استقالة وزير الداخليّة الهندي والشبهات تتّجه نحو «عسكر طيبة» الباكستانيّةجاءت اعتداءات مومباي كدعامة إضافية لحجج الإدارة الأميركية المنتخبة بإعادة الدفع في المعركة ضدّ «الإرهاب» و«القاعدة» في شبه القارة الهندية. لكن ينبغي عليها أولاً ترطيب الأجواء بين حليفتيها باكستان والهند، الغريمتين التقليديتين، إن أرادت تعاوناً جدّياً منهما في حربها المقبلة
على أثر اعتداءات مومباي الإرهابية التي ارتفعت حصيلتها إلى 200 قتيل، قدّم وزير الداخلية الهندي شيفراج باتيل استقالته أمس، فيما ترتفع حدّة التوتر بين إسلام آباد ونيودلهي في ظل تزايد احتمال تعليق محادثات السلام بينهما، بعد التقارير الاستخبارية التي أشارت إلى تورّط عناصر من جماعة «عسكر طيبة» الباكستانية في سلسلة الهجمات الدامية.
وسلّم باتيل استقالته إلى رئيس الحكومة منموهان سينغ، الذي قبلها وعيّن مكانه وزير المال بالانيابان تشيدامبارام (63 عاماً)، الذي خدم في منصب وزير الأمن الداخلي في الثمانينيات في حكومة رئيس الوزراء السابق راجيف غاندي.
وأتت الاستقالة على خلفية الانتقادات التي وُجّهت إليه في معالجة الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها البلاد، وهو ما عبّرت عنه بوضوح الصحف الهندية، مثل صحيفة «هندوس تايمز» التي عنونت صفحتها الأولى، أمس، «سياسيّونا يحتالون فيما يموت الأبرياء».
وأعادت الاعتداءات التوتر بين العدوتين التقليديتين، باكستان والهند، بعد الاتهامات التي وجهتها نيودلهي إلى جماعات داخل باكستان بتدبيرها. ونقلت وكالة الأنباء الهندية «برس ترست» عن مصادر لم تكشف هويتها قولها إن الحكومة الهندية تفكر في تعليق عملية السلام مع باكستان في أعقاب هجمات مومباي. وأضافت المصادر «هناك رأي في الحكومة يقول إن على الهند تعليق عملية السلام والحوار المشترك لإظهار أنها لن تتسامح مع المذبحة الدموية في مومباي». وأوضحت «ستجري سلسلة من الاجتماعات العالية المستوى على المستويات السياسية والرسمية خلال الأيام المقبلة لاتخاذ قرار في شأن ما يجب القيام به».
وأتت هذه التصريحات بعدما كشف مسؤولون في أجهزة مكافحة الإرهاب الأميركية أن مجموعة متمركزة في كشمير، ربما تكون جماعة «عسكر طيبة»، هي من دبّر اعتداءات مومباي. وأوضح أحدهم أن «الاهتمام ينصبّ في الوقت الحاضر على عسكر طيبة»، الجماعة الإسلامية المتطرفة المتمركزة في باكستان والتي تنشط ضد السيطرة الهندية في كشمير. وذكرت وكالة «برس تراست»، نقلاً عن مصادر رسمية، أنه جرى اعتقال ثلاثة متطرفين ينتمون إلى «عسكر طيبة»، أحدهم باكستاني، في فندق تاج محل.
من جهتها، أعلنت مصادر من أجهزة الاستخبارات الهندية أن ثمانية من الإسلاميين المتطرفين الذين شنّوا الاعتداءات تسلّلوا إلى المدينة قبل شهر من ذلك. وأضافت أن «الناشطين الذين قدّموا أنفسهم على أنهم طلاب من ماليزيا، قاموا بمهمات استطلاعية تمهيداً للهجمات».
في المقابل، تحاول إسلام آباد تهدئة خواطر غريمتها التقليدية، نافية ادّعاءاتها وداعية إياها إلى عدم التسرّع في رمي الاتهامات. وطلب الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، في مقابلة مع «سي أن أن ـــــ أيه بي أن» الهندية، من الهند عدم «الرد بطريقة مبالغ بها»، متعهّداً بأقصى قدر من الشدة إذا ثبت تورّط باكستاني في هجمات مومباي. وقال «أياً كان المسؤولون عن هذا العمل البربري والوحشي بحق الشعب الهندي والهند، فإنهم يسعون لإثارة رد فعل انتقامي».
إلى ذلك، أكد الرئيس الأميركي جورج بوش للهند دعم بلاده الكامل. وقال «نتعهد بتقديم الدعم الكامل في سياق التحقيق في هذه الهجمات».
ومع انتهاء الأزمة، ما زالت القوات الأمنية تسحب الجثث من تحت الركام في فندق «تاج محل»، أحد أهداف الاعتداءات، ما يرجّح أن ترتفع حصيلة القتلى التي بلغت آخر إحصاءاتها 195 شخصاً، بينهم 18 أجنبياً منهم 6 أميركيين، فضلاً عن مواطنين من ألمانيا وكندا وإسرائيل وبريطانيا وإيطاليا واليابان والصين وتايلاند وأوستراليا وسنغافورة. كما قُتل 9 من المسلّحين.
(أ ب، أ ف ب)

تأسست هذه الحركة الإسلامية المتشددة لقتال الحكم الهندي في كشمير، ولها علاقات سابقة بالاستخبارات الباكستانية وتنظيم «القاعدة». ويعني اسمها «جيش المتقين»، وهي مدرجة على القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية ومحظورة في عدد من الدول الغربية.
أسسها حافظ محمد سعيد عام 1989 بوصفها الجناح المسلّح لمركز الدعوة والإرشاد الإسلامي، بعدما تلقّى معونات مالية كبيرة من مانحين سعوديين والاستخبارات الباكستانية، حصل على أثرها على قطعة كبيرة من الأرض في منطقة موريدكي لتنظيم خلايا مسلّحة.
لكنّ سعيد ترك المجموعة قبيل حظرها في 2002 وأنشأ «جماعة الدعوة» الخيرية الإسلامية، الجناح السياسي لـ«عسكر طيبة».
(أ ف ب)