خاص بالموقعبول الأشقر
تعيش هوندوراس ساعات حرجة من صراع السلطات بعدما اصطف الرئيس مانويل زيلايا من جهة، ومجلس القضاء الأعلى وقيادة الجيش والمجلس النيابي من جهة أخرى، على ضفتين متقابلتين حول استفتاء كان الرئيس ينوي تنظيمه غداً الأحد، من أجل فتح الباب أمام تعديل الدستور. وبالرغم من التوتر الشديد المسيطر على شوارع العاصمة تيغوسيغالبا، لم تقع بعد أعمال عنف، بينما يتهم الطرفان بعضهما بعضاً، بتنظيم «انقلاب دستوري».
وفي عام 2005، انتُخب الليبرالي مانويل زيلايا رئيساً وخسر مرشح المحافظين في حينها. وخلال ولايته، تقرّب زيلايا، الملقب بـ«ميل»، من الأنظمة التقدمية اليسارية في القارة، وخصوصاً فنزويلا، وانتسب فجأةً إلى منظمة «ألبا» البوليفارية، وتحوّل إلى أحد أركانها.
ومع اقتراب موعد الانتخابات العامة في نهاية السنة الجارية، دعا «ميل» إلى استفتاء لمعرفة رأي الناخبين في تعديل الدستور، وإلى انتخاب أعضاء مجلس تأسيسي بموازاة الانتخابات العامة المقررة في تشرين الثاني المقبل.
وكان مجلس القضاء الأعلى قد عدّ الاستفتاء «غير شرعي»، لأنه لا يحق لرئيس الجمهورية اقتراح تعديل دستوريّ، الذي يبقى حقاً محصوراً بمجلس النواب. وشُنَّت حملة كبيرة معادية للاستفتاء، تصدرتها الكنائس والصحافة وأوساط رجال الأعمال عموماً، متهمة زيلايا بالعمل على تنفيذ «انقلاب دستوري، والبحث عن التجديد أسوة بحليفه (هوغو) تشافيز». أما مويّدو اقتراح الرئيس، فيتمثّلون خصوصاً في الحركات النقابية والاجتماعية.
وفيما أمر رئيس الجمهورية، قائد الجيش، بالمساعدة على تنظيم الاستفتاء، تسلّح هذا الأخير بالقرار القضائي لعدم تلبية الأمر، فما كان من زيلايا إلّا أن أقاله، قبل يومين، ما أدى إلى استقالة وزير الدفاع وقادة سلاح الأرض والجو والبحر في الجيش.
وظهر الانقسام الكبير حين طالب مجلس القضاء الأعلى واللجنة الانتخابية والسلطة التشريعية بإعادة قائد الجيش إلى منصبه، فتجمعت القيادات النقابية حول الرئيس الذي قال: «نجح مجلس القضاء الأعلى في تقسيم البلد إلى اثنين، واحد عسكري وآخر مدني».
وشهد أول من أمس، تطوراً كبيراً، بعدما أمر زيلايا القضاء واللجنة الانتخابية بحجز صناديق الاقتراع والمواد الانتخابية لإجراء الاستفتاء، ثمّ توجه الرئيس شخصياً، على رأس قافلة من أنصاره، إلى ثكنة عسكرية كانت تُحفَظ فيها هذه المواد، وخلعوا الباب وعادوا بها إلى القصر الجمهوري على أمل إجراء استفتاء يوم غد. أما القوات المسلحة، فقد انتشرت في الشوارع وفي نقاط استراتيجية من العاصمة لـ «ضمان السلم الأهلي ومنع أعمال شغب» بحسب بيان صادر عنها.
وفي السياق، ندّدت منظمة «ألبا» بـ«المحاولة الانقلابية»، ودعا مندوب هوندوراس لديها إلى اجتماع طارئ كان من المفترض انعقاده أمس، ليصدر عنه بيان تأييد للسلطات الشرعية، وليطلب إرسال وفد للمساعدة على التفاوض على كيفية الخروج من المأزق.
يستبعد المراقبون حدوث انقلاب عسكري حقيقي في هوندوراس، ولكنهم يؤكّدون أن الخلاف سيفسد الأشهر الأخيرة من ولاية زيلايا.