المراهنون على أفول نجم المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أصيبوا أول من أمس بخيبة أمل، إذ بات واضحاً أن الأخيرة استعادت سيطرتها على حزبها رغم الأنباء عن خلافات
برلين ــ غسان أبو حمد
تمكّنت المستشارة الألمانية، رئيسة الحزب المسيحي الديموقراطي أنجيلا ميركل، من «السباحة عكس التيار»، بل عكس جميع التيارات الحزبية الداخلية والتحالفات والنزاعات السياسية، منتزعةً التصفيق الحاد من أعضاء الحزب المشاركين في مؤتمر شتوتغارت، ومسجّلة تفوّقها القيادي، من خلال تحقيق أفضل نتيجة انتخابية في مسيرتها الحزبية، لتحافظ على منصبها للعامين المقبلين.
وتحت شعار «في الوسط محرك ألمانيا»، وأمام ما يقارب ألف عضو من قادة الحزب المسيحي الديموقراطي، أكدت ميركل إصرارها على رفض مشاريع خفض الضرائب لمواجهة الأزمة المالية العاصفة بالاقتصاد العالمي، وتحديداً بالاقتصاد الألماني، مشيرةً إلى أن «سياسة الإنقاذ تقوم من خلال الاعتماد على الذات، أي من خلال اعتماد ألمانيا على ذاتها، لا عبر اعتمادها على الآخرين».
وأكدت ميركل «أن العام المقبل هو من الأعوام الصعبة التي ستواجه ألمانيا، ولكن إرادة تحويله إلى عام متفوق وناجح بأيدينا. إن عام 2009 هو عامنا، عام الحزب المسيحي الديموقراطي».
وعلى الرغم من المواجهة الحادة التي استُقبلت بها ميركل داخل المؤتمر، من جانب القادة الحزبيين المعترضين على سياستها المالية والمطالبين بخفض قيمة الضرائب كي يتمكن الاقتصاد من النهوض من كبوته، استطاعت ميركل الالتفاف بطريقة ذكية، من خلال تأكيدها أن طرق تعديل السياسة الاقتصادية غير مسدودة تماماً، وبالإمكان تغيير الاستراتيجية المعتمدة حالياً «لكن ليس قبل موعد الانتخابات التشريعية المقرّرة عام 2010».
ومن جهة ثانية، تمكّنت ميركل (54 عاماً)، من تأكيد موقعها في رئاسة الحزب للسنة الثامنة على التوالي، وبنسبة 94.83 في المئة من أصوات المشاركين في المؤتمر، أي بزيادة طفيفة عن النتيجة التي سبق لها أن حقّقتها في المؤتمر الحزبي السابق الذي عُقد قبل عامين في مدينة دريسدن (93.06 في المئة)، ضاربةً بتنبّؤات المراقبين السياسيين بأفول مجدها السياسي وعودتها إلى مواقعها الحزبية، عُرض الحائط.
وتجدر الإشارة إلى أن المهندس الرئيسي للاستراتيجية الاقتصادية الحالية هو وزير المال الحالي بيير شتاينبروك، الذي يتوقع إعادة التوازن إلى الميزانية بحلول عام 2011، لكن تفاقم الأزمة المالية العالمية أدى إلى تخلي ألمانيا عن هذا الموعد، بعدما دخلت البلاد في مرحلة ركود أدت إلى تراجع الناتج القومي الصافي، من زائد خمسة في مطلع العام الحالي إلى ناقص ثلاثة، مصحوباً بإفلاس بعض المصانع والمصارف.
وانعكس إصرار المستشارة ميركل وتمسكها بسياسة عدم خفض الضرائب، سلباً على التحالفات السياسية التي يقيمها حزبها، إذ سارع رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي، فرانز مونترفيرينغ، الذي اتهمت حزبه بالحنين إلى ماضيه «الشيوعي»، إلى الرد عليها متهماً إياها بالافتقار إلى الرؤية، وبأنها تأخرت في التحرك لمواجهة الأزمة.
ورأى مونترفيرينغ، في حديث لمجلة «درشبيغل»، أن ميركل تمارس «السباحة عكس التيار، وأن الخلافات باتت جوهرية ومؤشراتها تعصف، أولاً بين الحزبين التوأمين (المسيحي الاجتماعي والمسيحي الديموقراطي)، وثانياً داخل التجمّع الحزبي الحاكم حاليا، الاشتراكي الديموقراطي والمسيحي الديموقراطي».


تمكّنت ميركل، من تأكيد موقعها في رئاسة الحزب للسنة الثامنة على التوالي، وبنسبة 94.83 في المئة من أصوات المشاركين في المؤتمر، أي بزيادة طفيفة عن النتيجة التي سبق لها أن حققتها في المؤتمر الحزبي السابق الذي عُقد قبل عامين في دريسدن
(93.06 في المئة)