زيارة وزير الخارجيّة السوري وليد المعلم، إلى لندن، كسرت حاجزاً جديداً في العلاقة بين سوريا والغرب، وتجاوز البحث خلالها موضوع الغارة الأميركية، وإن كان العنوان الرئيسي للاجتماعات، ليطال العلاقات الثنائية بين دمشق ولندن، ولاحقاً أوروبا
لندن ــ الأخبار
أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، لـ«الأخبار» أن زيارته ومحادثاته في العاصمة البريطانية كانت «ناجحة، وساهمت في مزيد من توطيد علاقة سوريا بالمجموعة الأوروبية»، مضيفاً أن جدول أعمال المحادثات التي أجراها مع المسؤولين هناك تناولت كل ملفات المنطقة والوضع الدولي، إضافة إلى العلاقات الثنائية.
وقالت مصادر دبلوماسية في لندن، لـ«الأخبار»، إن الاعتداء الأميركي على سوريا كان عنواناً رئيسيّاً في مباحثات المعلم مع نظيره البريطاني، ديفيد ميليباند، الذي «أبلغ ضيفه أنه فهم من خلال اتصاله بوزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، أن الأمر لا يتعلق برسالة سياسية وأنه حادث أمني بحت».
وقال الوزير البريطاني، بحسب المصادر نفسها، إنه «سيكون في غاية المفاجأة إذا كان الهدف مدنياً ولا يتصل بمجموعات إرهابية، بينما قدم المعلم له المعلومات الكافية بشأن موقع الاعتداء وهوية الضحايا».
وفي النقاش بشأن أبعاد ما حصل، قالت المصادر «إن هناك تقديرات بشأن وجود تباينات داخل الإدارة الأميركية»، مضيفة أن «الخلافات باتت واضحة بين وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ووزارة الدفاع والأجهزة الأخرى» بشأن كيفية التعاطي مع سوريا. وأوضحت أن «هناك في واشنطن من يعتقد أن تعاون سوريا غير كاف بخلاف رأي الاستخبارات المركزية، التي تشير إلى أن دمشق قدمت لها معلومات كثيرة أفادتها في معاركها».
وقدمت مصادر دبلوماسية تابعت الزيارة حصيلة لمحادثات المعلم في لندن، مشيرة إلى أن «الوزير السوري سمع ترحيباً بريطانياً بفتح كل الآفاق أمام تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وتبادل الزيارات والاجتماعات على مختلف المستويات والتعاون في مجالات سياسية وغير سياسية».
وأضافت المصادر أنه جرى التطرق إلى الملف النووي الإيراني، موضحة أن المعلم أكد أن «سوريا تقف إلى جانب حق إيران في امتلاك برنامج نووي للأغراض السلمية». وأوضحت أنه جرى البحث في ما اتفق على تسميته بـ«المساعي الحميدة» التي تقوم بها سوريا بين إيران والمجموعة الأوروبية، مشيرة إلى أنه جرى التطرق إلى تفاصيل العرض الذي قدمه المنسق الأعلى للسياسية الخارجية والأمنيّة في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، والنقاط التي تُعدّ عقدة في الحوار القائم.
وتابعت المصادر نفسها أنه بُحث الوضع العالمي في ضوء المرحلة الانتقالية التي تعيشها الإدارة الأميركية، وجرى التركيز على سبل «منع أي انعكاسات سلبية في هذه المرحلة المهمة والخطيرة في آن». وأوضحت أن الجانب البريطاني ركّز على أهمية أن يكون العالم «أكثر تفهماً لموقع سوريا ودورها في المنطقة، وهو دور يتصل أساساً بالأمن الإقليمي ولا يتوقف عند ملف دون آخر، وأن يكون الحوار مع سوريا مركزاً على كل المسائل من إيران والعراق إلى فلسطين ولبنان».
شدد الجانبان، بحسب المصادر نفسها، على أهمية رفع مستوى التعاون والتنسيق في «مواجهة الإرهاب» الذي يتحرك في كل العالم. وطرح البريطانيون أفكاراً بشأن «بلورة شراكة سورية ـــ بريطانية ومن ثم شراكة سورية ـــ أوروبية لمكافحة الإرهاب».
وأشارت المصادر إلى أن المعلم شدد على أن «سوريا تخوض معركة مفتوحة ضد الإرهاب، وما تعرضت له أخيراً دليل على نجاح جهودها وخططها في مواجهة القوى الإرهابية، وأن بعض التفجيرات التي حصلت أظهرت التحقيقات بشأنها أنها جرت انتقاماً للدور السوري في مكافحة الإرهاب، وخصوصاً بعد ما قدمته سوريا من دعم للجيش اللبناني في معارك نهر البارد». كما أوضح المعلم أن «مجموعات إرهابية تريد العمل ضد الاستقرار في سوريا لأنها لا تجد في سوريا ملاذاً آمناً بخلاف ما يقوله كثيرون».
وأضافت المصادر أن المعلم قدم شرحاً لواقع العلاقات بين سوريا ولبنان، وتطرق إلى مسألة الانتشار العسكري السوري قبالة الحدود الشمالية اللبنانية، موضحاً أن «كل هذه الخطوات حصلت بالتنسيق مع الرئيس ميشال سليمان ومع القوى العسكرية والأمنية اللبنانية، وأنها إجراءات تستهدف مكافحة الإرهاب، وخصوصاً أن التحقيقات كشفت عن حصول عمليات تسلل لإرهابيين عبر الحدود اللبنانية». وأكد المعلم «عدم وجود أي بعد سياسي للانتشار وأنه ليس مقصوداً منه توجيه رسالة إلى الداخل اللبناني».
وتحدث المعلم عن العلاقات الدبلوماسية مع لبنان، وأعاد على مسامع المسؤولين البريطانيين أن دمشق التزمت بما وعدت به في الصيف الماضي. كما أبلغهم أن وفداً سورياً سينتقل الأسبوع المقبل إلى بيروت لإيجاد مبنى للسفارة السورية وأن تبادل السفراء سيحصل قبل نهاية هذه السنة. ورد البريطانيون، بحسب المصادر، شاكرين سوريا على التزامها وعودها في هذا المجال وأكدوا في الوقت نفسه حرصهم على السيادة اللبنانية.