تتخوف الدوائر العسكرية في واشنطن من الحشد الصيني المتزايد براً وبحراً وجواً قبالة قواعدها. حشد يكسر الاحتكار العسكري الأميركي للعالم
نيويورك ــ نزار عبود
كشفت مصادر أميركية رسمية عن تعديلات جوهرية تجريها وزارة الدفاع الأميركية لخطط الحرب الجوية والبحرية، في ردّ على «التهديدات الناجمة عن الحشد العسكري الصيني الحديث»، وحصول إيران على أسلحة متطورة، وتطور قدرات المجموعات المسلّحة «الأكثر دهاءً وتدميراً»، وتفاقم ظاهرة الهجمات المؤثّرة عبر الإنترنت.
هذه التعديلات وردت في مراجعة البنتاغون الجديدة الصادرة أمس، التي تأتي في وقت ترتفع فيه لهجة التحدي بين واشنطن وبكين.
لعل أهم أسباب هذه اللهجة تبدأ بقضية «غوغل» وتسليح تايوان، ولا تنتهي بالتزاحم على موارد النفط في الشرق الأوسط وأفريقيا، وإحجام الصين عن تشديد الحصار على إيران، على خلفية برنامجها النووي.
في هذا الوقت، يُعرب تقرير «المراجعة الدفاعية»، الذي يصدر عن البنتاغون مرة كل أربعة أعوام، عن قلق من تحكّم الصين بالطرق المؤدية إلى قواعدها في غرب المحيط الهادئ والمخاطر التي يمكن أن تهدّد عناصر قواعدها. وبناءً على ذلك، فإن سلاحَي البحرية والجو يبحثان في تطوير سبل تعزيز خطوط الإمداد لتلك القواعد.
من ذلك، أن الخطة الجديدة لعمل القوات الجوية والبحرية، تتوخى دمج مواطن القوة لدى السلاحين بهدف توجيه ضربات بعيدة المدى، مستخدمة جيلاً جديداً من القاذفات وصواريخ طوافة جديدة (كروز) وطائرات من دون طيار تنطلق من حاملات الطائرات. كذلك، فإن البحرية تنوي زيادة ميزانيتها لإنتاج غواصات تعمل من دون أطقم.
من ناحيته، وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، كتب في مستهل التقرير أن المراجعة الرباعية الجديدة وُضعت «في زمن حرب حقيقي. وهي للمرة الأولى تضع الصراعات الحالية على رأس أولويات ميزانياتنا، وسياساتنا وبرامجنا».
وبحسب الخطة، هناك تقليل من احتمال شنّ حربين رئيسيتين في آن معاً، لكن التقرير الذي حصلت «الأخبار» على نسخة منه، لا يستبعد حدوث ذلك كلياً من عقيدة البنتاغون. ويشير في الوقت نفسه إلى ضرورة أن يغلّب التخطيط، التركيز على سيناريوات مختلفة مثل «الحروب غير المألوفة، بما فيها الصراعات مع متمردين وتجار مخدرات وحتى الكوارث الإنسانية».
ولم يغفل غيتس الإشارة المباشرة إلى الصين في هذا المجال، عندما تحدث صراحة عن «برامج التحديث التي تجريها دول أخرى». وتطرق إلى التنظيمات غير النظامية التي تستمر الحرب عليها، وعلى رأسها تنظيم «القاعدة» و«المجموعات غير الحكومية التي تستنبط وسائل أكثر دهاءً وتدميراً في مهاجمة الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا».
لهذا، أشارت المراجعة الجديدة إلى نشر «أعداد كبيرة من الصواريخ المتطورة والغواصات الهجومية الجديدة، ونظم دفاعية جوية بعيدة المدى، وقدرات أخرى لشنّ حروب إلكترونية تستهدف النظم الحاسوبية».
ويُلقي التقرير المراجعة اللوم على الطرف الصيني في سباق التسلح في المنطقة، إذ ينتقد «رفض الصين تقديم الطمأنات بشأن نياتها على المدى البعيد». ويخلص إلى ضرورة تعزيز الوجود العسكري في آسيا بهدف التصدي لمخاطر أمنية «أكثر تعقيداً تشمل كوريا الشمالية والإرهاب في جنوب شرق آسيا»، داعياً إلى توزيع المسؤوليات وإلقاء المزيد منها على عاتق الحلفاء والشركاء، وخصوصاً كل من أوستراليا وتايلاند والفيليبين وسنغافورة وإندونيسيا وماليزيا وفيتنام.
وبالنسبة إلى إيران، تحدث التقرير عن الزوارق الهجومية الصغيرة التي تنشرها في الخليج. وتحدث عن مخاطر حيازة إيران وغيرها من الدول على أسلحة متطورة مثل الغواصات والصواريخ الموجهة والطوافة من نوع «كروز» القادرة على استهداف السفن. وقالت المراجعة إن إيران «قدمت طائرات من دون طيار وصواريخ مضادة للطائرات تُحمل على الكتف إلى حزب الله في لبنان».