جدّد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذريّة، محمد البرادعي، مطالبة سوريا بالسماح لمفتشي وكالة الطاقة بزيارة موقع الكبر في دير الزور، كاشفاً عن صور أقمار اصطناعيّة ستُعرض على دمشقدعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، في اجتماع نهاية العام لمجلس حكّام الوكالة الذي يناقش الملفّين النوويين لدى سوريا وإيران، في فيينا، أمس، دمشق إلى التحلّي بأقصى درجات الشفافية لمساعدة وكالته على التحقّق من شكوك في شأن ممارستها نشاطاً نوويّاً سرياً من الممكن أن يؤدي إلى تصنيع أسلحة نووية.
وقال البرادعي «حتى تستكمل الوكالة تقويمها، من الضروري وجود شفافية قصوى من جانب سوريا وتبادل كامل مع الوكالة لكل المعلومات ذات الصلة التي قد تكون لدى دول أخرى». وأضاف أنه «ينبغي أن توافق سوريا في إطار إجراءات الشفافية على السماح للوكالة بزيارة مواقع أخرى. أثق أنه من الممكن تطوير الشكل الذي يضمن سرية المعلومات العسكرية ويمكّن الوكالة في الوقت نفسه من مواصلة تقويمها».
وأشار البرادعي إلى أنه «في حين أنه لا يمكن استبعاد كون المبنى موضع الخلاف معدّاً للاستخدامات غير النووية، إلا أن ملامح المبنى علاوة على توافر قدرة ضخ ماء تبريد مناسبة تتشابه مع ما يمكن أن يوجد في ما يتصل بموقع مفاعل نووي». وتابع «من الضروري أن تمد سوريا الوكالة بالوثائق التي تدعم إفاداتها بخصوص طبيعة ووظيفة المبنى الذي جرى تدميره».
وقال البرادعي أيضاً إن الوكالة حصلت في الآونة الأخيرة على إذن لتعرض على سوريا بعض الصور التي التقطتها أقمار اصطناعية تابعة لدول أعضاء في الوكالة للموقع بعد وقت قصير من القصف على سوريا للحصول على رد من جانبها. لكنه أضاف أنه من «المؤسف والمحيّر بالفعل» أنه لا توجد صور ذات جودة عالية التقطتها أقمار اصطناعية للموقع قبل أن تزيل سوريا الدلائل التي قد تكون مهمة، مثل الركام والمعدات.
وحذر البرادعي من أن صور الأقمار الاصطناعية ليست علاجاً لكل المشاكل في مثل هذه التحقيقات النووية الصعبة. وقال لمجلس المحافظين «لأن الوكالة لا تستطيع أن تتحقق من صحة مثل هذه الصور، فإننا نعتمد عليها فقط كمصدر إضافي لتأكيد معلومات أخرى، ولا يمكن أن تكون الأساس الوحيد للتقويم».
وقال دبلوماسيون وثيقو الصلة بالتحقيقات إنه من الممكن أن تكون الدول السبع التي لديها شبكات أقمار اصطناعية تجارية قد سحبت الصور الخاصة بهذه الفترة من التداول لأسباب أمنية غير معروفة، أو أن تكون سوريا قد اشترتها لتعرقل التحقيقات.
وقال دبلوماسي رفيع المستوى، طلب مثل غيره عدم ذكر اسمه لأنه يناقش معلومات تخضع لقيود، إن الدول السبع هي الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل وروسيا والصين والهند واليابان. وأضاف الدبلوماسي أن وكالة الطاقة عثرت أخيراً على بعض الصور التي أخذت في أعقاب الاعتداء الإسرائيلي على موقع الكبر، لكنها ليست عالية الوضوح.
وأعرب البرادعي عن الأسف لقرار إسرائيل «الأحادي الجانب» تدمير موقع الكبر في أيلول 2007 بدعم من واشنطن، معتبراً أنه أدى إلى «تعقيد كبير» في جهود الوكالة لتحديد طبيعة الموقع. كما رأى أن الوكالة ردت إيجاباً على طلب مساعدة بقيمة 350 ألف دولار مقدّم من سوريا بهدف إقامة محطة نووية، وذلك رغم معارضة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين يخشيان تحويل هذه المساعدة إلى أهداف عسكرية. وقال «إن برنامج التعاون الفني للوكالة لا ينبغي ربطه باعتبارات سياسية».
وكان مجلس المحافظين في الوكالة، الذي يضم 35 دولة، قد وافق، أول من أمس، على طلب سوري مثير للجدل بالحصول على مساعدات من الوكالة لتخطيط بناء محطة للطاقة النووية، على الرغم من اعتراض الولايات المتحدة على الطلب.
في ما يتعلق بإيران، أعرب البرادعي عن الأسف لغياب «تقدم جوهري» في المباحثات معها، وأكد أنه لا تزال هناك «سلسلة من الأسئلة بلا أجوبة» بشأن طبيعة البرنامج النووي لطهران. وطلب مجدداً من إيران المزيد من التعاون مع الوكالة، وتزويدها بالمعلومات الضرورية المتعلّقة بتقرير الاستخبارات الأميركية، الذي يظهر أن طهران درست بطريقة غير مشروعة كيفية تصميم القنابل الذرية.
وقال البرادعي «ما زلت أحثّ إيران على تطبيق كل الإجراءات اللازمة لبناء الثقة في الطبيعة السلمية الخالصة لبرنامجها النووي. وبالمثل... فإنني آمل أن تتهيّأ الظروف قريباً لإجراء مفاوضات مباشرة بين جميع الأطراف المعنية اللازمة لإرساء إجراءات بناء وتطوير الثقة الضرورية للتوصل إلى حل للقضية الإيرانية والاستقرار في الشرق الأوسط».
(أ ف ب، رويترز، أ ب)