بعدما رحب حزب الله بمبادرة الرئيس نبيه بري، وأعلن مشاركته في اللقاء التشاوري، وبعد إعلان العماد ميشال عون تعامله الإيجابي مع المبادرة، فإن الجميع ينتظر الموقف الذي سيعلنه فريق 14 آذار خلال 48 ساعة، علماً بأن مقربين من النائب وليد جنبلاط أبلغوا من يهمه الأمر بأن الاتجاه هو نحو المشاركة، وإن كانت هناك رغبة في توسيع جدول الأعمال، وهو الأمر الذي وضع الرئيس بري له حداً بإعلانه أنه “لا زيادة ولا نقصان” على البندين المتصلين بمصير الحكومة وقانون الانتخاب.وأبلغ قطب نيابي “الأخبار” أن الأكثرية لن يكون في استطاعتها رفض هذه الدعوة، ولكنها تحاول الآن أن تضع شروطاً لتوسيع جدول أعمال الطاولة التشاورية لتبرر لاحقاً قبولها بحكومة الوحدة الوطنية والاشتراط لتشكيلها أن يُحسم موضوعا رئاسة الجمهورية وسلاح المقاومة بطلب إدراجهما في البيان الوزاري للحكومة الحالية إذا اتفق على توسيعها لتصبح شاملة التمثيل، أو في حال الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة.
وقد رد الرئيس بري أمام زواره أمس على طروحات الأكثرية عن جدول أعمال طاولة التشاور بأنه يقارب ما تريده المعارضة فقال: “إذا كان مطلب حكومة الوحدة الوطنية يصب في مصلحة فريق 8 آذار فإن مطلب القانون الانتخابي يصب في مصلحة فريق 14 آذار، لأن أول المعترضين على مشروع القانون الذي قدمته الهيئة الوطنية لقانون الانتخابات، وتحديداً حول مسألتي الدائرة وطبيعة النظام الانتخابي، هما البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله صفير والنائب وليد جنبلاط. أما الموضوع الاقتصادي والمالي ومعالجته، سواء من حيث ما يتطلبه من تشريعات وتدابير مالية فهو يصب في مصلحة الحكومة التي تحضر ملفها لمؤتمر باريس ـــ3، لذلك فإن المبادرة التشاورية وازنت بين الجميع حكومة وموالاة ومعارضة”.
ورداً على التسريبات القائلة برغبة فريق الأكثرية في تعديل جدول الأعمال قال بري: “إن جدول الأعمال نهائي لا يقبل الزيادة ولا النقصان، وقد دفعته إلى عدم طرح قضايا الخلاف الأخرى على بساط البحث لأن الظروف والمعطيات التي حالت دون بتّها في جلسات الحوار السابقة لم تتغير، وبالتالي فإن مكان هذه القضايا هو على طاولة الحوار وليس على طاولة التشاور”.
وعن الإشكالية المتعلقة بمستوى التمثيل، ربطاً بصعوبة حضور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قال بري :“إن ما ينطبق على السيد حسن لا ينطبق على الآخرين. صحيح أن الجميع خائفون ومتوجسون والوضع الأمني ليس ممسوكاً بكامله، لكن هذا لا يبرر عدم حضور الأقطاب شخصياً إلا إذا كانوا في صدد رفض المبادرة التشاورية وتغطيته بالاستعداد لإرسال ممثلين عنهم من الصف الثاني”. ورأى أن مثل هذا السلوك يشكل “نسفاً للمبادرة بطريقة مبررة”. وأعرب عن أمله تجاوب الجميع مع مسعاه “الذي يشكل في الوقت الحاضر جسر عبور من مناخ التشنج والانقسام إلى مناخ التوافق وإعادة فتح قنوات التواصل، لأن التحاور قد يؤدي إلى التماس حلول وتسويات تكون في مصلحة الجميع، وإلا فإن الوضع سائر إلى أزمة كبيرة، وخصوصاً إذا اتخذ البعض الشارع وسيلة للوصول إلى مبتغاه”.
وليل أمس أعلن العماد عون أن كتلة التغيير والإصلاح ستجتمع اليوم لاتخاذ موقف من مبادرة الرئيس بري، وأضاف: “إن المبادرة إيجابية لأنها تتضمن مواضيع نطرحها نحن”، مؤكداً أنه لا يريد استباق ما ستقرره الكتلة اليوم.
وكان حزب الله قد أعلن في بيان له أمس استعداده للمشاركة، آملاً “أن تؤدي هذه المبادرة الطيبة إلى إنجاز سياسي وطني حقيقي يُخرج لبنان من المأزق السياسي الحالي ويضعه على طريق بناء الدولة القادرة والعادلة”.
وفي جديد المواقف من “طاولة التشاور” وجه رؤساء الحكومة السابقون رسالة إلى الرؤساء الثلاثة تمنوا فيها اعتماد مذكرتهم منطلقاً للحوار أو ترجمتها قرارات وتشريعات بما يؤدي إلى “إنقاذ لبنان من المأزق السياسي الذي يطوقه”. واقترحوا لهذه الغاية احتمالين: “أن تعتمد المذكرة منطلقاً للحوار في حال انعقاد مؤتمر للحوار الوطني مجدداً، أو في حال تعذُّر استئناف مؤتمر الحوار الوطني، أن تطرح على المناقشة في مجلس الوزراء حيث قد تترجم بعض مضامينها قرارات، وفي مجلس النواب حيث قد تترجم بعض مضامينها تشريعات”. وأعلن الرئيس عمر كرامي تأييده مبادرة بري، ورأى “أن مفتاح الحل هو حكومة اتحاد وطني من دون وضع “فيتو” على أحد”. لكنه أشار إلى “أن الأمور لا تبشر بالخير”.