مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، ودنوّ مؤتمر الحزب الديموقراطي الذي من المرتقب أن يكرّس باراك أوباما مرشّحاً للرئاسة الأميركية، قد يكون من المفيد استشراف واقعيّة شعار «التغيير»، الذي يرفعه المرشّح الأسود، من خلال استعراض قائمة مستشاريه للسياسة الخارجية والأمن القومي، الذين قد يمثّلون نواة الإدارة المقبلة
واشنطن ــ محمد سعيد
تؤدي السياسة الخارجية والأمن القومي دوراً رئيسياً في برامج مرشحي الانتخابات الرئاسية الأميركية، وخصوصاً في أوقات الأزمات الدولية والإقليمية التي تكون الولايات المتحدة طرفاً أساسياً فيها.
وفي الحملات الانتخابية للعام الجاري، برز ذلك واضحاً، في ظل تورط واشنطن، بقيادة الجمهوريين، في حربي أفغانستان والعراق اللتين تستهلكان الكثير من الموارد المالية الأميركية وتضغط على الميزانية العامة وبرامج التنمية الاجتماعية داخل الولايات المتحدة.
ويؤدي مستشارو المرشحين لانتخابات الرئاسة دوراً رئيساً في تحديد بوصلة السياسة الخارجية للمتنافسين، فيما تؤدي الدائرة الضيقة من المستشارين، التي تحيط بالمرشحين الديموقراطي باراك أوباما والجمهوري جون ماكاين، دوراً أساسيّاً في تحديد توجهات المرشح الداخلية واختيار وزرائه، وقبل كل ذلك نائبه، الذي سيكون على بطاقته الانتخابية التي ستحظى بموافقة المؤتمر الحزبي العام الذي سيعقد في الفترة من 25 إلى 28 آب الجاري للديموقراطيين، ومن 2 إلى 4 أيلول المقبل للجمهوريين.
باراك أوباما إلى اليوم هو المرشّح الأوفر حظاً، بحسب استطلاعات الرأي، للوصول إلى البيت الأبيض، رغم خبرته الضئيلة في العمل السياسي. وإضافة إلى «الكاريزما» الشخصية التي يتمتع بها المرشّح الأسود، فهو محاط بطاقم مستشارين «قادرين على التغيير».
انتخب أوباما لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية إلينوي في عام 2004، وعمل في لجنة العلاقات الخارجية. ويشير سجل التصويت داخل مجلس الشيوخ الأميركي خلال الأعوام الأربعة التي قضاها حتى الآن في المجلس إلى أنه ليبرالي، غير أن طاقم مستشاريه السياسيين يغلب عليهم طابع الاعتدال. وقد شرح أوباما سجلّ تصويته باعتباره منتج الأصوات التي تدفع أعضاء المجلس باتجاه محدّد، ولسان حاله يقول إن رئاسته سوف تدفع أميركا إلى مرحلة أقل إيديولوجية وأكثر تعاوناً.
ويرى خبراء ومحللون أن أوباما محظوظ جداً بحصوله على طاقم من العاملين الذين يملكون خبرة سياسية، وهم متّحدون في ولائهم لمرشحهم رغم أن بعضهم لا يعرف أوباما قبل حملته لانتخابات مجلس الشيوخ.
ويقول الباحث، ديريك كوليت، إن فريق المرشح الديموقراطي «يعكس قدراً كبيراً من شخصية أوباما، الذي أوضح في خطبه وأقواله خلال الحملة أنه يؤمن بأن الدبلوماسية قد استُخف بها خلال السنوات القليلة الماضية وبأن الولايات المتحدة يجب ألا تخشى التفاوض».
ويقول خبراء إنه في حال فوز أوباما فإن سياسته الخارجية وبرنامجه الاقتصادي سيتعارضان مع إرث إدارة جورج بوش. ويرى كوليت، الذي ارتبط بحملة أوباما، أنه «إذا كان هدفنا التعذيب، أو التغير المناخي، أو كيف نتعامل مع إيران، والعراق، وعملية السلام في الشرق الأوسط، فسنرى تغييرات مهمة».
ويُعدّ أوباما منتقداً صريحاً للحرب على العراق، التي عارضها منذ عام 2002، داعياً إلى سحب القوات الأميركية منه وإعادة تركيز الجهد العسكري الأميركي ضد «طالبان» و«القاعدة» في أفغانستان وباكستان وملاحقة عناصرهما بموافقة الحكومة الباكستانية أو عدمها.

فريق أوباما للسياسة الخارجية

يضمّ فريق أوباما للسياسة الخارجية والأمن القومي 20 من أبرز الوجوه السياسية التي عمل معظمها في حكومة الرئيس السابق بيل كلينتون، كما أن معظم نواة هذا الفريق ممن كانوا مساعدين لكبار مستشاري المرشحة الديموقراطية السابقة هيلاري كلينتون في حملتها الانتخابية، مثل وزيري الخارجية السابقين مادلين أولبرايت ووارن كريستوفر. كما سبق لمعظم مستشاري أوباما للسياسة الخارجية والأمن القومي العمل في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي في عهد كلينتون مثل فيليب غوردون وإيفو دالدر، اللذين يعملان حالياً في معهد «بروكينغز»، الذي يُعدّ المؤسسة الفكرية التي تحتضن مسؤولين ديموقراطيين سابقين.
ويؤلّف هذا الفريق ما يشبه وزارة خارجية مصغّرة، مهمتها مساعدة أوباما، الذي يدّعي منتقدوه الجمهوريون أنه يفتقر إلى الخبرة في شؤون الأمن القومي. ويطلع هذا الفريق أوباما على كل التطورات العالمية وما يمكن أن يواجهه من تساؤلات، ويقترحون الإجابات عليه.
أكثر ما يلفت الانتباه في قائمة أوباما هو اختياره مستشار الأمن القومي في عهد جيمي كارتر، زبغنيو بريجنسكي، ليكون مستشاره الرئيسي في السياسة الخارجية. بريجنسكي برز في السنوات الأخيرة صوتاً بالغ الحيوية، بالرغم من أنه وجه تقليدي في أوساط خبراء السياسة الخارجية في واشنطن. ومعروف عنه توجّهه مع الرئيس كارتر أكثر فأكثر نحو صفّ ما يُطلق عليهم «الواقعيون الجدد»، الذي ينادي بإعادة تقييم العلاقات الأميركية ـــ الإسرائيلية والدفع في اتجاه حسم الملف الفلسطيني على قاعدة الضغط على إسرائيل في مقابل فتح قنوات الحوار المباشر مع الأطراف الفلسطينية المدرجة على قائمة «الإرهاب» الأميركية، وخصوصاً حركة «حماس». وبرز بريجنسكي أيضاً مدافعاً عن سياسة الحوار والتفاوض المباشر مع إيران وسوريا وبقية حلفائهما في المنطقة، بما في ذلك «حزب الله».
إن النفوذ القويّ الذي يتمتع به تيار «الواقعيين الجدد» في فريق أوباما مسألة لم تعد غامضة، وهو إشارة قوية إلى تعاظم نفوذ هذا التيار في أوساط السياسة الخارجية الأميركية في رد فعل واضح على فشل سياسات «المحافظين الجدد»، ما جعل بعض التحليلات المعمقة التي قدّمتها أصوات مؤثرة لدى «الناخب اليهودي» تصل إلى استنتاج مفاده أن نوايا أوباما الخارجية تمثّل انقلاباً على العلاقة التقليدية التي تربط الولايات المتحدة بإسرائيل.
غير أن قائمة أوباما ضمّت أسماء أخرى لا تقل أهمية رغم صيتها غير الذائع، ومن بين هؤلاء:
■ أنتوني ليك (68 عاماً): كان أول مستشار لشؤون الأمن القومي للرئيس السابق بيل كلينتون، ووثيق الصلة به في الفترة من 1993ـــ1997، خلال أزمات خارجية رئيسية عديدة، بما في ذلك الصراع في البوسنة والصومال. وقد أيّد ليك إبقاء الوجود الأميركي في الصومال حتى بعدما طالبت العديد من الأصوات بانسحاب الولايات المتحدة.
وكان ليك مبعوث كلينتون الشخصي إلى المفاوضات التي أدت إلى إنهاء الحرب بين إثيوبيا وأريتريا، وهو انتقد فشل إدارة كلينتون في مواجهة مجزرة الإبادة الجماعية في رواندا في عام 1994، ويقرّ اليوم بأن عدم التصرّف كان خطأً رئيسياً.
وفي أزمة دارفور في السودان عام 2006 حثّ ليك، مع سوزان رايس، الولايات المتحدة على «الضغط لإصدار قرار من الأمم المتحدة يتضمّن إنذاراً للسودان بأن يقبل الانتشار غير المشروط لقوات الأمم المتحدة خلال أسبوع أو مواجهة العواقب العسكرية». وفي مقال نشراه في صحيفة «واشنطن بوست» قال ليك ورايس إن الولايات المتحدة قادرة أيضاً على التدخل في دارفور من دون موافقة الأمم المتحدة، مشيرين إلى حرب بلغراد عام 1999.
وتزيد خبرة ليك عن 45 سنة. ويتخذ موقفاً معارضاً للحرب على العراق، وهو من أبرز مستشاري أوباما الذين أكدوا على ضرورة الحوار مع زعماء إيران وفنزويلا وكوريا الشمالية.
■ سوزان رايس (43 عاماً): الناطقة الرئيسية باسم أوباما في مجال السياسة الخارجية. تعرّضت لانتقادات عنيفة من أنصار «الحلف الأميركي الإسرائيلي» لمجرّد أنها اقترحت تنصيب كل من جيمس بيكر وجيمي كارتر وسيطيْن أميركيين مكلفين الإشراف على المفاوضات الفلسطينية ـــ الإسرائيلية، ووُصفا حينذاك بأنهما «أشرس أعداء إسرائيل». وقد سبق لرايس العمل مساعدةً لوزير الخارجية الأميركي لشؤون أفريقيا في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون. وهي تضغط من أجل إصدار موقف صلب حيال أزمة إقليم دارفور.
وتصنّف رايس الفقر عاملاً في الأمن القومي الأميركي. وفي عام 2006، حذّرت من أن الفقر «يزيد كثيراً من خطر الصراع المدني، ويمنع الدول الفقيرة من تكريس المصادر الكافية لكشف الأمراض القاتلة وتطويقها».
■ جون برنان (52 عاماً): كان يعمل عشية التحاقه بفريق أوباما رئيساً لشركة التحليلات الاستخبارية، ويقدّم المشروة لأوباما بشأن الاستخبارات ومكافحة الإرهاب. وقد سبق له العمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) لمدة 25 عاماً، وأصبح أول مدير للمركز القومي لمكافحة الإرهاب في عام 2004، ويترأّس حالياً جمعية تحالف الاستخبارات والأمن القومي. ويُعدّ خبيراً استخبارياً في شؤون المنطقة منذ سبعينيات القرن الماضي، وقد أدار قسم تحليلات الـ«سي آي إيه» بشأن الإرهاب خلال فترة الحرب الإيرانية ـــ العراقية والحرب الأميركية على العراق، ليصبح معدّ التقرير الاستخباري اليومي الذي يقدّم للرئيس الأميركي.
وعلى غرار أوباما، فإن برينان يؤمن بضرورة الجمع بين الدبلوماسية العامة والخيار العسكري في معالجة ما يهدّد الأمن القومي، وهو يؤمن بضرورة منح شركات الاتصالات الأميركية الحماية القضائية اللازمة بسبب تعاونها مع سلطات الأمن في التجسس على الأميركيين.
■ روبرت مالي: كبير المحللين حالياً في مجموعة «الأزمات الدولية» والمستشار السابق للرئيس كلينتون في الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط. تميّز برواية مغايرة للمفاوضات بين الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وإيهود باراك، تحمّل الطرف الإسرائيلي مسؤولية فشل المفاوضات في كامب ديفيد. وهو يُصنّف من جانب اليمين الأميركي والصهيوني المتطرف بأنه «عدوّ» لإسرائيل.
■ سامنتا باور: الأكاديمية المختصة في حقوق الإنسان من جامعة هارفارد، التي تدافع بحماسة عن وجهات نظر زميليها في جامعتي هارفارد وشيكاغو، ميرشايمر ووالت، اللذين يدعوان إلى مراجعة العلاقات الأميركية ـــ الإسرائيلية من خلال التوقف عن خدمة مصالح «اللوبي الإسرائيلي» في تقرير السياسة الخارجية الأميركية. وقد اضطرت للانسحاب علناً من فريق أوباما عقب وصفها لهيلاري كلينتون بأنها «شخص بشع».
■ دينيس ماكدونوف: باحث بارز في مركز التقدم الأميركي، يعمل منسقاً للأمن القومي في حملة أوباما. ويُعدّ ناقداً صريحاً بالنسبة للسياسة الأميركية في مجال الطاقة والسياسة البيئية. كما تحدث في ندوة عقدت في معهد «بروكينغز» في 2008 عن أنه يترتب على الولايات المتحدة «تحديد موعد نهائي لانسحاب القوات من العراق من أجل خفض عجز الميزانية الفدرالية والمساعدة في حل الأزمة الاقتصادية الراهنة».
■ ويليام بيري: وزير الدفاع السابق في إدارة كلينتون، ويعرف عنه تبنيه رأي وزير الدفاع الأسبق روبرت ماكنمارا بأن «هناك احتمالاً بنسبة تزيد على 50 في المئة لتعرّض أهداف في الولايات المتحدة لضربة نووية خلال عقد من الزمان». كما يعرف عنه أيضاً اعتباره منطقة شمال أفريقيا مصدر خطر أمني على حلف الأطلسي.
■ غريغوري كريغ: أحد كبار المسؤولين السابقين في وزارة الخارجية في عهد كلينتون. انتقد كريغ إدارة بوش لمساندتها الانتخابات في عدد من دول أميركا اللاتينية. وقال إنه «نتيجة لذلك أصبحت الولايات المتحدة أقل شعبية في المنطقة». كما انتقد بوش لتخليه عن استراتيجية كلينتون في العمل مع أميركا اللاتينية «بشكل كامل، بدلاً من محاولة اقتناص الفرص من إمكان التفاوض الأميركي والتعامل مع المنطقة بالنسبة لاعتباراتها التجارية المجزأة».
■ سارة سيوول: محاضرة في السياسة العامة في كلية كيندي للدراسات الحكومية في جامعة هارفارد، ومديرة مركز «كار» لحقوق الإنسان. وكانت قد تولّت سابقاً منصب نائب مساعد وزير الدفاع لحفظ السلام والمساعدة الإنسانية في عهد كلينتون.
وشاركت سيوول مع قائد قوات الاحتلال الأميركي في العراق الجنرال دافيد بيتراوس في إعادة كتابة دليل مجال التكتيكات المستخدمة للقتال ضد مقاتلي الحروب الثورية، الذي يستخدمه الجيش الأميركي ومشاة البحرية الأميركية.
■ دينيس روس: يعمل حالياً نائباً لمدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط، وهو المؤسسة الفكرية للوبي اليهودي ـــ الإسرائيلي، وسبق أن عمل نحو 12 عاماً في وزارة الخارجية الأميركية في قسم الشرق الأوسط مسؤولاً عن المفاوضات العربية ـــ الإسرائيلية ومبعوثاً خاصاً لكلينتون لعملية تسوية الصراع العربي ـــ الإسرائيلي، وأيضاً مديراً للتخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأميركية.
■ دان كيرتزر: من المحسوبين أيضاً على اللوبي اليهودي ـــ الإسرائيلي، وكان عضواً في الفريق الأميركي إلى جانب روس، المسؤول عن مفاوضات التسوية العربية الإسرائيلية في فترة التسعينيات، وسفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل ومصر.


مسؤولو الحملة

تضمّ حملة أوباما أسماءً وازنة في إدارة الحملات الانتخابية. وفي ما يأتي أبرزها:
■ ديفيد بلوف (40 عاماً): مدير الحملة الانتخابية.
■ ديفيد أكسيلرود (53 عاماً): يتولى حالياً رئاسة طاقم المخططين الاستراتيجيين.
■ روبرت غيبس (36 عاماً): مسؤول إدارة الاتصالات والإعلام.
■ لابول هارستاد: مسؤول أبحاث استطلاعات الرأي.
■ جوليانا سموت: من أبرز مساعدي أوباما.
■ ستيف هيلديبراند: خبير في شؤون السياسات الرئاسية.
■ بول تيويز: مدير ولاية أيوا في حملة أوباما.
■ بيل بيرتون: السكرتير الصحافي لأوباما على الصعيد القومي.
■ دان بفيفر: السكرتير الصحافي لأوباما في جولاته الداخلية.
■ ديفوراه ألدار: المتابعة لنشاطات الحملة الجمهورية.
■ إليسا ماستروموناكو: المديرة السياسية للجان التبرعات.
■ ستيفاني كاتر: مسؤولة فريق السيدة الأولى المحتملة ميشيل أوباما.