واجهت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أول امتحان في صدق نهجها الحواري في حل مشاكل العالم، خلال اجتماع نيويورك بشأن إيران
نيويورك ــ نزار عبود
واشنطن ــ محمد سعيد
شهدت نيويورك، أول من أمس، اجتماعاً لممثّلي الدول الست المعنية بمناقشة الأزمة النووية مع إيران، على مستوى رفيع، باستثناء الصين التي أرسلت المستشار السياسي في بعثتها لدى الأمم المتحدة، كانغ يونغ.
ورغم استيائهم الشديد من الموقف الصيني، قرر مندوبو الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا عقد الاجتماع بصرف النظر عن مستوى التمثيل، لإرسال رسالة إلى إيران مفادها أن المجتمع الدولي عاقد العزم على عدم إغلاق ملف تلك القضية إلا بعد تسويتها.
وحضر الاجتماع، الذي عقد في مقر البعثة الأوروبية قرب مقر الأمم المتحدة، مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الأميركية وليام بيرنز، ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، والمدير السياسي في وزارة الخارجية البريطانية جفري آدم، ومديرة الخارجية الألمانية أميلي هابر. أمّا الجانب الفرنسي، فقد مثّله مدير وزارة الخارجية جاك أوديبرت، فيما حضر عن الممثّل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، مساعده روبرت كوبر.

طهران تقوم بإنتاج بوارج مجهّزة بأنظمة صاروخية متطورة
وخلال الاجتماع، الذي دام ثلاث ساعات، دار البحث حول كيفية تشديد العقوبات على إيران، التي رأى الأميركيون والأوروبيون أنها ينبغي أن تشمل الحؤول دون تعامل المصارف الإيرانية مع العالم، ومنع الملاحة التجارية الإيرانية في البحار، ومنع تنقّل مسؤولي الحرس الثوري الإيراني في الخارج.
وبدت مطالب بعض الدول عالية السقف للغاية، وتتعارض مع المصالح والسياسات الصينية والروسية. لكن، على عكس ما كان سائداً من قبل، لم تتولّ روسيا قيادة المعارضة، بل سارت هذه المرة خلف الصين، التي لم تخف معارضتها لأي تشديد للعقوبات.
وكان ريابكوف على عكس الآخرين، حريصاً على توضيح المواقف من الدعوة الغربية، ومُبدياً تمسّكه بتأكيد وجود «جبهة عالمية منسّقة» لا تزال تتولّى سياسة الترغيب والترهيب مع إيران. وفيما أكد أن جلّ الاجتماع خُصّص لبحث مسألة الترهيب، أضاف ريابكوف أن روسيا تتمسك بموقف يرجّح كفة الترغيب، مؤكداً أن الاجتماع «لم يكن حاسماً، بمعنى أننا لم نتخذ أي قرارات الآن».
أما المندوب الفرنسي، فقد نفى الاتفاق على موعد لعقد لقاء ثان، رغم أن كوبر تحدث عن موعد محتمل في نيسان المقبل. وقال أوديبرت إن الغاية من اجتماع نيويورك لم تكن اتخاذ قرارات محددة، بل كانت مجرد «اجتماع عمل». واقتصر وصف بيرنز للاجتماع على أنه «مفيد للغاية». وامتنع المندوبان الصيني والبريطاني عن الإدلاء بأي تصريح.
من جهته، حرص كوبر على التأكيد، في مؤتمره الصحافي، أن الاجتماع لم يتوصل إلى بيان ختامي مشترك، لكنه لخّص نقاطاً لأهم ما جاء فيه، والذي كان في معظمه عرضاً لما يعدّه الغرب «إخفاقاً من جانب إيران في تلبية شروط المجتمع الدولي».
وقال المسؤول الأوروبي إن إيران «أخفقت في متابعة اجتماع جنيف وترفض عقد اجتماعات ثانية من أجل مناقشة المسألة النووية». ولخّص نقاط قلق الغرب في ثلاثة أمور: الأول «بناء مفاعل سرّي في قم لا يتمتع بأي غاية مدنية معقولة». والثاني القلق من أن إيران لا تتعاون بما يكفي مع وكالة الطاقة. والنقطة الثالثة تتعلق بـ«عدم قبول إيران عرض الوقود لمختبر الأبحاث النووية».
في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمانبرست، إن «فشل اجتماع مجموعة الست أمر طبيعي. الحل هو أن تعترف هذه المجموعة بالحقوق النووية لإيران».
وقال السفير الإيراني لدى روسيا، محمود رضا ساجدي، إنّ من غير المرجّح أن تضحّي موسكو بعلاقاتها الطيّبة مع طهران من أجل إقامة علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة.
وأضاف أن العلاقات بين موسكو وواشنطن «تعجّ بالخلافات وتعاني من الافتقار إلى الثقة».

الاجتماع لم يتوصل إلى بيان مشترك ولا تحديد لموعد جديد
من جهة أخرى، شددت إيران الإجراءات الأمنية الهادفة إلى حماية علمائها النوويين، بعد أيام على اغتيال عالم الفيزياء النووية مسعود علي محمدي.
وجاء التشديد متزامناً مع تفجير رجل عبوة ناسفة قرب مكتب حاكم إقليم خراسان، في مدينة مشهد، شمال شرق إيران، فأصيب بجراح أفضت إلى وفاته، لكنه لم يسبّب أضراراً أخرى.
في هذه الأثناء، ذكر موقع «كلام» الإلكتروني أن حكماً بالسجن لستة أعوام صدر بحق المسؤول الإصلاحي الإيراني محسن صفائي فرحاني، الذي اعتقل خلال اضطرابات حزيران الماضي.
إلى ذلك، أعلن قائد القوة البحرية في الجيش الإيراني، الأميرال حبيب الله سياري، أن إيران تقوم حالياً بإنتاج بوارج مجهزة بأنظمة صاروخية متطورة، مثل أنظمة صواريخ «بيكان» و«جوشن» و«درفش».