واشنطن ـ محمد سعيدخاص بالموقع - يُجري الكونغرس الأميركي تحقيقات بشأن ما يتردّد عن منح أموال أميركية لبعض أمراء حرب وعناصر من حركة «طالبان» لقاء توفير طرق مرور إمدادات القوات الأميركية في أفغانستان.
وقال العضو الديموقراطي البارز في مجلس النواب، جون تيرني، الذي يتولى رئاسة هذه التحقيقات إنه «إذا ما ثبتت صحة هذه الادعاءات، فإن الولايات المتحدة ستكون قد شاركت في عملية نصب وتحايل على القانون بطريقة غير مقصودة، علاوة على اشتراكها أيضاً في تمويل أعداء بطريقة غير مباشرة».
وأشار تيرني إلى أن معاونيه حصلوا على معلومات يمكن الاعتماد عليها، تفيد أن حراس أمن تابعين لشركات نقل يقدمون أموالاً إلى أباطرة الحرب المحليين، أو عناصر من «طالبان» بغرض تأمين الطرق التى تمر بها الإمدادات الأميركية من الأسلحة والذخيرة والمواد الغذائية والمياة والوقود قبيل وصولها في النهاية إلى قوات الجيش الأميركي في أفغانستان». وأوضح أن الغرض الأساسي من دفع الأموال إلى أمراء الحرب المحليين أو عناصر حركة «طالبان»، هو تأمين مرور شحنات الإمدادات، بحيث تصل سليمة في النهاية إلى القوات الأميركية.
وأكد تيرني رفضه الإقدام على مثل هذا المسلك، واصفاً دفع هذه الأموال بأنه يعدّ بمثابة «إتاوة». لكنه أقر بصعوبة رصد مسار هذه الأموال الأميركية، وتحديد الأشخاص الذين حصلوا عليها بالنظر إلى وجود وسطاء عديدين في مثل هذه الأحوال.
وذكرت شبكة «سي بي إس» الأميركية أن تيرني يسعى إلى الحصول على وثائق من وزارة الدفاع «البنتاغون» وشركات أخرى تتناول عقداً أميركياً تبلغ قيمته نحو 2.1 مليار دولار لنقل بضائع وإمدادات أخرى إلى قاعدة عسكرية في باغرام، وهي القاعدة الأميركية المركزية في أفغانستان، عبر أراضي باكستان، التي يجري توزيعها بعد وصولها إلى باغرام إلى عدة مئات أخرى من القواعد والمعسكرات الأميركية الأصغر حجماً فى مختلف أنحاء أفغانستان.
ونقلت «سي بي إس» عن المسؤول في إحدى شركات نقل الإمدادات، جون دواكينز، قوله إن «دفع أموال إلى أباطرة الحرب المحليين وعناصر «طالبان» كان أمراً لا مفرّ منه، وإنه لم يكن هناك من خيار سوى الإقدام على تلك الخطوة لتنفيذ مهمّة نقل الإمدادات، التي كانت محفوفة بالمخاطر، وخاصةً في ظل عدم وجود قوات متخصّصة من كلّ من الولايات المتحدة أو حلف شماليّ الأطلسي لتأمين مرورها».
أضاف دواكينز إن «الانتقال من مكان إلى آخر كان يستلزم دفع أموال ضخمة، وكان من الصعب تحديد هل تصل هذه الأموال إلى عناصر «طالبان» وحدها أم إلى أشخاص آخرين، أشخاص تقابلهم على طول الطريق من قُطّاع الطرق واللصوص. وكانت عملية تحديد من ينتمي إلى «طالبان» ومن لا ينتمي إليها أمراً صعباً فى ظل هذه الأوقات العصيبة للغاية». يُذكر أن عقد نقل الإمدادات إلى القوات الأميركية في أفغانستان أُبرم مع ثماني شركات اعتباراً من أول أيار الماضي باسم «عقد نقل عبر الدولة المضيفة».
وكانت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، قد أقرّت في شهادة لها أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في الـ2 من الشهر الجاري بأن طرق الإمدادات الطويلة والوعرة من ميناء كراتشي الباكستاني إلى داخل أفغانستان توفّر فرصاً عديدة للتحايل والفساد، وتؤدّى في النهاية إلى زيادة وتضخّم أرصدة حركة «طالبان» المالية. وأكدت كلينتون أن هذه المشكلة لا تخص أفغانستان وحدها، وأنه يتعيّن على المرء أن يكون صادقاً مع نفسه، وأن يتعامل معها على أنها مشكلة معقّدة وصعبة.