Strong>الأب بروكمان: الدول الكبرى تقتل مئات الآلاف باسم الديموقراطية وتفرض مواقفها بترهــيب الآخرينأطلقت الجمعية العامة للأمم المتحدة دورتها الثالثة والستين بخطاب ثوري لرئيسها النيكاراغواي، الأب ميغيل ديسكوتو بروكمان، وصّف الواقع الدولي الذي يخلّف الحروب والفقر وتسوده شريعة الغاب من دون تملّق، ورفع عالياً صوت من لا صوت لهم في المنظمة، لعلّه يبقى عالياً ولا يأتي من يُخرسه

نيويورك ـ نزار عبود
افتتح الرئيس الجديد للجمعية العامة للأمم المتحدة، الأب ميغيل ديسكوتو بروكمان، دورتها الـ63 بخطاب «ثوري» لم تسمعه المنظمة منذ تأسيسها. وتحدث بروكمان عن العدالة الدولية وعن قوى «حاولت فرض الديموقراطية بقتل مئات الآلاف، ولا سيما في العراق»، وعن «الأنانية والجشع اللذين ينشران الجوع والمرض والغلاء»، وعن «خزي الأمم المتحدة التي أدمنت الكيل بمكيالين»، وفشلت في «إنشاء دولة فلسطينية»، وعن «إرهاب الدولة الذي أدى إلى تفشي الإرهاب في العالم».
وكان الأمين العام للمنظمة الدولية، بان كي مون، الجالس إلى جانبه، يغمض عينيه ويقطب حاجبيه ويبدو أنه لا يصدّق ما يسمع. كل جملة حملت معاني مخالفة لكل ما اعتاد «المجتمع الدولي» سماعه. لم يكن كلامه معسولاً، وخلا من أي مجاملة للدول الكبرى.
دعا بروكمان العالم إلى «وقفة مع الديموقراطية» داخل المنظمة، فقد فشلت على مدى 15 عاماً في إصلاح مبدأ حق النقض، وفي الجلسة الأخيرة من الدورة الـ62 التي عُقدت الاثنين الماضي، تم الاتفاق على إحالة موضوع إصلاح مجلس الأمن إلى لجنة تعقد جلسات مفتوحة للتوصل إلى اتفاق بالإجماع بدلاً من إخضاعه للتصويت بغالبية الثلثين كما كان متبعاً.
وكشف بروكمان أنّه كان يلتقي في الأسابيع الأخيرة بمندوبي دول يطلبون منه أن يرفع الصوت نيابة عنهم «لأنّهم لا يجرؤون على البوح بأفكارهم خشية عقاب الكبار»، وعلّق على ذلك بالقول إن «الديموقراطية تُغتال في الأمم المتحدة على أيدي دول تفرض مواقفها بترهيب الآخرين».
وعندما أُحرج بالسؤال عن موقفه من «غزو روسيا لجورجيا»، لم يتردّد في توجيه الاتهام إلى جورجيا ببدء الحرب التي شنتّها على أوسيتيا الجنوبية.
وعن موقفه من دعوة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى «إزالة إسرائيل من الخريطة»، قال «إنني أرفض محو أي أخت أو أخ على هذه الأرض، فكيف أقبل بمحو دولة؟».
وتطرّق إلى النظام الدولي غير العادل. ورأى أنّ المؤسسات الدولية من الأمم المتحدة إلى النظم المالية المسيطرة، التي أنتجتها اتفاقية بريتون وودز بصناعة أميركية ـــــ أوروبية، في حاجة إلى مراجعة شاملة، موضحاً أنّ «وصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لم تعد تصلح لمعالجة أكبر أزمة مالية في التاريخ».
ووعد بروكمان بأنّه سيعمل على جعل الجمعية العامة تنكب على دراسة الأسباب الحقيقية للجوع والفقر، مرحّباً بإعلان الاجتماع الوزاري لحركة عدم الانحياز الذي صدر في طهران في تموز الماضي والذي دعا إلى عقد لقاء على أرفع مستوى «لمناقشة الأمن الغذائي».
وعلم رئيس الدورة الثانية والستين، سرجان كريم، كيف سيكون خطاب خليفته النيكاراغوي، فهو سمعه من قبل، لذلك حذّر من أن تفجير قضايا خلافية في الجمعية العامة من شأنه أن يُثير تداعيات قد تدوم آثارها لعشرين سنة.
لقد عبّر بروكمان عن ضمير شعبي طال انتظاره، لكن مجيئه لم يكن محض صدفة. فالعديد من الدول شرقاً وغرباً بدأت تتمرّد على «الباب الأميركي العالي»، والمطالبون بالحقوق الفلسطينية من خارج البيت العربي باتوا أكثر ممن في داخله. مع ذلك، لا يُنتظر أن تكون قيادة بروكمان سهلة، بل عرضة لحملة عنيفة ستقودها إسرائيل.

قاد عملية استصدار قرار من حكومته عام ١٩٨٤ لرفع دعوى ضدّ الولايات المتحدة أمام محكمة العدل الدولية لدعمها الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية ضدّ بلده، والتي انتهت بحكم محكمة العدل في وقت لاحق لمصلحة نيكاراغوا.
(الأخبار)