بول الأشقرأقرّ المجلس الدستوري الكولومبي بأن الاتفاق بين كولومبيا والولايات المتحدة، الذي وُقّع العام الماضي ويسمح للولايات المتحدة الإقامة في 7 قواعد عسكرية (من ضمنها قاعدة «بلانكويرو»)، غير دستوري، وبناءً عليه يُعدّ لاغياً.
ورأت الهيئة القضائية أن الاتفاق هو «أكثر من تتمة للاتفاقات السابقة»، وأنه يفرض التزامات جديدة تصنّف كـ«معاهدة دولية» يجب أن يصدّق عليها الكونغرس. وقال رئيس المجلس، موريسيو غونزاليس، إنه على هذا الأساس «يجب اعتباره غير ساري المفعول حتى مروره بداية في الكونغرس للتصديق، ثم عرضه على المجلس (الدستوري) للتأكد من دستوريته». وبالنسبة إلى الاتفاقات السابقة، فإنها تبقى سارية المفعول.
وقد أصدرت حكومة الرئيس خوان مانويل سانتوس بياناً أكدت فيه «التزامها بالقرار القضائي». ولفتت إلى أن قرار المجلس الدستوري «لا يعطّل الاتفاقات السابقة»، مشيرةً إلى «الأهمية القصوى للتعاون بين الولايات المتحدة وكولومبيا القائم منذ عقود في شؤون الأمن والدفاع، وخصوصاً في النضال ضد تجارة المخدرات والإرهاب».
وكانت حكومة الرئيس ألفارو أوريبي قد أعلنت عند توقيع الاتفاق أنه لا يتطلّب تصديق الكونغرس، لأنه لا يعني خلق قواعد عسكرية جديدة، ويُبقي القواعد تحت السيادة الكولومبية، وأنه يتعيّن على القوات الأميركية طلب إذن للقيام بمهماتها، فضلاً عن أن عدد الأميركيين (800 جندي و600 متعاقد) لن يعرف زيادة. وأُقرّت نتيجة للاتفاق استثمارات في الكونغرس الأميركي وصلت قيمتها إلى 42 مليون دولار فقط لتطوير قاعدة «بلانكويرو» وتأهيلها.
وكان الاتفاق الذي عُقد ليحل محل قاعدة «مانتا» العسكرية، التي أقفلتها الحكومة الإيكوادورية، قد أثار موجة اعتراضات من دول أميركا الجنوبية، التي رأت فيه مسّاً بأمنها، وخصوصاً فنزويلا التي عدّته تهديداً لسيادتها وخطوة عدوانية بحقها، ما أدى إلى أزمة بين البلدين، انتهت على خير بعدما نجح الرئيسان الفنزويلي هوغو تشافيز وسانتوس في ترميم العلاقات خلال قمتهما الأولى.
القرار القضائي لن يغيّر الكثير في العمق، ومن المرجّح أن تعرض حكومة سانتوس الاتفاق أمام مجلسي النواب والشيوخ، وأن يقرّاه بسهولة بحكم الأكثرية المتوافرة، ثم يعود إلى المجلس الدستوري في مهلة لن تتخطى الأشهر الثلاثة، إلا أن أهميته تكمن الآن في رمزيته وفي تطابقه مع الرياح المتجددة والمنفتحة التي عادت لتنفخ بين كاراكاس وبوغوتا. ويدل على أن الأولى كانت محقّة إلى حدّ ما في اعتراضها، وأن حقبة جديدة قد دُشّنت في كولومبيا بين القضاء والحكومة.