منذ قرّر حكّام تركيا إعادة بلادهم إلى قلب آسيا، كانت إيران محطّ أنظارهم. تطوّرت العلاقات الثنائيّة سريعاً بينهما منذ عام 2002، وهي تصل في هذه الأيّام الى ذروتها
أرنست خوري
أدركت براغماتيّة حزب وحكومة عبد الله غول ورجب طيب أردوغان كيف تطرق الباب الإيراني وتتحوّل إلى رقم صعب مطلوب منه دولياً تأدية دور الوسيط بين الغرب (ممثلاً بمجموعة «5+1») والجمهورية الاسلاميّة في شأن الملفّ النووي.
اقتراح الوساطة دفع بالقيادة الاسلامية في طهران الى «ردّ الجميل» من خلال اقتراح تأدية دور وسيط أيضاً بين أرمينيا وتركيا. عرضٌ كشف عن وجوده ورفضه في آن، المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة التركية براق أوزوغرغين. فبحسب أوزوغرغين، الوساطة الايرانيّة «مشكورة لكن لا ضرورة لها» لأنّ أنقرة «قررت خوض مفاوضاتها مع يريفان مباشرة لا عبر طرف ثالث».
ثمّ طرأت في اليومين الماضيين، مجموعة تطوّرات تعكس ما وصفه الرئيس محمود أحمدي نجاد برغبة أنقرة وطهران في ترجمة «أخوّة» البلدين؛ فقد سمّت الدولتين سفيرين لهما في العاصمتين بعد انقطاع التمثيل على مستوى السفراء بينهما.
على سبيل المثال، ظلّ التمثيل الايراني لدى تركيا منذ عامين محصوراً بمستوى قائم بالأعمال، قبل أن يسمّي نجاد سفيراً لدى أنقرة أمس، وهو بهمان حسين.
وكانت أنقرة قد اعتمدت بدورها سفيراً لها في طهران قبل 3 أيّام وهو سليم كارا عثمان أوغلو.
خطوات مهمّة لكنّ الأبرز سيكون في 14 من الشهر الجاري، موعد زيارة نجاد إلى تركيا.
المعلومات المتوافرة عن الزيارة، تعكس أمرين: الرغبة المشتركة في تطوير العلاقات، لكن من جهة أخرى، العوائق التاريخية والمعنوية التي لا تزال تحول دون ترجمة «أخوّة البلدين».
فمن دون أن يدري، فتح نجاد باباً ساخناً من الانتقادات ضدّ غول وأردوغان عندما كشف عن أنّ زيارته ستكون «زيارة عمل» لا «زيارة رسميّة»، فقط ليعفي نفسه من زيارة قبر مصطفى كمال أتاتورك (متحف أنيتكبير) في أنقرة.
قرار أدّى إلى حملة إعلاميّة قادتها صحف «حرييت» و«راديكال» وتلفزيون «ستار» ضدّ غول وأردوغان لأنهما وافقا على أن يقضي نجاد أيامه الثلاثة في إسطنبول لا في أنقرة تحاشياً لزيارة قبر أتاتورك الذي يحمل في شخصه جميع ما يناقض تجربة الجمهورية الاسلاميّة.