حثّ الرئيس الأميركي باراك أوباما الكونغرس أمس على التحرك لإصلاح نظام الرعاية الصحية في البلاد بما يسمح بخفض النفقات وتوسيع التغطية الصحية، مستنكراً في الوقت نفسه «تكتيكات التخويف» التي يمارسها معارضوه لعرقلة مشروعه جدد الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، تأكيد أهمية إصلاح نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، بعد أقل من 24 ساعة على خطاب ألقاه في الكونغرس الأميركي حذّر فيه من أن النظام الحالي على مشارف الانهيار، قبل أن يباغته أحد النواب وينعته بالكاذب.
وقال أوباما، خلال لقائه أعضاء الجمعية الأميركية للممرضين في البيت الأبيض، أمس، إن الكثير من الناس فقدوا تغطيتهم الصحية، معتبراً أن ما يحصل «أمر محزن وخطأ».
من جهتها، أعربت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس، عن ثقتها من توقيع أوباما مشروع قانون إصلاح الرعاية الصحية هذا العام. وشددت على أنه ليس هناك «سوى عدد قليل من النقاط الشائكة الرئيسية التي تحتاج إلى حل».
بدوره، أعرب نائب الرئيس جو بايدن، في حديث لمحطة «ان بي سي» الأميركية، عن اعتقاده بأنه سيُتوصّل إلى إقرار مشروع القانون قبل «عيد الشكر» الذي يصادف في شهر تشرين الثاني المقبل.
وكان أوباما قد ألقى خطاباً شديد اللهجة في الكونغرس الأميركي، نفى فيه الانتقادات التي وجّهها الجمهوريون إلى خطته، وشدّد على الضرورة الملحّة والواجب الأخلاقي للتحرك. كذلك رسم صورة سلبية لعواقب إبقاء الوضع القائم، مستهجناً «الاستعراض الحزبي» الذي يقوم به خصومه الجمهوريون.
في المقابل، ترك أوباما الباب مفتوحاً للعمل مع الجمهوريين لخفض النفقات الصحية وتوسيع التغطية الصحية لتشمل ملايين الأميركيين. وقال، في معرض وصفه النظام الصحي الذي يسوده استغلال شركات التأمين، «لقد انتهى زمن الألاعيب وآن الأوان للتحرك».
وتوجه أوباما إلى النواب الحاضرين بالقول إن «الجميع في هذه الغرفة يعرفون ما سيحدث إذا لم نفعل شيئاً. سيرتفع عجزنا وستعاني المزيد من العائلات من الإفلاس، وستغلق المزيد من الأعمال، وسيخسر المزيد من الأميركيين التغطية الصحية عندما يمرضون ويكونون بحاجة ماسّة إليها، وبالتالي سيموت الكثيرون». وأضاف «لا يمكننا الفشل، لأن هناك العديد من الأميركيين الذين يراهنون على نجاحنا، الأميركيون الذين يعانون بصمت وأولئك الذين يشاركوننا قصصهم ...». واختصر أوباما مشروعه الصحي بالقول «لست أول رئيس يتناول هذه القضية، لكنني مصمّم على أن أكون الأخير». واستشهد أوباما برسالة للسيناتور الراحل إدوارد كينيدي كان قد كتبها في أيار الماضي مع تعليمات بأن تسلّم إلى الرئيس عند وفاته. رسالة جاء فيها أن الرعاية الصحية «هي قبل كل شيء قضية أخلاقية، وهي ليست مجرد تفاصيل، وترتبط بمبادئ أساسية للعدالة الاجتماعية وبطبيعة بلادنا».
وأوضح أوباما أن القانون الجديد سيُطبَّق على الأميركيين، إلا في بعض الاستثناءات، إذا كان لديهم تغطية طبية، كذلك سيمنع شركات التأمين من رفض مثل هذه التغطية لأسباب تتعلق بتاريخهم الطبي. وأعرب الرئيس الأميركي عن اعتماد خيار إدخال ضمان صحي طبي عام يتولى تغطية الأشخاص الذين ليس لديهم أي ضمان طبي آخر، من أجل إرغام شركات التأمين الخاصة على اقتراح بوليصة تأمين معقولة السعر.
الجمهوريون قلقون من كلفة الإصلاح وشبه تأميم للقطاع الطبي

وقدّر كلفة مشروعه بحوالى 900 مليار دولار على عشر سنوات، سيموّل القسم الأكبر منه عبر الادخار في نفقات الصحة ومكافحة الفساد والهدر، فيما ستتولى شركات التأمين وشركات الصيدلة تغطية المبلغ الباقي.
إلا أن خطاب أوباما الذي لقي استحسان الديموقراطيين، لم يعجب النائب الجمهوري عن ساوث كارولينا، جون ويلسون، الذي توجه إلى الرئيس الأميركي بالقول «إنك تكذب»، حين أشار أوباما إلى أن الإصلاح لن يموّل التغطية الطبية للمهاجرين غير الشرعيين، قبل أن يعود ويعتذر عن تصرّفه في رسالة وجّهها إلى رئيس الموظفين في البيت الأبيض راحم عمانويل.
ويطالب الجمهوريون، الذين يحتاج أوباما إلى تأييدهم لإمرار خطته الإصلاحية، بأن يعيد أوباما النظر في مشروعه. وهم يعبّرون عن قلقهم إزاء كلفة الإصلاح وإزاء الوصول إلى ما يشبه تأميم القطاع الطبي.
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب)