يبدو أن وراء إقالة أبرز زعيمين من الجيل الجديد للثورة الكوبية أخيراً، التي أثارت حيرة العالم، كانت «مزحات سمجة» بحقّ الشقيقين فيديل وراوول كاسترو. هذا ما كشفته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، استناداً إلى موظفين كوبيّين رفضوا إعلان أسمائهم
بول الأشقر
في شاليه يملكه الكوبي كونرادو هرنانديز، الرجل الذي كان يؤدي دور صلة الوصل بين الحكومة الكوبية ورجال أعمال من منطقة الباسك الإسبانية، كان رئيس الوزراء الكوبي السابق، كارلوس لاجي، ووزير الخارجية السابق أيضاً، فيليبي بيريز روكي، يمضيان أواخر الأسبوع للترفيه ولشرب الروم ولعب الدومينو.
وكان هرنانديز يسجّل أحاديث الرجلين، من دون معرفتهما، فيما كانا ينتقدان بقساوة عدداً من المسؤولين الكوبيين، وبينهم الشقيقان كاسترو. وفي إحدى الجلسات التي جرت في شهر شباط الماضي، سُجِّلَت «مزحات سمجة» عن عمر فيديل ووضعه الصحي، وكذلك عن قدرات راوول السياسية.
وحسب تحقيق «نيويورك تايمز»، اعتُقل هرنانديز في 14 شباط الماضي، في مطار لاهابانا لأسباب مجهولة، ثم دُهمت شقته، حيث وُجدت الشرائط وأيضاً جواز دبلوماسي أعطاه إياه روكي من دون وجه حق.
ولا يزال هرنانديز معتقلاً منذ ذلك التاريخ، لأن السلطات الكوبية تعتقد أنه كان ينقل هذه التسجيلات للاستخبارات الإسبانية، وهو ما نفته سفارة إسبانيا لدى كوبا، فيما شهدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تعكيراً، حمل مدريد على إرسال وفد قبل عشرة أيام إلى هافانا لمناقشة الموضوع.
وتذكر الصحيفة أن مصادر التحقيق هي موظفون كوبيون تكلموا للصحافي من دون الإفصاح عن هويتهم. وتروي أن روكي غادر الوزارة بعد إقالته، فيما كان جميع الموظفين يصفقون له وقوفاً، ما أجبر راوول كاسترو على تنظيم اجتماع مع أكبر عشرين موظفاً في الوزارة، لشرح قراره، فيما أُسمعوا مقتطفات من التسجيلات المحجوزة.
وكان المسؤولان قد أقرّا في رسائل بأنهما ارتكبا أخطاءً اعتذرا عنها، ووجدا عقابهما عادلاً، لكن لم يكن معلوماً حتى الآن ما هي طبيعة هذه «الأخطاء»، وكل ما كان معروفاً كان ما ورد في إحدى «تأملات القائد» الصادرة في الثالث من آذار الفائت (وهو عنوان المقالات التي يكتبها دورياً فيديل كاسترو)، عن أن «أياً منهما لم يقل كلمة واحدة للتعبير عن أي انزعاج، لأن الذي حصل لم يكن بحق قيمتهما الشخصية، فالسبب مغاير. حلاوة السلطة ـــــ وهما لم يضحيّا للوصول إليها ـــــ أيقظت فيهما مطامع أدت بهما إلى دور مشين. والعدو الخارجي امتلأ بالأوهام إزاءهما».
والمفارقة أن ما حدث مع روكي هو إعادة لما حدث مع سلفه روبرتو روباينا، أيضاً نجم صاعد آنذاك من اتحاد الشباب الشيوعي، وقد عيّن وزيراً للخارجية في عام 1993 وأُقيل عام 1999 بعدما مدحه دبلوماسي غربي خلال حفل كوكتيل باعتباره «خلفاً لفيديل كاسترو». ولم يعترض روباينا على التوصيف، وطُرد من الحزب الشيوعي بعد مرور ثلاث سنوات ومن ثم اتُّهم بعلاقات مشبوهة مع أحد زعماء مافيا المخدرات المكسيكية. وتنقل الصحيفة عن أحد المواطنين أن «السياسة في كوبا رياضة جميع مشاهديها مكفوفون».
وتأتي هذه المعلومات الجديدة عشية قمة الأميركيات الخامسة، المقررة الجمعة المقبل في ترينيداد وتوباغو، حيث ستكون مسألة العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا والحصار المفروض على الجزيرة موضوعاً ساخناً على جدول أعمال أول لقاء بين الرئيس الأميركي، باراك أوباما، والرؤساء الأميركيين اللاتينيين.
في غضون ذلك (رويترز)، ذكر مسؤول أميركي أمس أن أوباما سيتنازل عن بعض القيود التي تتعلق بسفر الكوبيين من أصل أميركي إلى الدولة الشيوعية وتحويل أموال إلى عائلاتهم هناك.