لم تغب الخروق الانتخابية، في يوم التجديد النصفي أمس، عن الولايات المتحدة، التي انبرت إدارتها الجمهورية، منذ سنوات خلت، الى زعم نشر الديموقراطية في العالم، وتعزيز فلسفة الاختيار الحر وصناديق الاقتراع النزيهة؛ فقد شهدت عملية الاقتراع الأميركية، كمثيلاتها في دول أخرى في العالم، أعمال ترهيب للمقترعين «وهدر أموال»، أساءت الى الشفافية، التي لم ينتظر أن ينتهجها الخصمان، في ظل صراعهما المحتدم على الكونغرس، الذي أظهر الحزب الديموقراطي تلهفاً لاستعادته، فيما سعى الحزب الجمهوري الى استنفاد كل تفصيل وتبرير في سبيل الاحتفاظ بالسيطرة عليه.واقترع الأميركيون أمس لاختيار كامل أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، خلال يوم انتظره الديموقراطيون منذ وقت طويل، علّه يضع حداً للسيطرة الجمهورية المستمرة منذ عام 1994 ويعطيهم أداة لمحاسبة إدارة الرئيس جورج بوش، التي بدورها تخشى السقوط في شرك سياستها الخارجية والاقتصادية، التي ضاق منها معظم الأميركيين، حسب استطلاعات الرأي.
وحث بوش، خلال إدلائه بصوته أمس، الأميركيين على الاقتراع. وقال «اننا نعيش في مجتمع حر ولن تكون حكومتنا جيدة الا بقدر رغبة شعبنا في المشاركة. ولذا فبصرف النظر عن ارتباطاتكم السياسية أو ما إذا كنتم غير مرتبطين بحزب، أدوا واجبكم وادلوا بأصواتكم ودعوا أصواتكم تسمع».
وكانت التنبؤات تظهر أن بوش وحزبه الجمهوري يفقدان الشعبية بشكل غير عادي، إلا أن انطلاق الانتخابات جاء مع استطلاعات تشير إلى وجود تقارب كبير في التصويت بين الديموقراطيين والجمهوريين على 20 مقعداً في مجلس النواب وثلاثة مقاعد في مجلس الشيوخ.
غير أن بعض الديموقراطيين يعتقدون أنهم سيحصلون، في هذه الانتخابات، التي حظيت بأكبر قدر من الترقب من جانب الناخبين خلال السنوات الأخيرة، على أكثرية مريحة نسبياً، وخاصة في مجلس النواب.
وأشارت أنباء الى حدوث عمليات تهديد للمقترعين في ولاية فرجينيا، حيث فتحت الشرطة الاتحادية تحقيقات حول العديد من الشكاوى في هذا الشأن، فضلاً عن الطلب من الناخبين عدم الاقتراع أو تضليلهم حول مكان التصويت.
كما ظهرت، خلال الانتخابات أمس، مشاكل في التعامل مع ماكينات الاقتراع الالكترونية، ما أدّى الى تأخير بداية الاقتراع في بعض الولايات، علماً بأن خبراء كانوا قد توقعوا حدوث بضع المشاكل المتعلقة بالتصويت.
وقال ستيفن هوفنر، وهو خبير انتخابات في كلية «موريتس» للقانون في جامعة ولاية أوهايو، «إننا نسمع شكاوى منفردة ومتناثرة ترتبط بأعطال في الماكينات. وبعض التقارير هنا في ما يتعلق بقمع الناخبين وتخويفهم».
وأفاد مسؤولو انتخابات وخبراء عن وجود أعطال في ماكينات التصوير الإلكتروني في انديانا وأوهايو ونيوجيرسي وكولورادو وفلوريدا وتنيسي، لكنهم قالوا إن الكثير من المشاكل كانت ثانوية ومؤقتة. وطلب في انديانا وتنيسي مدّ ساعات التصويت للتعويض عن التأخر في فتح مراكز الاقتراع.
وهناك ما يقدر بنحو عشرة آلاف محام يعملون للحزبين: الجمهوري والديموقراطي، ويقفون مستعدين للتدخل إذا ما ظهرت مشاكل.
ويشار الى أن السيناتور، الديموقراطية عن ولاية نيويورك، هيلاري كلينتون، التي تسعى الى الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، أنفقت أكثر من 30 مليون دولار على حملتها الانتخابية، وهو أكبر مبلغ ينفقه مرشح لهذه الانتخابات في جميع أنحاء البلاد.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن معظم المال الذي أنفقته كلينتون كان على الإعلانات التلفزيونية، علماً بأنه تم إحصاء مبالغ كبيرة أنفقت على الزهور والوجبات والصور الانتخابية أيضاً.
وقال رئيس اللجنة الانتخابية الفدرالية، مايكل تونر، للصحيفة، إن مجموع إنفاق السيناتور كلينتون شكل «نسبة إهدار كبيرة»، باعتبار أنها لم تكن تواجه تحدياً خطيراً في إعادة انتخابها في مقابل منافسها الجمهوري جون سبنسر.
(رويترز، أ ب، أ ف ب، يو بي آي)