بول الأشقرأسبوع على توقيع الاتفاق في هندوراس بين الطرفين المتصارعين نتيجة الضغوط الأميركية كان كافياً ليعود الوضع إلى نقطة الصفر، بعد رفض الرئيس المخلوع مانويل زيلايا تعيين ممثليه في حكومة الوحدة الوطنية، لأن خطوة عودته إلى الرئاسة التي أحيلت إلى الكونغرس، الذي لم يبتّها بعد، لم تسبق بند تأليف الحكومة. واستغل رئيس الأمر الواقع روبرتو ميتشيليتي الوضع ليعيّن حكومة من لون واحد، أطلق عليها تسمية «حكومة وحدة وطنية ومصالحة»، مع أنها لا تتضمن أي ممثّل عن زيلايا. أما هذا الأخير فرأى أن الاتفاق قد «انهار»، ودعا إلى مقاطعة الانتخابات المنوي عقدها في 29 من الشهر الجاري، و«عدم الاعتراف بنتائجها المزورة»، مطالباً منظمة الدول الأميركية بأخذ موقف من التطورات. ويدل انهيار الاتفاق الهندوري، أيام ما بعد تأليف «لجنة مراقبة تطبيقه» المؤلفة من الرئيس التشيلي السابق ريكاردو لاغوس ووزيرة العمل الأميركية هيلدا سوليس إضافة إلى ممثل عن الطرفين، على تأكيد جديد لسياسة تضييع الوقت التي اعتمدتها قوى الأمر الواقع منذ البداية للوصول إلى موعد الانتخاب وطيّ صفحة ما حدث من قبل.
ونجح الانقلابيون، الذين اعتمدوا على تورّط وتماسك جميع القطاعات النافذة في هندوراس من قضاء وإعلام وكنائس ورجال أعمال وعسكر، في اللعب على تناقضات الإدارة الأميركية، بعدما تأكدوا من أن ما يهم باراك أوباما هو إخراج شكلي يسمح له بالقول إنه لم يشرعن الانقلاب، حفاظاً على الصفحة الجديدة التي وعد بفتحها مع القارة، وما يعني وزارة الخارجية الأميركية هو ألا تتحول عودة زيلايا إلى مكافأة لتخلّيه عن واشنطن لمصلحة كاراكاس لدى انضمامه إلى منظمة «ألبا». واعتمد الانقلابيون من أجل ذلك على لوبيات يمينية فاعلة داخل الإدارة والكونغرس، نجحت مثلاً في العرقلة خلال أشهر من مناقشة تعيين ألبرتو فالنزويلا وزير خارجية مساعداً لشؤون أميركا اللاتينية. تبقى الورقة الأخيرة بيد زيلايا، وهي التزام كل دول العالم، وخصوصاً أميركا اللاتينية، بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات إلا إذا سبقتها عودة الرئيس المخلوع ـــــ الشكلية في كل الأحوال ـــــ إلى منصبه. ويبقى أمام واشنطن 3 أسابيع لإعادة إخراج الصورة التي قد تسمح لها بالادّعاء ـــــ ولو لذر الرماد بالعيون ـــــ بأن حقبة الانقلابات في أميركا اللاتينية قد ولّت إلى غير رجعة.