بول الأشقربعد غياب دام منذ انقلاب الدكتاتور أوغيستو بينوشيه عام 1973، صارت عودة الشيوعيين التشيليين إلى مجلس النواب مرجحة في انتخابات نهاية العام الجاري. وفي بلد يتميّز عن بقيّة دول أميركا اللاتينية بتنظيمه الحزبي، يشكل الاتفاق الذي وقع الأسبوع الماضي بين قيادة الائتلاف الحكومي المعروف باسم «التنسيق»، الذي يضم الديموقراطيين المسيحيين والاشتراكيين، وبين الحزب الشيوعي التشيلي، شبه ضمانة لعودة هذا الأخير إلى صفوف مجلس النواب.
وكان القانون الانتخابي الموروث من حقبة بينوشيه، يفرض على الأحزاب نيل نسبة عالية من الأصوات للتمثيل النسبي، ما كان يؤدي دائماً إلى حصر التمثيل بائتلاف «التنسيق»، وبخصمه اليميني، وإلى إقصاء القوى الأكثر يسارية من البرلمان.
والاتفاق الذي وقع مع الشيوعيين أخيراً، والذي لا يشمل الانتخابات الرئاسية، ينص على تقديم 20 مرشحاً مشتركاً بين «التنسيق» والشيوعيين واليسار المسيحي.
ويتحكم «التنسيق» بمقاليد البلاد منذ إجراء انتخابات ما بعد حقبة بينوشيه، ونجح حتى الآن في انتخاب تباعاً، رئيسين من «الديموقراطية المسيحية»، تلاهما رئيسان من الحزب الاشتراكي، ومنهما الرئيسة الحالية ميشيل باشليه. ويواجه «التنسيق» اليوم صعوبات شتى للحفاظ على الأكثرية البرلمانية وأيضاً على الموقع الرئاسي.
تراجع يفسر حسم «التنسيق» قراره بالإقدام على هذه الخطوة، وخصوصاً جناحه الديموقراطي ـــــ المسيحي الذي كان موافقاً مبدئياً عليها ومتحفّظاً في الواقع.
وسيكون مرشح «التنسيق» للرئاسة، الرئيس السابق إدواردو فريه، وهو من الحزب الديموقراطي المسيحي. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن فريه متأخر عن خصمه اليميني سيباستيان بينييرا. وبينييرا هو المرشح المهزوم أمام باشليه في الدورة السابقة، وأحد أغنى رجال البلاد، وهو سياسي غير ملطخ بتهمة «البينوشية» ويرمز إلى «التجديد» أكثر من مرشح «التنسيق» التقليدي. وفيما ينال ينييرا 35 في المئة من أصوات المستطلعين، لم ينجح بعد فريه في تخطّي عتبة الـ22 في المئة، كما أن الاستطلاعات تدل على أن الائتلاف الحاكم مهدّد بخسارة غالبيته النيابية.
وإذ حيّا الحزب الشيوعي الاتفاق «التاريخي»، و«البداية الحقيقية لمرحلة ما بعد بينوشيه»، فقد اعترض حليفه التقليدي «الحزب الإنساني»، وشريكه خلال كل حقبة العزلة، لأنّ الاتفاق لم يشمله، وهو ما أدى إلى «استبدال إقصاء قديم بآخر جديد».