في خطوة بدت مفاجئة لناحية توقيتها، وغير واضحة لناحية الاتصالات التي أثمرتها، قررت إسرائيل رفع الحصار البحري والجوي عن لبنان ابتداءً من الساعة السادسة من مساء اليوم الخميس، وأعلنت أن القرار جاء بناءً على اتفاق بين رئيس حكومتها إيهود أولمرت، ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، الذي قضى بأن تشرف القوات الدولية على المرافئ الجوية والبحرية. لكن الخطوة التالية المنتظرة هي المباشرة بمفاوضات لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله تقودها الأمم المتحدة قبل نهاية هذا الأسبوع. وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتس أنه توافرت «في الأيام الأخيرة ظروف تسمح برفع الحصار» وأوضح أن القرار اتّخذ في «أعقاب توجه رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة الى القوات الدولية لتحمّل المسؤولية وفي أعقاب طلب أميركي من إسرائيل». مضيفاً إنه «ستكون هناك قواعد لفحص البضائع سيفرضها الفرنسيون والألمان».
وأوضح مكتب أولمرت، أن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، أوضح أنه حتى وصول القوات البحرية الألمانية، المقدر وصولها خلال أسبوعين، ستقوم قوات إيطالية وفرنسية وبريطانية ويونانية بالمهمة، كجزء من مهمات القوة الدولية وتحت قيادتها. ويفرض الاتفاق أن تخلي إسرائيل المواقع التي تراقب منها المرافئ على أن يجري بالتوازي نشر القوات الدولية فيها.
وكان الرئيس السنيورة أجرى أمس اتصالات شملت أنان ورايس والرئيس المصري حسني مبارك والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وطلب فيها المسارعة الى فك الحصار بعدما وجهت الحكومة طلباً الى الأمم المتحدة لللمساعدة على ضبط المياه الإقليمية، بينما رأى الرئيس إميل لحود أن القرار جاء نتيجة عدم رضوخ لبنان للشروط. لكنه لفت الى أن ما حصل لا يعني أن إسرائيل طبقت القرار 1701 لأنها لا تزال تحتل أراضي لبنانية وتواصل خرق الأجواء والمياه.
وأعلن رئيس مجلس إدارة الميدل إيست محمد الحوت لـ«الأخبار» مساء أمس، أن الشركة باشرت باتخاذ الإجراءات الإدارية واللوجستية لاستئناف الحركة الجوية في المطار بدءاً من اليوم. وقال إنه أجرى الاتصالات اللازمة لتجديد عقود التأمين على طائرات الشركة ابتداءً من تاريخ فك الحصار، وإن الأمر لا يحتاج سوى إلى تبادل الرسائل الرسمية بينها وشركات التأمين الدولية التي أعطت موافقتها المبدئية الفورية.
وعن الآلية التي ستُعتمد قال: إن جميع طائرات الشركة ستعود اليوم الى بيروت عن طريق عمان وفق البرنامج المعلن وحتى السادسة مساءً، بعد ذلك ستعود الرحلات التي تلي من كل المطارات الى بيروت مباشرة وبالعكس، وفق برامج سيصار الى الإعلان عنها بواسطة وسائل الإعلام. كما علم أن شركة الطيران الفرنسية «اير فرانس» سوف تستأنف رحلاتها الى بيروت غداً الجمعة.
وأُعلن في باريس أن وزير النقل الفرنسي دومينيك بيربن سيكون على متن الطائرة بناءً على طلب الرئيس الفرنسي جاك شيراك.
وسيلتقي الوزير الفرنسي أعضاءً في الحكومة اللبنانية وسيقوّم ميدانياً فعالية المساعدات التي قُدّمت في مجال إعادة الإعمار في لبنان.
أما على مستوى المرفأ فإن الاستعدادات ستبدأ اليوم لاستئناف الحركة الطبيعية وستبلغ إدارة المرفأ من يعنيهم الأمر في كل المرافئ والشركات البحرية بالإجراءات الاستثنائية للأيام الأولى، على أن يعود كل شيء إلى طبيعته في أقرب وقت ممكن.
وأكد وزير الداخلية أحمد فتفت لـ«الأخبار» أن وزارة الداخلية اتخذت كل الترتيبات الأمنية والإدارية لاستئناف العمل في المرافئ البحرية والمطار بشكل طبيعي، ورأى أن كل كلام عن حضور دولي فيها لم يعد له أي قيمة بعد فك الحصار وبات الأمر في عهدة الأجهزة اللبنانية فقط.
وقال: إن كل ما جرى التفاهم عليه من إجراءات استثنائية على المعابر الجوية والبحرية سيخضع للتجربة من اليوم، وإن لبنان سيطلع الجهات الدولية عليها استكمالاً للتفاهمات التي جرت مع الأمم المتحدة والفريق الألماني الذي كلف مهمة استكشاف القدرات اللبنانية في مجال منع نقل الأسلحة والممنوعات عبرها.
أضاف: إن لبنان سيرفع اليوم الى المراجع المختصة في الأمم المتحدة والحكومة الألمانية الكتب الرسمية التي تتحدث عن طلب لبنان الحماية البحرية لمرافئه وفق ما أقره مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة بالتنسيق بين الجيش اللبناني والقوات الدولية.
الأسرى
في غضون ذلك، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة من أنقرة، أن وسيطاً من الأمم المتحدة سيتوجه «قبل نهاية الأسبوع» إلى الشرق الأوسط لإجراء مباحثات بشأن قضية الجنديين الإسرائيليين الأسيرين، فيما نقلت صحيفة «هآرتس» عن هيئة تحرير الجنود المخطوفين أن عائلات المخطوفين احتجت على قرار رفع الحصار قبل إطلاق سراح الجنديين وأنها طلبت لقاء أولمرت من أجل أن يشرح لها الأسباب التي دفعت إسرائيل لاتخاذ هذا القرار، لأنه، وفقاً لكلامها، يتعارض مع تعهدات أولمرت. كما أعلنت العائلات أيضاً أنها «تحتج على تملص رئيس الحكومة من لقائها منذ شهر ونصف».
وفي بيروت قال مصدر مطلع إن الملف تجاوز عملياً وجود أسيرين إسرائيليين لدى المقاومة لأن هناك أشلاءً لعدد آخر من الجنود التي تركتها قوات الاحتلال في أرض المعركة في الجنوب.