بدا مؤتمر طهران عن القضية الفلسطينية أمس، بمثابة ردٍّ على مؤتمر شرم الشيخ الأخير، الذي وصفه الرئيس محمود أحمدي نجاد بـ«الشيطان»، في مواجهة «الإنسان» الذي يسعى إلى إنشاء «جبهة عالمية ضد الصهيونية»
طهران ــ محمد شمص
افتُتح أمس في طهران المؤتمر الرابع لنصرة الشعب الفلسطيني، تحت عنوان «فلسطين رمز المقاومة وغزة ضحية الإجرام»، بحضور أكثر من 700 شخصية سياسية وعلمية، بينها رؤساء برلمانات ونواب من مختلف دول العالم وقادة فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية.
وجدّد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، خلال الافتتاح، اقتراحه «أن يشارك جميع أصحاب الحق في أرض فلسطين، من المسلمين والمسيحيين واليهود، في اختيار نوع نظامهم المنشود، من خلال استفتاء شعبي عام، على أن يشارك جميع الفلسطينيين الذين تحمّلوا عناء التشرّد طوال سنين».
ودعا خامنئي إلى «محاكمة القادة الإسرائيليين»، قائلاً: «اعملوا على محاكمة كل من أدى دوراً في مأساة غزة من القادة السياسيين والعسكريين في الكيان الصهيوني الغاصب، ومعاقبتهم وفق ما يحكم به العقل والعدالة». وأضاف: «لو أن الأمة الإسلامية ـــــ بعد حرب الـ 33 يوماً في لبنان وما انطوت عليه من مآسٍ مروعة ـــــ طالبت مطالبة جادة بمعاقبة الصهاينة المسببين لتلك المآسي، لو تمت متابعة هذه المطالبة العادلة كذلك بعد ارتكاب المجازر الدامية في قوافل العرس بأفغانستان، أو بعد ممارسات الجنود الأميركيين المفضوحة في أبو غريب، لما کنا اليوم أمام مشهد كربلاء في غزة».
وانتقد خامنئي بعض الأنظمة العربية والغربية التي تجاهلت جرائم إسرائيل في غزة، وفي مقدمتهم الإدارة الأميركية، «التي تعهّد رئيسها (باراك أوباما) أمن إسرائيل». وقال: «أصبح أمن الكيان الصهيوني الدموي أمراً مقدسّاً لديهم يجب الدفاع عنه، فيما الطرف المظلوم لديهم متّهماً مداناً». وأشار إلى أوباما «الذي جاء إلى سدة الرئاسة رافعاً شعار التغيير في سياسات إدارة (الرئيس الأميركي السابق جورج) بوش» قائلاً: «نراه يتحدث عن التزامه بلا قيد أو شرط بحماية أمن إسرائيل. هذا يعني الطريق الخاطئ نفسه».
ودعا خامنئي «كل إخواننا وأخواتنا المسلمين إلى توحيد قواهم لكسر حصانة المجرمين الصهاينة»، وإلى ملاحقة «المسؤولين السياسيين والعسكريين الذين كان لهم دور في كارثة غزة».
وتابع خامنئي قائلاً إن مسألة المحارق النازية استغلت «لاغتصاب» الأرض الفلسطينية، وإن الغرب وإسرائيل يكشفان عن ضعف قضيتهما حين لا يسمحان لأحد بالتشكيك في تلك المحارق.
وفي السياق نفسه، قال الرئيس محمود أحمدي نجاد إن «قصة المحارق النازية، أمة بلا وطن ووطن بلا أمة، هي أكبر أكاذيب حقبتنا». ودعا إلى إنشاء «جبهة شاملة معادية للصهيونية» وإلى «معاقبة المجرمين الصهاينة»، مشيراً إلى أن «ملاحقة المجرمين الصهاينة قضائياً، ينبغي أن تكون في أولويات المرحلة المقبلة».
وقال نجاد إن «الفارق بين هذا المؤتمر (طهران) ومؤتمر شرم الشيخ (لبحث المساعدات الخاصة بغزة الذي عقد الاثنين الماضي) هو كالفرق بين الإنسان والشيطان».
بدوره، انتقد رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، مواقف بعض العرب الذين يحرّضون على الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية، قائلاً إن «فلسطين قضيتنا الكبرى ولن نغضّ الطرف عنها».
أمّا مستشار المرشد الأعلى، علي ولايتي، فقد رأى أن الدور الإيراني على الساحة الفلسطينية «مشروع وقانوني وينطلق من أسس ومعايير دولية وقانونية».
بدورها، أكدت حركة «حماس» أنها ترفض أي شروط تستهدف الثوابت الفلسطينية، في إشارة إلى المساعدات المالية التي أُقرّت في مؤتمر شرم الشيخ لإعادة إعمار غزة. وقال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، موسى أبو مرزوق، إن «المقاومة خيار ثابت لن ينتفي بحوارات التهدئة، وإن فصائل المقاومة والشعب الفلسطيني حرصاء على تلاحم الفلسطينيين».
أمّا الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، رمضان عبد الله شلح، فذكر أن عقد هذا المؤتمر في طهران، يدلّ على أن «فلسطين تحتل مكانة هامة في قلوب كل الأحرار».
وفي السياق نفسه، شدّد رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، الذي التقى خلال وجوده في طهران كلاً من خامنئي ونجاد ولاريجاني، على أن السلاح الأقوى للدفاع عن النفس والوجود والقضية هو سلاح الوحدة الفلسطينية وأن الوحدة غير كافية من دون إعادة بناء الثقة العربية العربية، وخصوصاً السورية ـــــ السعودية ـــــ المصرية ومن دون علاقات الثقة العربية الإيرانية والعربية ـــــ التركية»، مؤكداً أن إيران وتركيا هما دول من الجوار الإقليمي والعمق الاستراتيجي للمنطقة العربية.
إلى ذلك، وضع مؤتمر طهران آليات قانونية لمحاكمة القادة الإسرائيليين كمجرمي حرب. وأعلن وزير الأمن الإيراني، محسن إيجئي، أن وزارته ستبدأ العمل «لتقديم المجرمين الصهاينة إلى المحاكمة». ودعا الدول الأخرى للتعاون مع إيران لجرّ هؤلاء إلى المحاكم.


جعفري: النّووي الإسرائيلي في مرمانا

أعلن قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، أمس، أن لدى إيران صواريخ يمكنها الوصول لمواقع نووية إسرائيلية. ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن جعفري (الصورة) قوله إن «الدفاعات الصاروخية الإيرانية يمكنها الوصول إلى كل المنشآت النووية في مختلف أنحاء الأراضي الواقعة تحت احتلال النظام الصهيوني».
في غضون ذلك، رأى مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، علي أصغر سلطانية، إمكان تحقيق انفراج في أي محادثات وقيام الحكومات بالتفاوض. وقال للصحافيين خارج اجتماع لمجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة، «إن إيران هي التي توجّه الدعوة إلى الآخرين كي يأتوا من دون شروط مسبقة».
في المقابل، بدأ مجلس الشيوخ الأميركي نقاشاً لبحث خيارات السياسة الأميركية حيال إيران، وكيفية بدء حوار دبلوماسي معها من دون تشجيعها على تجاوز المزيد من «الخطوط الحمراء»، عبر سعيها لصنع سلاح نووي.
وحذّر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السناتور جون كيري، من أن المجموعة الدولية وجهت رسالة «تتضمن تناقضاً أو حتى ضعفاً» عبر السماح لإيران ببلوغ نقطة تخصيب اليورانيوم على مستوى صناعي.
وافتتح كيري جلسات استماع تستمر أسبوعاً عن خيارات السياسة الأميركية في إيران.
لكن وزارة الخزانة الأميركية أضافت إلى القائمة السوداء المتعلقة بفرض عقوبات على كيانات وأشخاص إيرانيين، 11 شركة لها علاقة بأكبر مصرف إيراني «ملي»، ووصفتها بأنها تساعد على انتشار أسلحة الدمار الشامل.
(رويترز، يو بي آي، أ ف ب)