واشنطن ــ محمد سعيدأكثر الناس اهتماماً بالنتائج التي ستسفر عنها انتخابات الرئاسة الأميركية والكونغرس هم جماعات الضغط وأصحاب المصالح لمعرفة الفائزين والخاسرين، حتى يرتّبوا عقود العمل الجديدة التي تدرّ عليهم دخولاً بمئات ملايين الدولارات سنوياً.
وأكثر من يقع في دائرة الاهتمام والمراقبة عن كثب، في حال فوز باراك أوباما، هما: رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي (كاليفورنيا) وزعيم الأغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد (نيفادا)، اللذان يتوقع فوزهما. كما قد تسفر انتخابات الكونغرس عن حصول الديموقراطيين على 245 مقعداً على الأقل في مجلس النواب، وعلى 56 مقعداً في مجلس الشيوخ زيادة عما لهم حالياً بسبعة مقاعد، وهو ما لا يمنحهم الغالبية (60 مقعداً) التي يحتاجونها لفرض برامجهم الإصلاحية وتجاوز معارضة الجمهوريين الذين قد يستشرسون في موقع المعارضة لتعطيل برامج الديموقراطيين مع وجود رئيس ديموقراطي في البيت الأبيض.
وقال الخبير في شؤون الكونغرس، جوليان زيلزر، إن الشركات والمؤسسات التجارية والمالية هي من أكبر الخاسرين في حال فوز الديموقراطيين في الانتخابات، إذا أدت النتائج إلى فرض ضوابط على سوق المال في وول ستريت وزيادة الضرائب على شركاته.
وستكون نقابات واتحادات العمال من بين الرابحين من نجاح رئيس ديموقراطي وكونغرس ديموقراطي، حتى لو كان الأعضاء الديموقراطيون الجدد ممن لا يؤيدون هذه الاتحادات. أما غرفة التجارة الأميركية، التي تضم الشركات، فإن كونغرساً بغالبية ديموقراطية سيدفع الشركات الكبيرة إلى اتخاذ قرارات جوهرية ومواصلة الكفاح من أجل ضرائب أقل وضوابط أقل أو البدء في توقيع العقود مع جماعات الضغط التي ترتبط بعلاقات مع الديموقراطيين لتقليل الخطر الذي قد تتعرض له.
وستبقي غرفة التجارة الأميركية عينها على مجلس الشيوخ، فهو الأكثر تأثيراً ونفوذاً في ما يتعلق بالضوابط التي تخشاها الغرفة، وهو ما قد يظهر سريعاً فور انعقاد الدورة الجديدة للكونغرس في كانون الثاني المقبل.
ويعتقد خبراء ومحللون أن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس الذي كان القائد المباشر لقوات الاحتلال الأميركي في العراق حتى شهر أيلول الماضي، قد لا يكون سعيداً بالتغيير في الكونغرس والبيت الأبيض، بل من المؤكد أن نجاح جون ماكاين سيكون أمراً يناسبه، وهو من المدافعين عن وجود عسكري أميركي طويل الأمد في العراق بدعوى أنه نجح من خلال خطة الإغراق واستمالة رؤساء عشائر سنية في بلاد الرافدين، في ما يسمى مجالس الصحوة التي يسعى إلى استنساخها في باكستان.
لكن بترايوس سيكون مضطراً للتعامل مع باراك أوباما كرئيس للولايات المتحدة، والذي تحدث كثيراً عن خطته للانسحاب من العراق في غضون 16 شهراً، ولكن على أساس التشاور مع بترايوس وبقية القيادات العسكرية في الميدان بشأن الانسحاب وتوقيته وحجمه.
وقال جون سايدز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، «على المدى القصير سيكون هناك اشتباك حول استعداد بترايوس لسحب القوات الأميركية من العراق، ولكن إذا ما استعاد الماضي، فمن الممكن لهما العمل معاً لأنهما في النهاية في الاتجاه نفسه استراتيجياً».
ورغم خفوت الحديث عن موضوع الحرب على العراق في حملة الانتخابات لمصلحة الاهتمام بموضوع الأزمة الاقتصادية والمالية وتشعباتها، إلا أن مناهضي الحرب من الديموقراطيين في الكونغرس سيعتبرون أن فوز أوباما نصر كبير لهم، وهذا يعني أن الكونغرس الجديد لن يكون في جانب خاضعاً لنفوذ وتأثير مناهضي الحرب، كما كانت الحال في انتخابات عام 2006 حين فاز العديد من الأعضاء الذين حسموا الغالبية لمصلحة الديموقراطيين على أجندة مناهضة الحرب على العراق استجابةً للرغبة الشعبية.
ومن بين الخاسرين سيكون لوبي دعاة الحفر والتنقيب عن النفط قرب السواحل الأميركية الذي يضم شركات النفط الأميركية واليمين الأميركي الذين كانت صيحتهم في مؤتمر الحزب الجمهوري في سانت بول بولاية مينيسوتا في مطلع شهر أيلول الماضي «احفر.. احفر» لتصبح الآن مع عهد الديموقراطيين «ادفع.. ادفع».