في سيناريو يذكّر بما سبق حرب «تحرير الكويت»، يبدو أن عمل مجموعة «٥+١»، المتعلقة بالملف النووي الإيراني، سيتراجع ليعود الثلاثي الأميركي ــ الفرنسي ــ البريطاني إلى الإمساك بزمام المبادرات

باريس ــ بسّام الطيارة
أكدت معلومات متواترة حصلت عليها «الأخبار»، من مصادر واسعة الاطلاع، أن دورة أيلول السنوية في الأمم المتحدة، ستكون حاسمة في ما يتعلق بالملف الإيراني. وذكرت المصادر أن الدوائر الدبلوماسية الفرنسية، تستعد لهذه الدورة. ويبدو أن حسم الأمور بات «لا يحتمل التردد الروسي» ولا «المراوغة التجارية الصينية»، حسبما يرى مصدر مقرّب من القضية، وخصوصاً بعدما فاجأت بكين في شهر آذار العواصم الغربية بتوقيع عقد بقيمة 3.2 مليارات دولار لتطوير حقل «جنوب فارس»، الذي يحوي أكبر مخزون غاز في العالم.
ووصف المصدر هذا الجهد الإيراني لشبك مصالح طهران النفطية مع بكين، بأنه نوع من «فقدان الثقة» بمواقف موسكو المحتملة إذا تطوّرت الأمور نحو عقوبات أقصى.
ويذكّر المصدر بتحذير الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، من إمكان أن تشنّ إسرائيل هجوماً مفاجئاً على البنية النووية الإيرانية وبأنه «في حال حصوله سيكون كارثة»، مؤكداً أنه لا «تحضيرات عملية» لضربة للمنشآت النووية الإيرانية.
ووصف المصدر «التدريبات بين القوات الأميركية والإسرائيلية فوق المتوسط» بأنها «تهويل إعلامي»، بينما تقول مصادر أوروبية بأنها هدفت «إلى استيعاب المزايدة العسكرية الإسرائيلية» الموجهة أيضاً إلى «أهداف إعلامية».
إلا أن المصدر نفسه يشير إلى «تآكل فترة السماح» واقتراب «ساعة الحسم»، ويذكّر بما قاله وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في إسرائيل قبل أيام، ووصفه «امتلاك إيران للسلاح نووي بأنه يمثّل تهديداً لدول المنطقة والعالم بأسره»، ودعوته طهران إلى قبول عرض الرئيس باراك أوباما.
وتشير كل الدلائل إلى أن القوى الغربية تستعمل أيضاً «فترة السماح» لتحضيرات عسكرية تشمل منطقة الخليج وحلفاءها، بينما يلفت مصدر فرنسي إلى أن «طمأنة جيران إيران مسألة مهمة»، مشدداً على أن «واشنطن تستعد لبسط درع دفاعية». ويرفض المصدر شمل القاعدة العسكرية الفرنسية الجديدة في أبو ظبي ضمن إطار هذه التحضيرات، رغم أنها، كما يقول، «تُسهم في تقوية معسكر السلام».
وجاء خبر اعتقال إيران لثلاثة «سياح أميركيين» أمس ليزيد من اقتناع المراقبين بأن «الاستعدادات العسكرية» على قدم وساق، إذ تذكّر هذه الحادثة بمثيلاتها التي سبقت الحرب على العراق، حين تبيّن أن أعداداً من «طلائع» القوات المتحالفة كانت ترسل «خلف الحدود» لوضع «علامات إلكترونية» ونشرها لتوجيه القنابل الذكية ولضبط معادلات القياس المرتبطة بالأقمار الصناعية لتحديد دقيق لـ«بنك الأهداف».
رغم كل هذا، يدعو مصدر دبلوماسي إلى انتظار دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة في أيلول. ويقول إن «معطيات جديدة يمكن أن تبرز»، مشيراً في هذا الإطار إلى أن «ضعضعة النظام بعد الانتخابات الرئاسية» والظروف التي واكبتها يمكنهما أن تفتحا «باب تسوية» تمنع الضربة العسكرية. إلا أنه يقول إن أي تسوية يجب أن تقود إلى «وقف عقارب الساعة النووية»، وإن باريس وواشنطن ولندن غير مستعدة لأن تكون هذه التسوية محطة جديدة لكسب الوقت، «وهو ما برع فيه الإيرانيون»، مؤكداً أنه ستكون هناك قرارات جديدة لمجلس الأمن تشدد من العقوبات، وأنها ستكون تحت البند السابع مع فسح المجال لطهران لكشف برنامجها النووي في «فترة لن تتجاوز نهاية السنة».