قبل قرار الاتحاد الأوروبي، أمس، بإدراج «الجناح العسكري لحزب الله» على لائحة المنظمات الارهابية، كان هذا «الجناح» يعتبر «منظمة إرهابية» في بريطانيا فقط، فيما أدرجت هولندا الحزب بأكمله على لائحة الارهاب، وقد صدر القرار الذي يعني تجميد أرصدة وحجز أملاك ومنع إصدار تأشيرات لكل مَن يثبت انتسابه إلى «الجناح العسكري» للحزب في دول الاتحاد الأوروبي بإجماع الدول الأعضاء الـ28 في الاتحاد. وهو، كما كل القرارات الأوروبية المماثلة، يخضع للمراجعة وإعادة النظر فيه بعد ستة أشهر، ويتطلّب إلغاؤه إجماعاً أيضاً.
وكانت فرنسا وإيرلندا والنمسا وإيطاليا التي يخدم جنود لها في قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان قد أبدت تردداً في الموافقة على القرار خشية تعرض علاقة اليونيفيل مع الجنوبيين للاهتزاز، لكن الموافقة جاءت بعد «الاطلاع على أدلّة» عن تورّط حزب الله في عملية بورغاس في بلغاريا، وذلك على رغم أنه لم يصدر حتى اليوم حكم قضائي حاسم في هذه القضية. كذلك جاءت موافقة هذه الدول بعد تأكيد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن القرار «لن يؤثر على تمسّكنا بالاستقرار في لبنان»
وكانت بريطانيا وضعت «الجناح الخارجي لحزب الله» على لائحة الإرهاب في 2001. وفي 2008 عدّلت القرار واعتبرت كل «الجناح العسكري» إرهابياً. أما هولندا، فقد صنّفت الحزب إرهابياً في 2004، فيما تعتبر الولايات المتحدة الحزب إرهابياً منذ عام 1997.
والإشكالية الرئيسية في القرار الذي يمثل توافقاً سياسياً ينبغي ترجمته قانونياً ليدخل حيز التنفيذ، هي أنه لا آلية واضحة حتى اليوم لتنفيذه، بمعنى كيف سيحدد الأشخاص المنضوون في الجناح العسكري أو السياسي. إلا أن الثابت أن ذلك سيعرّض اللبنانيين المقيمين على أراضي الاتحاد لضغوط تشبه تلك التي يتعرضون لها في بعض الدول الخليجية. ومنذ عام 2001، لم يلاحَق أحد في بريطانيا بنحو مباشر، ولم تعلن قرارات تجميد أموال، لكن كثيرين رفض إعطاؤهم تأشيرات دخول الى هذا البلد. وقد أجمع محللون غربيون أمس على وصف الخطوة بأنها إشارة سياسية أكثر منها عقوبات عملية، خصوصاً أنها اقترنت بتأكيد «مواصلة الحوار» مع كل الأحزاب السياسية اللبنانية بما فيها حزب الله، وبالتشديد على الحرص على الاستقرار في لبنان.
وحتى أمس، كانت كل من الولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا وهولندا وإسرائيل والبحرين تصنف حزب الله منظمة إرهابية، في مقابل تصنيف بريطانيا «الجناح العسكري» إرهابياً، قبل أن تتبنّى كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هذا التوجّه.
وقد رأى وزير الخارجية الهولندي فرانس تيمرمانس في بيان أن «من الجيد أن يقرر الاتحاد الاوروبي تسمية حزب الله بما هو فعلاً: منظمة إرهابية». وأضاف «اجتزنا مرحلة مهمة اليوم بمعاقبة الجناح العسكري من خلال تجميد أرصدته وبلبلة تمويله، وبالتالي الحدّ من قدرته على التحرك».
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إنه «بإدراج حزب الله على لائحة الكيانات الإرهابية، يقوم الاتحاد الاوروبي بمطابقة القانون على الوقائع»، فيما أعرب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ عن اعتقاده بأن ذلك «لن يؤثر على استقرار لبنان». وكان هيغ صرّح عند وصوله الى الاجتماع بأن الأمر يتعلق «بتوجيه رسالة واضحة».
وقال وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي قبل الاجتماع: «لا يمكننا أن نسمح للجناح المسلح لحزب الله بالقيام بنشاطات إرهابية في الاتحاد الاوروبي (...) وعلينا التحرك»، معتبراً أن «الرد هو إدراجه على اللائحة السوداء». وأكدت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين أشتون، في حديث إلى قناة «العربية»، أنها تقدّمت بمقترح حظر حزب الله للاتحاد الأوروبي بسبب تورطه في سوريا، مشددة على أن الوضع في لبنان هش مع تزايد تدفق اللاجئين السوريين.
وأشاد وزير الخارجية الاميركي جون كيري بـ«الخطوة المهمة». ولفت الى أنه «من خلال هذا التدبير، بعث الاتحاد الاوروبي برسالة قوية الى حزب الله مفادها أنه لا يمكنه التصرف والإفلات من العقاب، وأن هناك عواقب للعمليات التي قام بها، بما فيها الهجوم في بورغاس ببلغاريا والتخطيط لهجوم مماثل في قبرص». وتوقع أن يترك هذا التصنيف «تأثيراً كبيراً على قدرة تحرك حزب الله بحرية في أوروبا من خلال إعطاء الفرصة لسلطات إنفاذ القانون في اتخاذ إجراءات صارمة تتصدى لجمع التبرعات لحزب الله، وقيامه بأنشطة لوجيستية وتخطيطه لمؤامرات إرهابية على الاراضي الاوروبية».
ولفت كيري الى أنه «بعدما عزز حزب الله دعمه لنظام الأسد الوحشي وعمل لتوسيع انتشاره العالمي من خلال زيادة مشاركته في مخططات جنائية دولية ومؤامرات إرهابية في جميع أنحاء العالم، فقد زاد عدد الحكومات التي تعتبر حزب الله منظمة إرهابية خطيرة ومزعزعة للاستقرار». ودعا الحكومات الأخرى «لتحذو حذو الاتحاد الأوروبي، واتخاذ خطوات لبدء كبح جماح أنشطة حزب الله الإرهابية والإجرامية».