وريث بوش يحصد ثمن معاداة حزبه للأجانب ويأمل حصد 30% من أصوات «الهيسبانيش»واشنطن ــ محمد سعيد
شهدت الولايات المتحدة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، تغييرات ملموسة على صعيد تركيبتها الديموغرافية، الأمر الذي سيؤثر في نتائج انتخاباتها الرئاسية والتشريعية غداً. تغييرات ستسهم في تكوين مستقبل الخريطة السياسية الأميركية، حيث إن ملايين الناخبين من ذوي الأصول اللاتينية سينضمّون إلى جانب مواطنيهم من ذوي البشرة السمراء ليؤلّفوا كتلة انتخابية هائلة من المتوقّع أن تصبّ أصواتها لمصلحة المرشح الديموقراطي باراك أوباما.
ويلاحَظ على هذا الصعيد أن ناخبي هذه الدورة الانتخابية هم أصغر سنّاً، ومستوى تحصيلهم العلمي أفضل من الجيل السابق، وباختصار، فإن الطبيعة العرقية للمجمع الناخب هي أكثر تنوعاً مما كان عليه الناخبون عندما وصل الرئيس جورج بوش إلى البيت الأبيض عام 2000.
وفيما يُرجَّح أن يؤدّي إقبال الأميركيّين السود والمتحدّرون من أصول أميركية لاتينية على التصويت، إلى رفع نسبة المشاركة لمصلحة أوباما، فإنّ المراقبين يشيرون إلى أن الجمهوريين قد يستفيدون أيضاً من ارتفاع عدد ناخبي كتلة البروتستانت الإنجيليّين، التي يمثّل أفرادها حالياً 26 في المئة من مجمل سكان الولايات المتحدة.
ويرى محلّلون أنّه بالرغم من ظهور المرشح الجمهوري جون ماكاين بصورة «البطل» الذي تبنى مشروع إصلاح قانون الهجرة في عام 2007 الذي يستفيد منه المتحدرون من أصول أميركية لاتينية («الهيسبانيش») ويقيم أكثر من 12 مليون منهم بصورة «غير شرعية» في الولايات المتحدة، فإن العديد من المطلعين على تفاصيل المعركة الانتخابية يعتقدون أن هذا «الإرث» لن يفيده كثيراً غداً في صناديق الاقتراع.
فرغم «كل ما فعله ماكاين» لـ«الهيسبانيش»، لا تزال شعبيته في أوساطهم تراوح الـ26 في المئة، وهم الذين يبلغ عددهم في الولايات المتحدة حسب إحصاءات المكتب المركزي 44 مليون نسمة، ويمثّلون أكبر أقلية في البلاد، وأكثرها وأسرعها نموّاً.
وكون أفراد الجالية اللاتينية لا يمثلون سوى 10 في المئة من مجموع عديد الناخبين الأميركيين الجدد، فإن أعدادهم المتزايدة لا تترجَم إلى نفوذ سياسي حتى الآن، وفقاً للباحث في الشؤون اللاتينية في مركز «بيو»، ريتشارد فراي.
ويشير فراي إلى أن الجالية الأميركية اللاتينية هي بغالبيتها فتية، حيث إن السواد الأعظم من أبنائها هم تحت الثامنة عشرة من العمر، ولذلك فإنهم غير مؤهلين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات.
وتجزم نتائج الاستطلاعات بأنّ أوباما يحظى بالدعم الأوسع في أوساط الناخبين اللاتينيين، بنسبة لم يحقّقها أي مرشح ديموقراطي خلال السنوات العشر الماضية. ولا يزال ماكاين يناضل للوصول بشعبيته في أوساطهم إلى 30 في المئة ليحقّق النسبة التي حظي بها المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة عام 1996 بوب دول، علماً أن بوش كان قد حصل في انتخابات عام 2004 على 40 في المئة من أصواتهم.
ويعيش 49 في المئة من «الهيسبانيش» في ولايتي كاليفورنيا وتكساس. ويتركّز العدد الأكبر في ولاية نيومكسيكو حيث يمثّلون نحو 45 في المئة من المواطنين.
أما في كاليفورنيا، فتبلغ نسبتهم نحو 13 في المئة، وفي تكساس 35.6 في المئة.
أما عن البلدان التي يتحدّرون منها، فـ64 في المئة منهم من أصولهم مكسيكية، و9 في المئة من بورتوريكو و3 في المئة من كوبا والسلفادور وجزر الدومينيكان.
وينتمي 57 في المئة من هذه الكتلة الأميركية إلى الحزب الديموقراطي، بينما 23 في المئة يعرّفون عن أنفسهم بأنهم جمهوريون.
ويعزو محلّلون انخفاض شعبية ماكاين في أوساطهم إلى حمله تبعات المواقف والسياسات العدائية للعديد من القيادات الجمهورية المعادية للهجرة والمهاجرين.
وتأكيداً لهذا التبرير، يقول رئيس المؤتمر الوطني للقيادات اللاتينية المسيحية وأحد المؤيدين البارزين لبوش في انتخابات 2004، سام رودريغيز، «إنني أشعر بالأسى تجاه ماكاين، لقد وجدنا أنفسنا بين المطرقة والسندان: إننا في الحقيقة نحب ماكاين ولكننا نكره الحزب الجمهوري».
وقد أدّت الجالية اللاتينية دوراً انتخابياً حاسماً في الولايات التي تعيش فيها بكثافة مثل أريزونا، ونيفادا ونيومكسيكو وكولورادو وفلوريدا. ورغم أنها كانت عام 2004 تمثّل 15 في المئة من عدد السكان، فإنها لم تمثَّل سوى 6 في المئة من الناخبين.