أعرب اللورد عن شعوره بالخجل من الحال التي انتهت إليها المملكة المتحدة
وليست ثمّة معارضة حقيقية في البرلمان البريطاني، إذ إن مجلس اللوردات معيّن بالكامل، بينما يتمتّع "المحافظون" بسيطرة مريحة على أغلبية مقاعد مجلس العموم المُنتَخب، ما يعني استحالة طرح الثقة بحكومتهم التي يمكنها البقاء في السلطة، حتى نهاية ولاية المجلس الحالي، بعد أربع سنوات. وحتّى بقيّة المقاعد في البرلمان، فهي مشغولة بالكامل تقريباً من قِبَل سياسيين يمينيين، ينتمون إلى النخبة البرجوازية الشريكة في حكم البلاد مع الأرستقراط التقليدي. ويقول عارفون بنشاط بوتنام داخل البرلمان، إنه أصيب بقلق شديد إبّان عمله في اللجنة الخاصة للديمقراطية والتقنيات الرقمية، بعدما تعاملت حكومة جونسون ببرود شديد مع تقرير اشترك في وضعه، بشأن الخطر الشديد على الحريات العامة الذي يمثّله منح عدد قليل من الشركات المعولمة الكبرى غير المنتخَبة وغير المسؤولة أمام الشعب البريطاني، القدرة على بثّ المعلومات المضلّلة والملفّقة، للتأثير على الآراء السياسية ودعم وصول جهات محدّدة دون أخرى إلى مقاليد السلطة. وكانت فضائح عدّة، ليست آخرها قضية "كامبريدج أناليتيكا"، قد كشفت عن تآمر شركة "فيسبوك" الأميركية مع مؤسسة استشارية خاصة، لتنفيذ حملة برمجة إعلامية موجّهة لمصلحة اليمين البريطاني وضدّ اليسار في عدّة مراحل، ومنها التصويت على إنهاء عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي (بريكست)، والانتخابات العامّة. ويُعتقد، الآن، بأن الحملات المذكورة نجحت، بالفعل، في إقناع كثير من الناخبين المتردّدين، بالتصويت إلى جانب اليمين الانعزالي، على حساب بقيّة القوى السياسية. وحذّر تقرير اللجنة الخاصة من أن استمرار هذه الشركات في عملها، وفق تلك الصيغة، سيؤدّي في النهاية إلى فقدان النزاهة والشفافية في العملية السياسية برمّتها، وهو ما سيدفع المواطنين دفعاً إلى القبول بسياسات متطرّفة خارج الممارسة الديمقراطية. وتضمّن التقرير 45 توصية للحكومة بتحديث القوانين الانتخابية لتتناسب مع عصر الإنترنت، ورفع سويّة المواطنين للتعامل مع الأبعاد السياسية للمعلومات الكاذبة والملفّقة، لكنّ الحكومة لم تأخذ بأيّ منها.
وحذّر اللورد، في خطاب استقالته، من فقدان المواطنين الثقة بالسياسيين وبمصادر المعلومات العامّة، معتبراً أن تعامل الحكومة مع هذه المسألة مثال على فشلها في إدارة شؤون البلاد، ومدعاة للأسف. كذلك، وصف العلاقة بين الحكومة والبرلمان بـ"حوار الصمّ"، حيث تتجنّب الحكومة بشكل دوريّ الإجابة على أسئلة مهمّة، أو تقديم حجج مدروسة، على قاعدة: "نحن الحكومة، ونحن نقرّر". ولم يوفّر اللورد أعضاء البرلمان من نقده اللاذع، بل وصفهم بأنهم أظهروا جهلاً يليق "بالخنازير"، خلال مفاوضات "بريكست"، ولا سيّما في شأن مسألة الحدود مع جمهوريّة إيرلندا، وأعرب عن شعوره بالخجل من الحال التي انتهت إليها المملكة المتحدة، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.