روسيا تستبق زيارة ساركوزي اليوم برفض مبادرة الغرب لوقف إطلاق النار وتقبل اجتماعاً استثنائياً مع «الأطلسي»دخلت موسكو إلى العمق الجورجي، لتفرض شروطاً جديدة للنزاع، وخصوصاً بعد رفضها دعوة الغرب للموافقة على هدنة، واكتفائها بالدعوة إلى اجتماع استثنائي مع حلف شمالي الأطلسي، الذي قبل الطلبوصلت القوات الروسية إلى الداخل الجورجي، حيث أعلن سكرتير مجلس الأمن القومي، ألكسندر لومايا، أن «القوات الروسية احتلت مدينة غوري، والقوات الجورجية تقوم بتحصين مواقع بالقرب من تبيليسي للدفاع عن العاصمة». وأكدت روسيا أن قواتها تقدمت من منطقة أبخازيا الانفصالية إلى بلدة سيناكي في عمق جورجيا. وبررت العملية بالحاجة إلى تجنّب مزيد من الهجمات على منطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية.
في هذا الوقت، رفض نائب رئيس الوزراء الروسي سيرغي إيفانوف الجهود الأوروبية للتوصل إلى وقف إطلاق النار مع جورجيا، قائلاً إنه «على تبيليسي أن تتفاوض على إنهاء القتال مباشرة مع المناطق الانفصالية»، وذلك على خلفية دعوة وزراء مجموعة الدول السبع، بعد اجتماعهم أمس، «روسيا إلى قبول الوقف الفوري لإطلاق النار»، بناءً على جهود الوساطة التي يقودها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، ووزير الخارجية الهولندي ألكسندر ستاب.
وسبق ذلك مطالبة المبعوث الروسي لدى حلف شمالي الأطلسي، ديمتري روغوزين، باجتماع استثنائي لمجلس حلف الأطلسي وروسيا اليوم، «للبحث في الأوضاع الراهنة في أوسيتيا»، وهو ما وافق عليه الحلف. ورأى روغوزين أن الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي «لم يعد الرجل الذي يمكننا التعامل معه، لأنه مسؤول عن الكثير من الجرائم».
وكان كوشنير قد فاجأ الجميع بإعلانه انخراط الولايات المتحدة بصورة شبه مباشرة في الحرب، إذ قال إن «الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون أول جهة مسؤولة عن تسوية النزاع، لأن واشنطن طرف في هذا النزاع نوعاً ما». كما أعلن موافقة الرئيس الجورجي «على جميع مقترحات الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لوقف النزاع مع روسيا».
وفي إشارة إلى التورّط الأميركي، ذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، أنه «فيما يستنكر الأميركيون الهجوم الروسي، فإنَّهم ينقلون بواسطة مطار العقبة في الأردن، الأسلحة المعدة للقوات الأميركية في العراق إلى جورجيا جواً، مساعدةً منهم لجورجيا ضد الروس».
وتابعت الصحيفة أن «الحديث يجري عن ثلاث إلى أربع سفرات يومياً، تقوم بها شركة طيران أميركية». وأشارت إلى أن «النقلة الأولى للذخائر من العقبة واجهت مشكلة، عندما رفض طاقم الطائرة، الذي يعود أصله لإحدى الدول في منطقة بحر قزوين، الإقلاع إلى تبيليسي، إلى حين استبدال الطاقم».
وكانت روسيا قد أعلنت أن تسخينفالي، عاصمة أوسيتيا الجنوبية، باتت تحت سيطرة قواتها التي بدأت بتجريد الوحدات العسكرية الجورجية المحاصرة من السلاح، قائلة إن 18 عسكرياً روسياً، بينهم ضابط، قتلوا منذ اندلاع العمليات العسكرية.
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» عن الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف قوله، خلال لقائه وزير الدفاع أناتولي سيرديوكوف، «لقد نفذنا جزءاً مهماً من عملية إرغام الجانب الجورجي والسلطات الجورجية على السلام في أوسيتيا الجنوبية». وأضاف أن «الضربات توجه إلى الأهداف العسكرية فقط. لم نقصف تبيليسي، ولا المطار الدولي، ولا أي مراكز سكانية في جورجيا».
ومع توسّع جغرافية الحرب لتشمل أبخازيا، أكدت القوات الأبخازية أنها «حاصرت تماماً الجنود الجورجيين المتمركزين على مرتفعات ممرات كودوري، المنطقة المتنازع عليها»، حيث وجّه الجيش الروسي، بعد إرسال تعزيزات، إنذاراً إلى القوات الجورجية. وطلب قائد القوات الروسية لحفظ السلام في أبخازيا، الجنرال سيرغي تشابان، من جميع القوات الجورجية الموجودة في المنطقة الأمنية الفاصلة بين جورجيا وأبخازيا، «تسليم أسلحتها».
وفي السياق، حذرت قيادة أركان القوات الروسية من «تدمير كل السفن والغواصات التي تدخل المنطقة الأمنية في البحر الأسود قرب سواحل أبخازيا الانفصالية». وقال رئيس هيئة أركان القوات الروسية، أناتولي نوغوفيتسين، إنه «إذا انتهكت الأجواء، فعلينا الرد بطريقة ملائمة، وتدمير جميع من يدخلون هذه المنطقة الأمنية».
وبعد اجتماع للرئيس الروسي ورئيس وزرائه فلاديمير بوتين، إضافة إلى جنرالات الجيش لمناقشة الوضع العسكري في أوسيتيا الجنوبية، والذي لم تعُلن نتائجه، قال بوتين إن «الغرب مخطئ في اعتباره المعتدي الحقيقي الضحية في صراع بلاده مع جورجيا»، مضيفاً أن «واشنطن تساعد في إعادة القوات الجورجية إلى الوطن من العراق».
في الوقت نفسه، ذكرت وكالة «بي أن أس» أن مندوب روسيا لدى ليتوانيا، ألكسندر فيشنياكوف، حذر بولندا ودول البلطيق الثلاث، من «أنها ستدفع ثمن انتقاداتها العنيفة لروسيا في نزاعها مع جورجيا».
إلى ذلك، بدأت نتائج حرب أوسيتيا بالظهور إلى العلن، إذ اتفق رئيسا أبخازيا سيرغي باغابش، وأوسيتيا الجنوبية إدوارد كوكويتي، على الطلب من الأسرة الدولية «الاعتراف بجمهوريتيهما في أقرب فرصة ممكنة»، بحسب وكالات الأنباء الروسية، رغم إعلان موسكو أن ذلك لا يزال مبكراً. كما أعلن باغابش أن أي تفاوض «مع الحكومة الجورجية الحالية مستحيل».
أما الولايات المتحدة، فكرّرت تنديدها، على لسان رئيسها جورج بوش، بتصاعد العنف بين روسيا وجورجيا في أوسيتيا الجنوبية، وانتقد موسكو على «الرد غير المتكافئ على القوات الجورجية». وقال إنه «أبلغ بوتين بحزم أن هذا العنف غير مقبول».
إلى ذلك، حذر وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني من قيام «تحالف أوروبي مناهض لروسيا»، مشيراً إلى أن «عمليات حفظ السلام التي توكل اليوم حصراً إلى قواتها العسكرية يحب أن تكون موضع مناقشات مع المجموعة الدولية».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، أ ف ب)