روسيا تدين تجميد إدارة بوش للاتّفاق النوويّ... وتقيم علاقات دبلوماسيّة مع أوسيتيا وأبخازيا يبدو أن الإدارة الأميركية اتخذت قرارها بعدم فرض أي عقوبات على موسكو بهدف عزلها عن المجتمع الدولي، مشيرة إلى أن الأمر سينتهي بعزلتها هي، لذا كان الدور الأوروبي بقيادة فرنسا لتقريب وجهات النظر
بعيد سجال داخلي مطوّل، قررت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش عدم اتخاذ أي عقوبات بحق روسيا، على خلفية نزاعها مع جورجيا، بعدما استخلصت أن حظوظها ستكون ضئيلة في حال اتخاذها تدابير أحادية ضدّ موسكو. وبدلاً من ذلك، عمدت إلى الضغط على المجتمع الدولي لشن حملة على روسيا بقيادة أوروبا، فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن تبادل العلاقات الدبلوماسية مع أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، غداة زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى موسكو.
وقال مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى إن «البيت الأبيض استخلص أن فرض عقوبات اقتصادية على روسيا أو منع عضويتها في منظمة التجارة العالمية، سيكون لهما نتائج عكسية، تعمّق التعنّت الروسي، وتعيدنا إلى أيام الحرب الباردة». واعترف مسؤولون في البيت الأبيض بأنهم رغبوا في أن تكون هناك نية لدى الاتحاد الأوروبي لاتخاذ تدابير مشددة، وعدم اكتفائه بإطلاق تصريحات ناقدة.
إلّا أن مسؤولين آخرين، ناقشوا إمكان قيام الولايات المتحدة بردة فعل قاسية، قالوا إن «موسكو ترغب في فرض سيطرتها على الدول المستقلة عند حدودها، بما فيها أوكرانيا، ودول البلطيق وبولندا. لذا، يجب ردعها».
وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، قال إن «الإدارة الأميركية تطالب بمقاربة استراتيجية طويلة الأمد»، مشدداً على توافق الإدارة على «ضرورة التعاون الوثيق مع الأوروبيين وغيرهم». وأضاف «أعتقد أننا لا نملك الوقت الكافي لاتخاذ قراراتنا بهدوء. وأرى أن هناك اتفاقاً على عدم اتخاذ إجراءات عقابية، وفي الوقت نفسه، العمل على دعم حدود أراضي جورجيا». وحذّر من أن «أي عقوبات قد تؤدي إلى عزلنا نحن».
إذاً، ترغب الولايات المتحدة في دعم جورجيا، في مقابل عدم إلغاء تعاونها مع روسيا في عدد من الملفات الطويلة المدى، مثل مكافحة الإرهاب وإيقاف مهرّبي المخدرات. من هنا، قال غيتس «نودّ أن نرى روسيا متجهة نحو مزيد من التعاون الفعّال في معالجتها للأزمات الدولية، بدلاً من رمي طعامهم على الأرض»، وخصوصاً أن واشنطن وفّرت عزلة اقتصادية مبدئية لموسكو، بعد فرار بعض المستثمرين الأجانب.
في هذا الوقت، أعلن لافروف، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الخارجية النمساوية أورسولا بلاسنيك في موسكو، عن «إقامة علاقات دبلوماسية مع أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، من خلال تبادل وثائق»، موضحاً أن «هذه الوثائق جاهزة الآن للتوقيع على أعلى المستويات في وقت قريب». وأصرّ على «مشاركة هذين الإقليمين الانفصاليين في المناقشات الدولية المنصوص عليها في خطة الرئيسين الروسي ديمتري مدفيديف والفرنسي نيكولا ساركوزي، والتي من المقرر أن تبدأ في جنيف في الخامس عشر من تشرين الأول المقبل».
وقال لافروف إن «قوات روسية ستبقى في أوسيتيا وأبخازيا لفترة طويلة لضمان أمن السكان المدنيين». وأوضح أن «مسؤولية تجنيب القوقاز عودة الوضع السابق تقع على عاتق أولئك الذين سيحلون محل جنود السلام الروس في المنطقة»، مشيراً إلى أن «الاتحاد الأوروبي تعهد بضمان عدم استخدام القوة».
وتطرّق لافروف إلى تطبيق الاتفاقيات الدولية، قائلاً إنه «بعد ضمان عدم تكرار الاستفزازات من جانب جورجيا، تنسحب قوات حفظ السلام الروسية»، مذكّراً بأن «ذلك سيجري في غضون 10 أيام، بعد انتشار 200 مراقب أوروبي على الأقل في الميدان». تزامن ذلك مع إعلان وزير الدفاع الروسي أناتولي سرديوكوف عن أن «الجيش الروسي يعتزم نشر 7600 جندي في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا».
وأكد لافروف موقف روسيا الثابت من مسألة بناء شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن بلاده «لا تبحث حالياً إمكان فتح محطة رادار لورديس في كوبا».
إلى ذلك، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن أسفها لقرار الولايات المتحدة سحب الاتفاقية الروسية الأميركية بشأن التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية من الكونغرس، ووصفته بأنه «خاطئ ومسيّس».
ومن إيطاليا، أعلن نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني عن أن «العالم يدين العمليات العسكرية الروسية في جورجيا، واعترافها باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية».
(الأخبار، أ ف ب، أ ب، رويترز، يو بي آي)