يبدو أن الدبلوماسيّة الإسرائيلية استطاعت خلال لقاء مدفيديف ـــ بيريز الشهر الماضي، إقناع موسكو بأن قوة إيران سترتد عليها سلباً في فنائها الإقليمي في مستقبل قريب، ولا سيما في الجمهوريات الإسلامية القريبة
نيويورك ــ الأخبار
كشف مصدر دبلوماسي مطّلع لدى الأمم المتحدة أن روسيا تراجعت عن خطة بيع إيران صواريخ للدفاع الجوي ذات مدى 300 كيلومتر قادرة على اعتراض الطائرات الإسرائيلية قبل مسافة طويلة من بلوغها الأهداف النووية الإيرانية، مشيرا إلى أن موسكو ستسعى للالتفاف على تعهداتها السابقة ببيع طهران صواريخ ذات مدى أقصر لا يتجاوز 80 كيلومتراً، بحجة أنها «تفي بالغرض ولا تستدرج ردوداً انتقامية».
ورأى المصدر أن تبدل الموقف الروسي عائد إلى أمرين، أولهما أن موسكو حصلت على دعم إسرائيلي بإلغاء مشروع الدرع الصاروخية، الذي كان سينصب في شرق أوروبا، والثاني أن الولايات المتحدة قبلتها شريكاً رئيسياً في أي تسوية دبلوماسية في الشرق الأوسط، ولاعباً لا يمكن تجاهله في المعادلة الأمنية الأوروبية.
وأشار المصدر الدبلوماسي إلى أهمية لقاء الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ونظيره الإسرائيلي شمعون بيريز، الشهر الماضي في موسكو، حيث استطاع الأخير «إقناع القيادة الروسية بأن قوة إيران سترتد عليها سلباً في فنائها الإقليمي في مستقبل غير بعيد، ولا سيما في الجمهوريات الروسية الإسلامية القريبة. وأن مسألة احتواء إيران تخدم المصالح المشتركة».
ورأى الدبلوماسي أن الصواريخ القصيرة المدى تمثّل نكسة لإيران كونها لا تعطيها المناعة الكافية في أي مواجهة وتعرّض أهدافها الرئيسية، ولا سيما محطة الماء الثقيل في «أراك»، إلى خطر الإغارة من الطائرات الإسرائيلية الجديدة التي تزوّدها الولايات المتحدة لإسرائيل، وأهمها طائرات «أف ـ 35» القادرة على توجيه صواريخها من بعد 200 كيلومتر. وأضاف أن التراجع عن بيع الصواريخ الأولى من شأنه إضعاف الوضع التفاوضي لطهران حول برنامجها النووي وتحجيم طموحاتها التقنية وربما العسكرية مستقبلاً كونه يسحب «الدعم الروسي المقنّن»، الذي كانت موسكو توفره لإيران في عدة مجالات، ولا سيما في مجلس الأمن الدولي.
هذا التطور الروسي، تزامن مع استكمال تعزيز الدفاعات الأرضية الإسرائيلية عبر تأمين الدرع «الليزرية» القادرة على إسقاط حتى الصواريخ القصيرة المدى «كما يفترض»، وإقامة «القبة الحديدية» المشتركة مع الولايات المتحدة، التي تستهدف الصواريخ البعيدة المدى مثل صاروخ «شهاب ــ 3». وأضاف المصدر أن تقديرات العسكريين الأميركيين تشير إلى أن إيران لا تملك أكثر من مئتي صاروخ من هذا الطراز.
لكن الدبلوماسي رأى أنه في حال إقدام إسرائيل على عمل عسكري ضد إيران بعد فشل المفاوضات معها، فستكون الدول العربية المتاخمة لإيران نقطة الضعف الرئيسية لطهران، لأن الصواريخ الإسرائيلية الحاملة لرؤوس تكتيكية نووية مثل صاروخ «أريحا»، ستمرّ عبر الأجواء العربية من دون إذن. كما أن الدول العربية نفسها، سواء الخليجية منها أو العراق، ليست في وضع سياسي وعسكري يمكنها من معارضة دخول طائرات مقاتلة إسرائيلية إلى أجوائها، وخصوصاً أنها ستنسّق مع القواعد الأميركية الكثيرة في المنطقة.
واستبعد المصدر أن تشن إسرائيل الهجوم من دون موافقة أميركية ـــــ أوروبية، مرجّحاً أن تحقق المفاوضات الجارية نجاحاً يقي المنطقة مواجهة يمكن معرفة كيفية وقوعها، لكن لا أحد يستطيع تقدير مدى ما يمكن أن تصل إليه.