خاص بالموقع | PM 11:46نيويورك ـ نزار عبود
نجح رئيس الدورة الـ63 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ميغيل ديسكوتو بروكمان، أمس، في التوصل إلى بيان ختامي أجمع عليه ممثلو الدول الـ192 الأعضاء في الأمم المتحدة، بعد محاولات عرقلة واسعة وضعت في طريقه. وشدّد البيان على فرض رقابة أكبر على المراكز المالية الكبرى وحركة انتقال رأس المال، ومنح الدول النامية دوراً في عمل المؤسسات الرقابية.

ورغم عزوف الدول الكبرى عن المشاركة الحقيقية، وتأخير المؤتمر لنحو ثلاثة أسابيع عن موعده الأساسي، نتيجة مواقف بروكمان المنتقدة للدول الغنية، فإن المفاوضات الحثيثة التي جرت، مكّنته من تحقيق إنجاز يرفع من مستوى دور الأمم المتحدة في معالجة الأزمات المعيشية والمالية للعالم عن طريق أكثر مؤسساتها ديموقراطية، أي الجمعية العامة.

وحذر الأمين العام بان كي مون، في كلمة الافتتاح، من توهُّم اقتراب الأزمة من نهايتها. وقال إن «ما يخرج من هنا وهناك ما هو إلا بوادر وعلامات لا تعني الكثير». وكشف بان أنه يحرك الوكالات التابعة للمنظمة الدولية لدعم الشعوب في مجال الأمن الغذائي، منبّهاً من أنه، بالنسبة إلى عدد كبير من الدول، «ليس هناك من أغصان خضراء تشير إلى انتعاش، بل هناك حقول جدباء وعواقب الأزمة الاقتصادية قد تستمر لسنوات كثيرة مقبلة».

بدوره، أعرب الأب بروكمان، عن ثقته بأن يحظى البيان الختامي بالإجماع التام عندما يطرح على التصويت في الجلسة الختامية التي تُعقد غداً الجمعة، مبرراً أمله بأنّ البيان «يساعد في وضع الأمم المتحدة في مركز النقاشات لمعالجة الأزمة بطريقة جامعة وعاجلة في آن».

ويقرّ البيان الختامي لمؤتمر الأمم المتحدة حول الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وآثارها على التنمية، بأنها «أكبر الأزمات التي مرت على العالم منذ الكساد العظيم» في نهاية العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من القرن الماضي. ووجدت الدول المشاركة في صياغته أن الدول النامية والفقيرة هي الأشد تضرراً من الأزمة. لذا أوصى البيان بتخصيص سيولة وتمويلاً أكبر من السابق، بشروط ميسرة، لتخفيف حدتها على تلك الدول.

كذلك دعا إلى زيادة الموارد الخاصة بالإعانات الاجتماعية، وضمان الأمن الغذائي والتنمية البشرية، ومتابعة الإيفاء بالالتزامات المالية السابقة.

وترحب الوثيقة بإصلاحات تحسين أداء مؤسسات «بريتون وودز» المالية (صندوق النقد والبنك الدولي وبنك التسويات الدولية) وتدعو إلى إتاحة فرصة أوسع لمشاركة الدول النامية ورفع مستوى الشفافية والرقابة الدولية فيها. وشدد بصورة على ضرورة ممارسة صندوق النقد الدولي الرقابة الصارمة على المراكز المالية الكبرى في العالم وعلى حركة رأس المال بين الدول، وإقامة «نظام إنذار مبكر» يرصد الأزمات قبل وقوعها.

ويُعقَد المؤتمر بعد ارتفاع وتيرة القلق من تقرير صدر عن البنك الدولي أخيراً، جاء فيه أن الناتج الإجمالي العالمي مهدد بالانكماش بنسبة 2.9 في المئة هذا العام، وهي نسبة عالية مقارنة مع التوقعات السابقة. كذلك توقعت المؤسسات الغذائية للأمم المتحدة، زيادة عدد الجائعين على مليار نسمة هذه السنة.

زيادة «ليست ناجمة عن محاصيل زراعية بائسة، بل عن الأزمة المالية العالمية التي أدت إلى هبوط المداخيل وزيادة عدد العاطلين من العمل» بحسب تعبير المدير العام لمنظمة الغذاء والزراعة العالمية جاك ضيوف.

وتناول المؤتمر أيضاً مسألة تراكم الديون المستحقة قبل نهاية السنة على الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل، وتلك الدول التي تمر بمراحل انتقالية من حيث التنمية. بينها ديون حكومية (سيادية) تبلغ 3 تريليونات دولار، فضلاً عن تريليون آخر مترتب على القطاع الخاص. وتوقع تقرير البنك الدولي «تمويل التنمية العالمية»، الذي صدر في 22 من حزيران الجاري، انخفاض الدورة المالية في الدول النامية إلى 363 مليار دولار هذه السنة مقارنة بـ1200 مليار دولار في عام 2007 عشية تفاقم الأزمة.

ويناقش المؤتمر الذي يحضره عدد قليل من رؤساء الدول ورؤساء الوزراء (14 فقط) فضلاً عن 48 مندوباً على مستوى وزاري من أصل 192 دولة، كيفية تعاطي مؤسسات الأمم المتحدة مع الأزمة، وكيفية تطوير عملها بما يتوافق مع مقتضيات هذه المرحلة التاريخية الحرجة.

وعقدت على هامش المؤتمر أربع حلقات دراسية تراجع قضايا مؤثرة مثل البطالة والتجارة والاستثمار والتنمية ومدى ما وصلت إليه أهداف الألفية من تقدم.

وعلى هامش المؤتمر، عقد الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، سوباتشاي باكدي، مؤتمراً عرض فيه التقرير الجديد عن التنمية في أفريقيا.

وقال إن القارة السمراء مهددة أكثر من سواها بتبدد الإنجازات الكبيرة التي حققتها في السنين القليلة الماضية من جراء ارتفاع أسعار المواد الأولية والمحاصيل الزراعية.

ونبه باكدي الذي جُدِّد له في منصبه لأربع سنوات مقبلة، إلى أن الصناديق السيادية في بعض الدول «تستغل غياب القوانين التنظيمية في أفريقيا وتستأجر الأراضي الخصبة لعدة عقود على حساب السكان المحليين». ودعا لأن تصبح العلاقة التنموية بينها وبين شعوب المنطقة «تكاملية» وفق نظم تمنع الاستغلال، حاثاً على تنظيم مديونية الدول الفقيرة وشطب الكثير منها.