واشنطن ــ محمد سعيدتراجعت السياسة الخارجية في أول خطاب يلقيه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أمام جلسة مشتركة للكونغرس بمجلسيه الشيوخ والنواب، أمام هيمنة المشاكل الاقتصادية التي تعانيها البلاد، فلم تأخذ من خطابه الذي دام نحو 57 دقيقة سوى خمس دقائق، أشار فيها إلى حربي العراق وأفغانستان، مجدّداً وعده بإنهاء الأولى وتغيير استراتيجيته في الثانية. أما صراع الشرق الأوسط فمرّ عليه أوباما لثوان من دون أن يقدّم جديداً.
وجلّ ما ذكره عن الصراع العربي الإسرائيلي أنّه عيّن مبعوثاً جديداً للشرق الأوسط (جورج ميتشيل) من أجل تحقيق تقدم نحو سلام دائم وآمن بين إسرائيل وجيرانها.
وعن حربي أميركا، قال أوباما «نحن نقوم حالياً بمراجعة متأنّية لسياساتنا في حربي العراق وأفغانستان، وسأعلن قريباً عن طريق للتقدم في العراق تتركه إلى شعبه وتُنهي الحرب بشكل مسؤول مع نهاية العام الجاري». وأشار إلى أن الولايات المتحدة، بالتعاون مع أصدقائها وحلفائها، سوف تضع استراتيجية جديدة وشاملة من أجل أفغانستان وباكستان لهزيمة تنظيم «القاعدة» ومحاربة التطرّف، مؤكّداً أنه لن يسمح لمن سمّاهم «الإرهابيين» بالتآمر ضدّ الشعب الأميركي «من داخل ملاذات آمنة يكمنون فيها في النصف الآخر من العالم».
وتحدّث الرئيس الأميركي عن ثقافة محاربة الإرهاب، فأشار إلى أنه «كي تتغلب أميركا على الإرهاب لا بد من أن تكون مثالاً يحتذى في الارتفاع إلى مستوى القيم التي تدافع عنها، ولذلك أمر بإغلاق معتقل غوانتانامو، مع توفير نوع من العدالة للإرهابيين من المعتقلين». وأكّد نهاية حقبة التعذيب التي مارستها إدارة سلفه جورج بوش.
كذلك جدّد أوباما حديثه عن «التفاوض مع الأعداء»، قائلاً إنه «لا يمكنه أن يتجاهل الأعداء أو القوى التي يمكن أن تضرّ أميركا». وتعهد مجدّداً بتدعيم التحالفات القديمة وإنشاء تحالفات جديدة لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين من الإرهاب والانتشار النووي والأمراض والأخطار التي تتهدد الفضاء الإلكتروني والفقر الطاحن.
من جهة ثانية، ذكر مساعدون لأوباما أنّه يقترب من اتخاذ قرار بإصدار أمر بسحب القوات الأميركية المقاتلة من العراق بحلول آب 2010، مشيرين إلى أنّ الرئيس الذي اجتمع أول من أمس مع وزير دفاعه، روبرت غيتس، قد يعلن عن قراره يوم الجمعة (غداً) خلال زيارة إلى كارولاينا الشمالية. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن المسؤولين قولهم إنّ الجدول الزمني الجديد سيمنح القوات ثلاثة أشهر إضافية للانسحاب زيادة على الـ16 شهراً التي اقترحها أوباما العام الماضي خلال الحملة الانتخابية. وقالوا إن أوباما أخذ في الاعتبار مخاوف القادة الميدانيين المتعلقة بإعطاء المزيد من الوقت لتثبيت المكاسب الأمنية وتعزيز المؤسسات السياسية.
وهو ما أكّده أيضاً لمحطة «أن بي سي»، أمس، نائب الرئيس، جو بايدن، الذي قال إن الرئيس سيعلن الجمعة قراره بشأن انسحاب الجنود من العراق، مضيفاً «أننا نفي بأحد وعود حملتنا».
وحتى بعد إصدار أوامر الانسحاب، يخطط أوباما لترك قوة في العراق مؤلفة من عشرات الآلاف من الجنود لتدريب القوات الأمنية العراقية وملاحقة «الخلايا الإرهابية الأجنبية» وحراسة المؤسسات الأميركية.