في السنوات الأربعة الأخيرة، وعلى وقع الانهيار المالي المتزامن مع التنافر السياسي بين الخصوم والحلفاء من المكوّنات اللبنانية، ارتفعت الأصوات المطالبة بإجراء تعديلات على نظام الحكم لإرساء حدود سياسية ومالية وإدارية تفصل بين المكوّنات والمناطق تُراوح بين الفدرالية واللامركزية الموسّعة. طروحات كهذه ليس جديدة في تاريخ نشوء الدولة اللبنانية، إنما هي تحمل علامة فارقة هذه المرّة تتمثّل في الانهيار المالي ونتائجه الهائلة على المجتمع والاقتصاد. فما كان يروّج له عبر مقارنات بين مناطق تدفع الضرائب، وأخرى تسرق الخدمات العامة، بمعزل عن دقّة هذه المقارنات وحقيقتها، لم يكن يتطوّر إلى أكثر من حالة تذمّر سرعان ما تذوب وسط فورة التدفقات المالية التي أمّنها النظام المصرفي. ومثلها أيضاً كانت المسائل المتعلقة بتحبيذ أو منع المشروبات الكحولية أو لباس البحر. كانت عملية توزيع المنافع والمكاسب، لهذه التدفقات هي الشغل الشاغل للكثيرين، لذا لم يكن الهمّ أبداً يتعلق بإجراء تعديلات تكبح عملية التوزيع هذه.