مراوحة في ملف الحكومة وخلاف على الانتخابات ونقاش ربط المحكمة الدولية بنتائج التحقيقات
تترقب البلاد نتائج المحادثات الجارية الآن بوساطة سعودية وإيرانية لمعالجة الازمة الداخلية، في وقت بدا فيه أن فريق السلطة يستعجل عودة الأمين العام للجامعة العربية عمر موسى الذي يفترض أن يصل بيروت قبل العاشر من الشهر الجاري بحسب معلومات فريق السلطة، بينما قالت أوساط المعارضة إنها لم تطلب منه ذلك وإنه أبلغ الرئيس نبيه بري أنه ينتظر تبلغه نتائج إيجابية عن المحادثات حتى يثبت عودته الى بيروت وهو الذي يتوجه الى روسيا خلال الساعات المقبلة.
وبينما أشيع مناخ إيجابي لم تكن له علاماته الواضحة، أبلغ السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة “الأخبار” أنه لم “يحرز أي تقدم بعد على صعيد حلحلة الأزمة دون أن يفقد الأمل بذلك”، بينما كشف مرجع كبير لـ“الأخبار” عن نقاط البحث الجارية التي تعمد طهران والرياض الى إبلاغ نتائجها تباعاً الى الجهات اللبنانية، دون ان يبدي هذا المرجع تفاؤلاً كبيراً.
وقال “إن المشكلة تتركز على موضوعي الحكومة والمحكمة. وإن هناك ميلاً لترك ملف الانتخابات النيابية والرئاسية الى المجلس النيابي الذي يمكنه معالجتهما في أي وقت، والمهم هو حصول اتفاق على الموضوعين الاولين أي الحكومة والمحكمة، حيث تريد السلطة الاكتفاء بإقرار قانون الانتخابات الآن وترك أمر تحديد موعد حصولها إما الى موعدها الدستوري أو الى توافق من نوع مختلف يتم في المجلس ويشمل الملف الرئاسي”.
وأشار الى “أن موضوع الحكومة قد حسم من خلال الاتصالات والمساعي السعودية ــــــ الايرانية على قاعدة تشكيلة وزارية تكون حصة السلطة فيها 19 وزيراً مقابل 11 وزيراً للمعارضة وان الجانب السعودي ابلغ الجانب الايراني قبول فريق السلطة بهذه التوزيعة الوزارية، ولكن هذا الأمر عاد وتعثر ولم يؤكّده بعد فريق السلطة في لبنان الذي اشترط من جديد إقراراً للمحكمة أولاً وشدد على انه يريد ذلك الآن وقبل انتهاء التحقيق الذي تجريه لجنة التحقيق الدولية، وهو الاقتراح الذي نوقش في اجتماع أخيراً بين السعودية وإيران”.
وحسب المعلومات الواردة فإن الجانب السعودي يدعو الى تأليف فوري للجنة القضائية المشتركة بين السلطة والمعارضة لدرس تعديلات مشروع المحكمة وأن يتم في ضوئها إعداد المقترح الى الحكومة، علماً بأن المعارضة أبلغت الرياض كما طهران أنه لا داعي لربط ملف المحكمة بملف الحكومة، لأن المعارضة أقرت بمبدأ المحكمة، وان هناك نقاشاً خلافياً مستمراً حول طريقة تأليفها، حيث تصر الموالاة على أن تضم القاضيين رالف رياشي وشكري صادر للدفاع عن النظام القائم حالياً إضافة الى اثنين عن كل فريق، وهو الأمر الذي لا ترى المعارضة موجباً له.
وأكد المرجع “ان المعالجة تتعثر عند موضوع المحكمة وأن المشكلة في هذا الاطار تتخطى البندين المتعلقين بموضوعي الترابط بين الجرائم والرئيس والمرؤوس”. وقال إنه “يتفهم الموقف الذي تتخذه المعارضة في ضوء ما صدر من مواقف عن النائب وليد جنبلاط والوزير مروان حمادة تتهم حزب الله بالتورط في جرائم الاغتيال”. وأضاف “ان المهم الآن هو تجنيب البلاد أي مخاطر جديدة بعد كل ما جرى الأسبوع الماضي وقبله، ولذلك فإن المطلوب أن يتوافر حل للأزمة خلال عشرة أيام لتجنيب البلاد ما قد يحيق بها من أخطار”. ورأى “أن مفتاح الحل للأزمة اللبنانية يبدأ بتطبيع العلاقة بين السعودية وسوريا، وأن إيران تؤدي دوراً مهماً في هذا المجال”.
وحسب المصادر المطلعة فإن النائب سعد الحريري فشل في انتزاع موافقة روسية على توجه الحكومة الحالية، وان الاعتراض الروسي تجلى اولاً في عدم اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الحريري، كذلك رفض رئيس مجلس الدوما الروسي عقد الاجتماع وأحاله الى احد نوابه. علماً بأن السعودية ضغطت باتجاه ترتيب زيارة ناجحة للحريري، قبل انتقال رئيس مجلس الأمن القومي السعودي بندر بن سلطان الى موسكو قريباً جداً للبحث في ترتيبات زيارة بوتين الى السعودية.
وكان لافتاً ما أعلنه رئيس لجنة الشؤون الدولية في الدوما الروسي قسطنطين كوساتشوف بأن روسيا لا تؤيّد التسرع غير الضروري في التحقيق في قضية اغتيال الحريري، وتدعو إلى تنظيم العمل في هذا المجال على النحو الذي يضمن تكاتف المجتمع اللبناني لا إحداث انشقاق فيه. وذكرت وكالة أنباء “نوفوستي” ان كوساتشوف عبّر عن هذا الموقف بعد استقباله الحريري. وأكد أن روسيا تؤيد إنشاء المحكمة لكن من الضروري الأخذ في الاعتبار كل التفاصيل والجوانب القانونية لهذه القضية”.
أما رئيس مجلس الأمن القومي إيغور إيفانوف فقال بعد اجتماعه مع الحريري “إن المحكمة يجب أن تؤسس لهدف محدد هو تحديد من قام بهذه العملية الارهابية ومن خطط لها ومن وقف وراءها، وإنشاء المحكمة يجب ألا يكون مصدراً لعدم الاستقرار في المجتمع اللبناني، بل يجب أن يؤدي الى تضامن القوى السياسية في لبنان”.
جنبلاط والمعارضة
إلى ذلك عقدت امس سلسلة من الاجتماعات الرفيعة بين قادة المعارضة، وجرى تقويم للموقف وإبداء رغبة في إفساح المجال أمام المساعي السياسية، دون التخلي عن أهداف وبرنامج المعارضة، وعلم ان المعارضة تداولت في ما بينها ما وصل من معلومات عن الاتصالات وعن الافق الذي لا يزال مسدوداً، وبدء مناقشة الخطوات اللاحقة في ضوء ما يظهر في الايام المقبلة.
من جانبه قال جنبلاط “إن النقطة الخلافية مع المعارضة وبالتحديد مع حزب الله كانت وستبقى المحكمة الدولية التي إذا ما شكلت نأمل أن تقتص من المجرمين من الجريمة الاولى إلى الأخيرة”. ورأى جنبلاط “ان النظام السوري ضغط على حزب الله وحركة “أمل” وهو بذلك يحمّلهما جزءاً من المسؤولية في جريمة اغتيال الحريري”. وقال: “قبل آخر جلسة تشاور زرت بري وقلت له لماذا تحمّل الشيعة دم الحريري؟ اُخرج من الموضوع. فقال لي: النظام في سوريا لا يريد أن يسمع عن المحكمة”. وقال إن “هناك انتخابات جرت وولاية المجلس تنتهي عام 2009، المعضلة هي المحكمة، ماذا نفعل. إذا بقي المجلس النيابي معطلاً قسراً وغير قسراً من يقول إن هناك انتخابات رئاسية. أرسلنا الى بري دعوة لفتح دورة استثنائية. ليس لمصلحة أحد أن تتكرر تجربة عون”.
التوقيفات الأمنية
يتسلم اليوم مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد 25 موقوفاً لحيازتهم أسلحة وآلات حادة ومقاومة عناصر الجيش بالشدة. وذكرت مصادر القضاء العسكري أن العمل جار لجمع معلومات وتحريات توصلاً لمعرفة كامل هويات من أطلقوا النار وسبّبوا سقوط الضحايا بين قتلى وجرحى بالرصاص، ولفتت الى ان عمليات التدقيق في اشرطة تلفزيونية وصور فوتوغرافية ما زالت جارية لمعرفة هوية من التقطت صورهم عن بعد ولم تظهر ملامحهم بوضوح. واستجوب امس قضاة التحقيق العسكري عدنان بلبل وسميح الحاج وجورج رزق 13 موقوفاً من اصل 18 كان مفوض الحكومة قد ادعى عليهم لاشتراكهم في إطلاق نار واشتباكات مسلحة بين منطقتي بعل محسن وباب التبانة في طرابلس وأصدروا مذكرات توقيف وجاهية في حقهم، على ان يستجوبوا اليوم الخمسة الباقين.
إلى ذلك استدعت الشرطة العسكرية العشرات من المتورطين في أحداث الثلاثاء والخميس بالاستناد الى ما أظهرته ساعات من البث المباشر التي نقلتها وسائل الاعلام المرئية من مناطق نهر الكلب والطريق الجديدة. وقال مرجع امني لـ«الأخبار» إن كثافة الاستدعاءات تعطي انطباعاً بأنه «لا خيمة فوق أحد»، وان من تورّط في الأحداث عليه أن يستعد لنيل جزائه.