يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت مصراً على “السلام” مع الحكومة اللبنانية، رغم جميع المعوقات التي تحول دون ذلك، وخاصة تأكيد لبنان المتواصل أنه سيكون آخر دولة توقع اتفاق سلام مع إسرائيل؛ وهو مصر أيضاً على رفض التفاوض مع السوريين، ويعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، “شريكاً شرعياً للمفاوضات”، ويشدد على أن البرنامج النووي الإيراني «خطر على سلامة المنطقة والعالم». فقد جدد أولمرت، خلال خطاب أمام الكنيست الإسرائيلي أمس لمناسبة افتتاح الدورة الشتوية، دعوة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة إلى “لقاء مباشر من دون وسطاء لإحلال السلام”. وتوجه أولمرت إلى السنيورة بالقول “أنتهز هذه الفرصة وأدعو رئيس الوزراء اللبناني إلى لقاء مباشر معي، من دون وسطاء، من أجل إحلال السلام بيننا وبين لبنان”. واعتبر أنّّ “السنيورة يقع تحت ضائقة داخلية، في محاولة لإضعاف حزب الله، وخارجية في محاولة لإسقاطه من قبل النظام السوري”. واستطرد أولمرت في حديثه إلى السنيورة بقوله إن “معاناة مواطني لبنان وإسرائيل، على حد سواء، تجبر كلينا على التغلب على التشكيك والآراء المسبقة والتوصل إلى السلام”، مشيراً إلى أنّ “إسرائيل تستطيع أن تكون شريكاً طبيعياً وجدياً لحكومة لبنانية تطمح إلى السلام”.
وعاد أولمرت، في خطابه، إلى تعداد “الإنجازات الاسرائيلية” في العدوان على لبنان، قائلاً “يجب أن نعي جميعًا أن هذه الحرب كانت حتمية”. وشدد على أن إسرائيل “توصلت إلى إنجازات ذات معنى”، مضيفاً أنه “بات واضحاً بالنسبة إلينا وإلى العالم أجمع أن حزب الله توقف عن العيش كأنه في دولة داخل دولة”. ورأى أن “قرار مجلس الأمن 1701، يقر بشكل واضح بأن هناك عنواناً واحداً في لبنان، هو الحكومة اللبنانية”. ووعد الإسرائيليين بـ“العمل من دون كلل أو ملل” من أجل إعادة الجنديين الأسيرين.
وتطرق أولمرت إلى قضية الطيار الاسرائيلي المفقود رون أراد، إذ صادفت الخطاب الذكرى العشرون لاختفائه، وقال “لن نهدأ حتى نعرف ما حل بمصير رون أراد ولن ننسى غالبية الجنود الاسرائيليين”.
وفي رد على كلام أولمرت، رفض السنيورة، في بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة، الدعوة. وجاء في البيان “تعليقاً على الكلام الذي صدر عن رئيس وزراء العدو إيهود أولمرت حول دعوته السنيورة إلى لقاء من اجل بحث في اتفاقية سلام، يهم المكتب الاعلامي في رئاسة مجلس الوزراء اللبناني ان يوضح ان السلام الحقيقي يكون بموافقة اسرائيل على مبادرة السلام العربية، وان لبنان سيكون آخر دولة عربية توقع السلام مع اسرائيل”.
وتابع البيان “المطلوب من اسرائيل أيضاً كمقدمة لإثبات النية في السلام، الانسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة، بما فيها مزارع شبعا، وتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 تطبيقاً كاملاً”.
وربط رئيس الوزراء الإسرائيلي، في خطابه، بين لبنان و“الخطر الإيراني”، قائلاً إن “الحرب على لبنان أوضحت الخطر الإيراني الجاثم على المنطقة وعلى العالم الحر نتيجة برنامجها النووي”. وأضاف أن إيران “تتحايل على الرأي العام العالمي وتحاول ان تربح مزيداً من الوقت من اجل استكمال برنامجها النووي الخطير”، معتبراً أن “التهديد الإيراني هو تهديد وجودي لدولة إسرائيل وتهديد وجودي لسلامة العالم”.
وعدّد أولمرت “احتمالات السلام مع الدول المجاورة لإسرائيل”. وقال إنّ “إسرائيل تريد سلاماً مع سوريا، لكنّها لا تستطيع التفاوض مع قائد مثل الرئيس السوري بشار الأسد”، الذي اتهمه “بدعم الارهاب واستضافة تنظيمات إرهابية”.
وفي الشأن الفلسطيني، جدد اولمرت اعتبار أن “حكومة حماس لا تستوفي الحد الادنى من الشروط التي وضعها الرأي العام الدولي”، مشدداً على أنّ اسرائيل “لن تستطيع مفاوضة حماس في وقت لا تعترف فيه حماس بإسرائيل ولا تنفذ الاتفاقيات الموقعة ووقف العمليات الارهابية ضد اسرائيل”.
واعتبر أولمرت، في الوقت نفسه، أبو مازن “شريكاً شرعياً”. وأعرب عن استعداده للقائه “فوراً”، كاشفاً عن “اتصالات دائمة مع ابو مازن ورجاله”. وادعى أن “إسرائيل أثبتت، على مدار وقت مضى، أنها تريد العيش بسلام إلى جانب الشعب الفلسطيني”. وقال “لسنا معنيين باستمرار معاناة الشعب الفلسطيني، العكس هو الصحيح. نفضّل مجتمعاً فلسطينياً مزدهراً من دون ضائقات إنسانية”. ووعد أيضاً بالعمل لإعادة الجندي الاسرائيلي الاسير في غزة جلعاد شاليط.
وأضاف أولمرت “نحن لا ننوي السيطرة على الفلسطينيين إلى الأبد. وإذا جاء اليوم وعملت الحكومة الفلسطينية على إيفاء الشروط من اجل اعتبارها طرفاً شرعياً فسيمكن هذا من فتح آفاق سياسية واسعة لتغيير الواقع في المنطقة”.
وتطرق اولمرت، في خطابه، الى المبادرة التي تم إحياؤها في الآونة الاخيرة حول “تغيير نظام الحكم في اسرائيل” وتحويله إلى “نظام رئاسي”، مشيراً إلى أنه “سيضم شركاء آخرين إلى الحكومة بهدف معالجة موضوعات”، واعتبر أنه “لا يمكن الاستمرار في ظل التهديد على ثبات الحكومة”.
(الأخبار)