة للأمم المتحدة ميشال مونتاس إن الأمين العام بان كي مون يحترم قرار مجلس الأمن الدولي 1757 بإنشاء المحكمة القائم على مبدأ إنهاء الحصانة، وإنه سيعد تقريراً عن تطبيق القرار بناءً على طلب مجلس الأمن، «لكننا نأمل أن تتمكن الأطراف اللبنانية من بلوغ إجماع قبل العاشر من حزيران».
وسيطلب بان من مكتب الشؤون القانونية تصدّر جهود الأمانة العامة لجعل المحكمة جاهزة للعمل. فهناك مجموعة من الخطوات التي ينبغي اتخاذها، بما في ذلك تحديد مكان المحكمة، وتأمين التمويل اللازم، واختيار القضاة والمدعي العام، وفريق المحكمة.
البارد وعين الحلوة
على صعيد آخر، وفيما كنت المساعي متواصلة لإنهاء أزمة مخيم نهر البارد، اندلعت اشتباكات عند المدخل الشمالي لمخيم عين الحلوة بين عناصر من حركة «فتح» وآخرين من «جند الشام» دامت ربع ساعة واستخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، ممّا ولّد أجواءً من الحذر والقلق في المخيم. وتدخلت القيادات الفلسطينية على الفور لمعالجة ذيول الاشتباك، ونجحت في وقف إطلاق النار وسحب المسلحين. وذكرت مصادر أمنية فلسطينية لـ«الأخبار» أن الاشتباك وقع عندما أطلق أحد عناصر «جند الشام» النار على عنصر فتحاوي على خلفيّة الإشكال الذي وقع بين فتح وجند الشام قبل شهر والذي أدّى إلى مقتل عنصرين من حركة فتح. وقد اتخذ الجيش اللبناني إجراءات عسكرية وقائية في تعمير عين الحلوة ومحيط المخيم وسيّر دوريات مؤلّلة في شوارع صيدا.
وعلى جبهة مخيم نهر البارد، كشفت مصادر فلسطينية لـ«الأخبار» أن الوساطة التي يقودها وفد علماء فلسطين تتقدم على ما عداها من المشاريع الأخرى التي طرحتها فصائل فلسطينية. وذكرت أن هذه الوساطة اصطدمت بعد اللقاء الطويل مع شاكر العبسي برفض قيادة «فتح الإسلام» تلبية مطلب تسليم المطلوبين العرب منها، ولا سيما منهم السعوديين والعراقيين والجزائريين، وكذلك المطلوبون لدى القضاء العسكري اللبناني الذين اعتدوا على الجيش.
وأضافت المصادر إن العلماء طرحوا فكرة تسليم المخيم الى قوة فلسطينية مشتركة من الفصائل الموجودة فيه. فأصر مسؤولو فتح الإسلام على التفاهم المسبق على مراكز وجود الجيش اللبناني وهذه الفصائل واعترضوا على مشاركة بعض الفصائل التي يسمّونها «يسارية». لكن الفصائل رفضت تسلّم أمن المخيم ولا سيما الاحياء السكنية فيه قبل قبول مسلحي فتح الإسلام بمبدأ الانكفاء الى مواقع خلفية تمهيداً لتسليم أسلحتهم وحل التنظيم.