بول الأشقريعيش الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز أياماً صعبة بسبب قرارات مرتجلة في ظروف معاكسة دفعت بالأحداث إلى الشارع؛ فالبلاد تعاني أزمة طاقة خانقة قد تؤدي إلى انقطاع في التيار بعد أشهر. وبعد تقنين توزيع المياه في أواخر العام الماضي، أتى الآن دور الطاقة الكهربائية التي جُمّدت مؤقتاً في العاصمة. وأدى الانكماش الاقتصادي إلى خفض سعر صرف العملة وإقرار سعرين لصرفها، ما فاقم مشكلتين مزمنتين، هما التموين والتضخم. أخيراً، قبل عشرة أيام، وبعد يوم حافل من التظاهرات الضخمة الموالية والمعارضة، جاء إقفال 6 قنوات تلفزيونية على الكابل ليفسح المجال أمام إعطاء التنديد الشعبي بعداً دولياً، وليشكل «رابطاً ديموقراطياً» بين المعضلات المطلبية، وليستفز الحركة الطلابية.
ويقول الباحث المتخصص في شؤون حكم تشافيز، رونالد رودريغيز: «ليست أخطر أزمة يواجهها تشافيز، لكنها بالتأكيد الأزمة التي ارتكب فيها أكبر عدد من الأخطاء». فالحركة الطلابية تواجه تشافيز للمرة الثانية، وحول الموضوع نفسه تقريباً (قضية تلفزيون «أر سي تي في»). وتشافيز الذي يتقن مقارعة المعارضة التقليدية، يبدو أقل نجاحاً مع الطلاب.
قبل ثلاثة سنوات، أدى الطلاب دوراً حاسماً في توحيد المعارضة وتحديثها قبل الاستفتاء الدستوري الذي أدى إلى الهزيمة الانتخابية الأولى لتشافيز. بعد ذلك، كما دلت النتائج الانتخابية التالية، تقلص الفارق بين قاعدتي الموالاة والمعارضة لتصبحا من أوزان متقاربة. هذه المرة أيضاً، نجح الطلاب في التعبير عن هموم الناس والربط بينها ونقلها إلى المناطق وحتى إلى ملاعب «البايسبول»، حيث سُمع هتاف «1،2،3 تشافيز يلا برا»، في إشارة إلى أن اللاعب يخرج من الملعب إذا فشل ثلاث مرات في محاولاته.
في المقابل، يبدو تشافيز «مرتجلاً ومبرراً وعاجزاً» في معالجة هذه المواضيع الحياتية، فضلاً عن أنها أدّت إلى تشققات في صفوف معسكره المفحم أصلاً بالاتهامات المتبادلة، بحيث كانت قوة تشافيز تتمثل بوحدة صفوفه وضعف المعارضة باختلافاتها قبل عام 2007. فبعد إقالة وزير الطاقة على أثر تقنينه الكارثي، استقال نائب رئيس الجمهورية وكان يشغل حقيبة وزير الدفاع، وكذلك زوجته وزيرة البيئة وحاكم المصرف المركزي، وعلى الأرجح لخلاف على نمط معالجة أزمة التلفزيونات.
قبل أيام، احتل تشافيز الشبكة الوطنية للإعلام لمدة أربع ساعات، وصف في خلالها الطلاب بـ«دمى بأيدي اليمين الفاشي الباحث عن خطة لتهديد الاستقرار». وحذرهم من اللعب مع الثكنات، واتهم معارضيه بالبحث عن «موتى ودم وجندي يفقد أعصابه». وأنهى حديثه قائلاً: «اليوم، انقلاب عسكري يميني صار مستحيلاً في فنزويلا، أما انتفاضة يسارية لتعميق التغييرات فهذا ممكن، وقد أقودها إذا أجبرت، مع أني لا أريد ذلك».
يدري تشافيز أن شعبيته على تراجع (للمرة الأولى تهبط تحت عتبة 50 في المئة) ولا ينوي الإيحاء بالليونة في مواجهة لم يختر ساعتها، ومسؤوليته على المحك. في أفق الطرفين، الآن الانتخابات النيابية في أيلول، حيث ستكون المعركة هذه المرة على الأكثرية المطلقة، بعدما نعم تشافيز بمجلس خاضع لمشيئته إثر مقاطعة المعارضة عام 2005.
في العادة، يجوهر تشافيز مع تزايد الاستقطاب، شرط أن يكون عن قضايا سياسية، ولا مصلحة له في ما هو جارٍ حول مواضيع حياتية. لذلك تحاول الحركة الطلابية البقاء في الشارع قدر المستطاع لأنها تعلم أن الرابح سيكون مَن نفَسُه أطول، ومن يرتكب أخطاءً أقل في هذه الحقبة الفاصلة عن «تصفية الحسابات».