الحريـري يؤيـّد توسـيعاً يضـمّ عـون ويرفـض "الثلـث الضـامن" ويدافـع عن سـلاح المقـاومة
لم يتبلور حتى ساعة متقدمة من ليل أمس أي موقف يبعث على التفاؤل بإمكان توصل «طاولة التشاور» في ساحة النجمة اليوم الى نتائج ملموسة، الأمر الذي قد يجعل الأوضاع السياسية مفتوحة على احتمالات شتى.
فـ«قوى 14 آذار» قبلت بتوسيع الحكومة، لكنها تتمسك بأن تبقى لها الأكثرية الوزارية ولا يكون هناك «ثلث ضامن» للمعارضة، معتبرة نفسها أنها هي «الثلث الضامن للبنان» حسبما قال رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الدين الحريري، ورفضت حتى أن يكون هذا الثلث «وديعة» لدى «مدير التشاور» رئيس مجلس النواب نبيه بري.
لكن أحد أقطاب الطاولة التشاورية علق على كلام الحريري قائلاً لـ«الاخبار» إن طاولة التشاور «تحتاج الى معجزة لتتوصل الى نتائج إيجابية». وأضاف ساخراً: «المعجزات تأتي عادة من البيت الابيض أو من البيت الاسود؟!»،
وكانت قد راجت طوال نهار أمس معلومات عن صيغ لتوسيع الحكومة الى ثلاثين وزيراً، ترافقت مع حركة المشاورات والاتصالات التي كان محورها قصر الرئاسة الثانية، ومن هذه المعلومات أن المعارضة قبلت بتوسيع الحكومة وأن تكون حصة المعارضة فيها 12 أو 14 وزيراً. ولكن ما قاله الحريري في حديث متلفز ليل أمس نسف هذا الأمر، إذ أكد أن الأكثرية ستشارك في التشاور اليوم «لنسمع أسباب تغيير أو توسيع أو تعديل الحكومة»، مضيفاً انه «إذا كان الهدف إدخال العماد عون الى الحكومة نوافق، ولكن لنا حصة، أما إذا كان الهدف الحصول على الثلث المعطل فلن نوافق». لكنه دافع عن سلاح المقاومة رافضاً في المقابل اتهامات التخوين الموجهة إلى الاكثرية قائلاً: «لسنا من يتلقى أموالاً وسلاحاً من الخارج». ورأى أن رئيس الجمهورية العماد إميل لحود «يحاول تعطيل المحكمة الدولية، إما لأنه متورط، أو لأنه يحاول حماية الآخرين».
بري غير مستعد للمماطلة
وعشية طاولة التشاور عكس الرئيس بري مناخات إيجابية عنها، وقال مساءً لـ«الاخبار» إنه يأمل نتائج مجدية من التشاور، «استناداً الى أن الحضور مضمون، وان ثقتي بأطراف الحوار كبيرة وبأنهم يقدِّرون المرحلة المصيرية والخطيرة التي يعيشها لبنان، والتي تلزم الجميع العمل من اجل التوصل الى تفاهم». وأوضح أنه إذا لمس تجاوباً من أفرقاء الحوار وأقروا مبدأ تأليف حكومة وحدة وطنية، فإنه على استعداد لعقد جلسة ثانية للتشاور في اليوم نفسه، وحتى الأربعاء المقبل من اجل بلورة هذا المبدأ، أما التفاصيل فيصار الى مناقشتها وقد تتطلب بعض الوقت، إلاّ أن الأساس في الأمر هو بت مبدأ تأليف حكومة وحدة وطنية قبل نهاية هذا الاسبوع حيث سيسافر بري إلى طهران في زيارة رسمية.
وقال بري إنه لا يمانع إثارة موضوع الرئاسة، إن كان المتشاورون قد توصلوا الى حل له يعرضونه عليه، وعندئذ تنتهي المشكلة، علماً بأن هذا الموضوع جُمِّد البحث فيه على طاولة الحوار، بعدما اتفق الأفرقاء على الاختلاف عليه. لكن رئيس المجلس، كما يقول، يتمسك بجدول الاعمال الذي أدرج فيه بندين، أحدهما للمعارضة هو تأليف حكومة وحدة وطنية، والآخر للأكثرية وهو قانون الانتخاب.
ولا يرى بري سبباً للبحث في المحكمة الدولية، لأنها بُتّت في طاولة الحوار حيث أجمع المتحاورون على تأييدها، اضافة الى أنه لا علاقة لها بطاولة التشاور التي ترتبط بالبندين المدرجين. ولكنه يشير الى أنه إذا لمس مماطلة في التفاهم على جدول الاعمال فلن يكون مستعداً للمماطلة في الوقت وعقد جلسات تلو أخرى، «وليذهب عندئذ كل الى بيته».
موقف الأكثرية
واستعداداً لطاولة التشاور اجتمع قادة «قوى 14 آذار» في قريطم. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية أنه «تم خلال الاجتماع عرض آخر التطورات والمواقف وتبادل وجهات النظر والتنسيق عشية انعقاد جلسة التشاور في المجلس النيابي غداً (اليوم) واتخاذ موقف موحد في شأنها».
لكن احد وزراء الاكثرية أبلغ «الأخبار» أن المجتمعين اتفقوا على بقاء الأكثرية في الحكومة لقوى 14 آذار، بحيث لا يكون لـ«الفريق الآخر» ثلث معطل. كذلك اتفقوا على أن يناقشوا على طاولة التشاور اليوم «موضوعين أساسيين» هما: المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري (التي ذكرت مصادر الاكثرية أن مسوّدتها الرسمية ستصل الى بيروت من الأمم المتحدة ظهر غد الثلاثاء، وتأكيد التمسك بها والإصرار عليها. والموضوع الثاني رئاسة الجمهورية واعتبار مقاربته جزءاً من حل سياسي متكامل مع البحث في حكومة اتحاد وطني».
وقال الرئيس أمين الجميّل لـ«الأخبار» إنه ليس هناك من هو ضد التغيير الحكومي، «فالحكومة وسيلة وليست هدفاً، لكن المشكلة هي في الطرح الفوقي والإملائي المتمثل في فرض مواعيد ومُهَل على وقع التشنج الذي لا يخدم البلد». ورأى «أن الثلث المعطل هو تعطيل للسلطة بكاملها إذا ما قرر هذا الثلث التغيب عن جلسة ما أو الاعتراض أو الاستقالة، فيتعطل العمل الحكومي، وهذا أمر يتصل بالحاضر والمستقبل، بالقضايا الكبيرة والصغيرة، ومن له هذه القدرة يعطل السلطة والدولة». أضاف: «إن الأمر يتصل أيضاً بالملف الرئاسي، فإذا كانت الحكومة غير قادرة على بت القرارات المتصلة بالاستحقاق الرئاسي بسبب هذا الثلث المعطل، يعني أن هناك مشكلة، وهي مشكلة ستكبر إذا لم ننجح في انتخاب بديل لرئيس الجمهورية قبل انتهاء الولاية الممددة».
وختم الجميل: «إن البحث على طاولة التشاور قد يتجاوز بندي جدول الأعمال، لأن البحث فيهما مترابط بأزمة الحكم المتمثلة في وضع رئيس الجمهورية وانتخاب رئيس جديد، تعقبه حكومة وفاق وطني وقانون انتخاب جديد وانتخاب مجلس نيابي جديد، فيكتمل التغيير الشامل في أقل من تسعة أشهر».