واشنطن وطوكيو وسيول تؤكّد فشل التجربة في ظل إدانة دولية تسعى موسكو وبكين إلى احتوائهاأطلقت بيونغ يانغ، متجاهلةً كل النداءات الدولية، قمرها الاصطناعي، في محاولة يبدو أنها فشلت في تحقيق الأهداف المعلنة، ولكن مضيّها في التجربة رغم كل التهديدات يطرح تساؤلات بشأن قدراتها التي تمكّنها من مواجهة الضغوط الدوليةأعلنت كوريا الشمالية، أمس، أنها نجحت في وضع قمر اصطناعي في المدار، يقوم حالياً ببث «أغان ثورية خالدة»، تمجد قادة الدولة الشيوعية الحاليين والسابقين، في وقت نفت فيه كل من اليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية هذه الادعاءات، معتبرةً أن العملية فشلت.
وذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية أن «علماءنا وتقنيّينا نجحوا في وضع قمر اصطناعي أطلق عليه اسم كوانغ ــ ميونغسونغ ــ 2 في المدار عبر صاروخ الإطلاق اونها ــ 2، بموجب الخطة الوطنية للتطور الفضائي». وأوضحت أن الصاروخ المؤلف من ثلاث مراحل نجح و«بدقة»، في وضع القمر الاصطناعي في المدار «تسع دقائق وثانيتَين بعد إطلاقه، وهو يدور حالياً حول الأرض كل 12 دقيقة و4 ثوانٍ».
إلا أن مسؤولين كوريين جنوبيين وأميركيين ويابانيين، كانوا يراقبون عملية الإطلاق على متن سفينة حربية قريبة من مركز الإطلاق، بالاستعانة بقمر اصطناعي للتجسس، أكدوا أن أياً من أجزاء الصاروخ لم يدخل المدار، وأعربوا عن اعتقادهم بأن بيونغ يانغ كانت فعلاً تجرّب صاروخ بعيد المدى، يستطيع أن يحمل رأساً نووياً. وأكد وزير الدفاع الكوري الجنوبي، لي سانغ ـــ هي، أمام البرلمان، أن «الطبقات الثلاث من الصاروخ سقطت في البحر. ما من عنصر دخل إلى المدار».
وكانت قيادة الدفاع الفضائي لأميركا الشمالية (نوراد) والقيادة العسكرية الشمالية الأميركية، أعلنتا في بيان لها أن «الطابق الأول من الصاروخ سقط في بحر اليابان. والطابقين الباقيين والصاروخ نفسه، سقطت في المحيط الهادئ».
وقوبلت عملية الإطلاق، بإدانة الولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين والغربيين، فيما دعت الصين وروسيا إلى ضبط النفس. وفيما تداعى مجلس الأمن إلى الانعقاد، أوضح الرئيس الأميركي باراك أوباما، من براغ، أن «كوريا الشمالية تجاهلت بهذا العمل الاستفزازي التزاماتها الدولية، ورفضت دعوات لا لبس فيها لضبط النفس، وعزلت نفسها بشكل أكبر عن المجتمع الدولي»، داعياً إلى «رد دولي قوي».
كما أعلن منسق البيت الأبيض للحد من الأسلحة، غاري سامور، أن إطلاق كوريا الشمالية للصاروخ، يظهر حاجة الولايات المتحدة إلى مواصلة تطوير أنظمة مضادة للصواريخ، مشدداً على أن وحدة المجتمع الدولي، ستكون أنجح السبل لمواجهة بيونغ يانغ.
وجاء في بيان مشترك أصدرته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أن إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ يتطلب رداً من مجلس الأمن الدولي، لإثبات أنه لا يمكن تحدي قراراته والإفلات من العقوبة. ورأى البيان أن «تطوير كوريا الشمالية لقدراتها للصواريخ البالستية، بغضّ النظر عن هدفها المعلن من عملية الإطلاق، يهدف إلى مدِّها بالقدرة على تهديد الدول القريبة والبعيدة بأسلحة دمار شامل».
ودان رئيس الوزراء الياباني تارو آسو ما اعتبره «عملاً استفزازياً»، مؤكداً «نريد معالجة مسألة كوريا الشمالية بالتعاون مع المجموعة الدولية بما يشمل هذه القضية التي تمثّل بوضوح انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي».
بدوره، ندّد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في مقابلة مع قناة «تي اف 1» من براغ، بعملية الإطلاق، معتبراً إياها عملاً «استفزازياً»، داعياً «المجتمع الدولي بأسره إلى معاقبة نظام لا يحترم أياً من القواعد الدولية».
ودان كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، إضافةً إلى عدد من الدول الغربية، الصاروخ الكوري الشمالي.
ولم يقتصر الاستنفار السياسي على العالم الغربي، بل تعداه إلى إسرائيل حيث نقلت صحيفة «معاريف»، عن مصادر أمنية قولها «لقد ثبت في الماضي أن التكنولوجيا الكورية الشمالية تنزلق إلى مناطق مثل سوريا وإيران، ولذلك يجب على إسرائيل أن تتابع بقلق التطورات في هذا المجال».
في المقابل، أعلنت الصين، أنها «أخذت علماً بإطلاق كوريا الشمالية صاروخاً». وأضافت وزارة الخارجية الصينية «نأمل أن تتحلى الأطراف المعنية بالهدوء وضبط النفس في إدارة الوضع بشكل مناسب والتمسك بالسلام واستقرار المنطقة».
ودعت روسيا أيضاً إلى ضبط النفس، ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن وزارة الخارجية الروسية قولها، في بيان، إن موسكو «تبحث في ما إذا كانت العملية (الكورية الشمالية) تمثل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، وتدعو الأطراف جميعاً إلى الامتناع عن الأعمال، التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد التوتر في شبه الجزيرة الكورية».
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان لها، أن وزير الخارجية سيرغي لافروف، تحدث هاتفياً مع نظيره الياباني هيروفومي ناكاسوني، وناقشا إطلاق الصاروخ الكوري الشمالية، وأكدا على «ضرورة قيام الحكومات المعنية بجهود مشتركة للحفاظ على الاستقرار في شمال شرق آسيا ومواصلة المحادثات السداسية بشأن البرنامج النووي في شبه الجزيرة الكورية».
وأشار ناطق باسم الوزارة الروسية إلى أن موسكو ستبدي ردها الرسمي عندما ينتهي الخبراء من دراسة عملية إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، يو بي أي، أ ب)

(أ ف ب)