مطلع أيلول المقبل، يبدأ الجنود الأتراك العاملين ضمن قوات اليونيفيل في الجنوب بالانسحاب وإخلاء مقرهم عند مدخل الشعيتية (قضاء صور). وفيما كان جنود آخرون يحلون مكانهم كل ستة أشهر منذ قدومهم في تموز 2007، إلا أن تداعيات الأزمة السورية واختطاف اللبنانيين في أعزاز واختطاف الأتراك في لبنان، ألحقت الهزيمة مجدداً بالعثمانيين وأجبرتهم على الرحيل.
عند اختطاف اللبنانيين في أعزاز، اكتشف جنوبيون كثر أن تركيا أرسلت جنودها مجدداً إلى أرضهم، بعد 89 عاماً على رحيل العثمانيين بانهزامهم في الحرب العالمية الأولى. في المبدأ، الجنود الأتراك لم يأتوا محتلين هذه المرة، بل حفظة سلام في إطار مهمة اليونيفيل. على تلة اختارت كتيبة «الاستحكام» التركية، التمركز في مقر عسكري أحيط بأسوار عالية وأسلاك شائكة وأبراج مراقبة وعوائق حديدية عند مدخلها. الكتيبة التي لم تنخرط بالمهمات العسكرية لليونيفيل أو بتسيير دوريات في منطقة وجودها، اقتصر نشاطها على الأنشطة اللوجستية والهندسية. في الشعيتية وجاراتها، دير قانون رأس العين والرمادية والمالكية والسماعية، قدمت الكتيبة تجهيزات للمدارس والبلديات، فيما ساهمت في تجهيز مراكز الوحدات الأخرى في اليونيفيل. لم يندمج الجنود الـ 260 الذين كانوا يستبدلون دورياً كل ستة أشهر، اجتماعياً أو اقتصادياً، بأهالي تلك البلدات وقطعوا كل قنوات الاتصال مع وسائل الإعلام. حضورهم ذو الملامح الحادة، كان ملحوظاً أمام محال بيع الشاورما في صور ومركز البريد «ليبان بوست». بعد اشتداد الأزمة السورية واختطاف اللبنانيين، خفف الجنود على نحو تدريجي من تحركاتهم الميدانية ومن مشاركتهم في الاحتفالات التي تقام في محيطهم، إلى أن أدخلهم أهالي المخطوفين في معادلة تحرير ذويهم ونفذوا اعتصامين أمام مركزهم، فانقطعت أخبارهم والتزموا مقرهم واستنجدوا بالجيش وقيادة اليونيفيل لضمان أمنهم الشخصي.
قبل أقل من شهر، قررت الحكومة التركية سحب جنودها العاملين ضمن اليونيفيل البرية، مطلع أيلول (راجع العدد 2064). لكنها ستحافظ على مشاركتها في قوة اليونيفيل البحرية حيث تساهم حالياً بقارب دورية سريع واحد و58 جندياً. جنوباً، لن يفتقدهم كثيرون باستثناء جيرانهم من أهل الشعيتية ومحيطها، لا بل إنهم تحولوا إلى عبء أخيراً بعد تصاعد التهديدات باختطافهم وتنفيذ اعتداءات ضدهم. حتى موعد رحيلهم، رفع الجيش من إجراءاته في محيط مركز الوحدة وهو يساهم في رصد حركة الآليات والسيارات التي تمر بالقرب منه وتدخل إليه لتفريغ المواد الغذائية والحاجيات. وفي الداخل، ينشغل الجنود بترتيب أغراضهم وتجهيز الآليات لتنقل على نحو تدريجي إلى مطار ومرفأ بيروت لنقلها إلى تركيا.