بول الأشقر أثار تصريح لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، قارنت خلاله المكسيك بـ«كولومبيا الثمانينيات» اعتراضاً رسمياً من وزيرة خارجية المكسيك، باتريسيا اسبينوزا، ما دفع الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى وضع حد للجدل بتأكيده أن المقارنة غير دقيقة.
وفي مداخلة أمام مركز العلاقات الخارجية، وهو مركز بحوث متخصص بالشؤون الدبلوماسية، قالت كلينتون يوم الأربعاء الماضي «إن كارتيلات المخدرات في المكسيك تظهر أكثر فأكثر إشارات تمرد، حتى إن السيارات المفخخة التي لم تكن موجودة بدأت تظهر». وأضافت: «المكسيك تبدو أكثر فأكثر مثل كولومبيا قبل عشرين سنة، عندما سيطر مهربو المخدرات على مناطق من البلد».
إلا أن الرد المكسيكي الرافض لتصريحات كلينتون لم يتأخر، وأتى على لسان اسبينوزا التي قالت: «لا أشاطر كلينتون في مقاربتها». ولفتت إلى ضرورة التمييز «جيداً بين واقع ما تواجهه المكسيك حالياً وما واجهته كولومبيا آنذاك». وأضافت: «في الواقع، في كولومبيا ظهرت الفارك مع أجندة سياسية، وإن ارتبطت في عدة مراحل مع الجريمة المنظمة للحصول على موارد. أما في المكسيك، نحن على نحو ملموس أمام حالة جريمة منظمة صافية». وفي جواب عن سؤال من جريدة «لا أوبينيون» الصادرة بالإسبانية في لوس أنجلوس، أعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن اعتقاده بأن «المكسيك ديموقراطية تقدمية واقتصادها ينمو، لذلك لا يمكن مقارنتها بكولومبيا قبل عشرين سنة»، تزامناً مع مطالبة الوزير المساعد لشؤون القارة الأميركية، أرتورو فلانزويلا بعدم إساءة تفسير حديث كلينتون «لأن معنى التمرد (في المكسيك) يتمايز عن معناه في كولومبيا».
واستغلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي. بي. سي موندو» المتخصصة بشؤون أميركا اللاتنية الجدل لترصد نقاط التشابه والتمايز بين المكسيك وكولومبيا. ومن بين نقاط التشابه، أن الدولتين فُرضت عليهما مواجهة التهديد الذي أوجدته تجارة المخدرات على مؤسساتهما.
وأوضحت الـ«بي. بي. سي موندو» أننا أمام حالتين من نموذج دولة ضعيفة تسمح بأن ينمو في داخلها مسارات جريمة منظمة متطرفة تضعف البنى السياسية والاجتماعية. ورأت أن «ضعف الدولة يوفر للمنظمات الإجرامية قاعدة دعم اجتماعي موسعة وقدرة على التسلل في المستويات الرسمية أو المحلية، ما يسهل سيطرتها على مدن صغيرة».
التشابه الآخر يكمن في مستوى عنف هذه الحروب التي خلّفت آلاف الضحايا في كولومبيا، عندما أعلن تاجر المخدرات الكولومبى الشهير، بابلو إسكوبار الحرب على الدولة. كذلك حصدت الحرب في المكسيك نحو 28 ألف ضحية منذ أعلن الرئيس فيليب كالديرون الحرب الشاملة على الكارتيلات قبل أقل من 4 سنوات.
أخيراً، لفتت الـ«بي بي سي موندو» إلى أن الدعم الأميركي لمساندة الحكومتين يقرّب أيضاً وضع البلدين. إذ منذ توقيع خطة كولومبيا عام 1999، تخطى الدعم الأميركي للحرب الكولومبية 7 مليارات دولارات، كذلك رصدت واشنطن 1.7 مليارات للمكسيك حتى عام 2010 منذ توقيع «مبادرة ميريدا» عام 2007.
أما عن نقاط التمايز؛ فرأت أن المكسيك تواجه حربين في حرب واحدة، حرب بين الدولة والكارتيلات من جهة وحرب أهلية بين الكارتيلات أنفسها.
ولا حرب عصابات «سياسية» في المكسيك كما هي الحال في كولومبيا مع الفارك أو كما كانت الحال مع الباراميليتاريس، مع أن لكليهما علاقة عضوية بالمخدرات. وفي كل الأحوال، ليست في المكسيك علاقة بين المجموعات المسلحة السياسية وتجارة المخدرات. ويخلص التحقيق في مقارنته بين المكسيك وكولومبيا بالإشارة إلى أن نقطة التشابه الباقية هي «في اقتصار المواجهة على المقاربة العسكرية والشكوك في فعاليتها في الحالتين».