القوات الروسيّة تحتفظ بسيطرتها على «مناطق استراتيجيّة» في العمق الجورجي وصلت رسالة موسكو إلى العالم، وسحبت جيشها إلى أوسيتيا وأبخازيا مع إبقاء سيطرتها على مراكز استراتيجية داخل العمق الجورجي. وبينما ارتفعت وتيرة التوتّر الأطلسي ــ الروسي، لمّحت موسكو إلى نيّة جورجية بشنّ حملة جديدة على الإقليمين، بينما جاء اعتراف واشنطن وتبليسي بخطأ قرار السابع من آب متأخّراً... وفي اليوم السادس عشر لاجتياح القوات الروسية الأراضي الجورجية، وفت موسكو بالوعد الذي قطعه رئيسها دميتري مدفيديف، وسحبت قوّاتها من الأراضي الجورجية، وأعادتها أدراجها لتتمركز في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، تاركة خلفها نقاط تفتيش برية «دائمة»، تساندها مروحيات «لضمان حماية الإقليمين وعدم إقدام الجيش الجورجي على مغامرة عسكرية جديدة غير محسوبة».
ويبدو أنّ موجة تهجير قومية كبيرة ستتكرّس في الأراضي الجورجية، سيكون ضحاياها الجورجيّون والأوسيتيّون والأبخاز على السواء. نبأ غير سار أعلنه الزعيم الأوسيتي إدوار كوكويتي في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، قال فيها إنّ «الجورجيين سيُمنعون من العودة إلى إقليمه كردّ على تهجير الأوسيتيين من الأراضي الجورجية».
خطوة بالغة الحساسية، وخصوصاً في ظلّ طلب البرلمان الإقليمي الأوسيتي من موسكو، الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما سيقرّره مجلس الدوما يوم الاثنين المقبل، في قرار من شأنه أن يحدّد مصير العلاقة الروسيّة مع الغرب الأطلسي.
علاقة تحمل كل يوم مؤشرات مواجهة وتحدٍّ. فقد كان يوم أمس تاريخياً، إذ إنه مرّ على العالم في ظلّ قطع موسكو علاقاتها وتنسيقها مع حلف شمال الأطلسي الذي بدأت أساطيل 4 دول عضوة فيه بإجراء «تدريبات روتينية في البحر الأسود» من دون مشاركة تركيا. «تدريبات» لم تقتنع موسكو ببراءتها رغم أنّ الحلف نفى وجود أي علاقة تربط موعدها بالحرب القوقازية، مشيراً إلى أنّها كانت مقررة منذ حزيران الماضي.
وأنهت القوات الروسية انتشارها في مدينة غوري الاستراتيجية، ومن جميع المدن التي تقع خارج أوسيتيا وأبخازيا، وسط انتشار الجيش الروسي في عدد من مراكز المراقبة المدعومة جوياً أهمها في مدن بوتي (بين تبليسي وغوري)، وأخرى على طريق استراتيجية تربط العاصمة بالبحر الأسود، حيث سيأخذ الوجود الروسي داخل الأراضي الجورجية شكل «منطقة مسؤولية».
وبالفعل، لم يُسمَح إلا بمرور قوافل الإغاثة والصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية في هذه المناطق.
خطوة رأى رئيس مجلس الأمن القومي الجورجي ألكسندر لومايا أنها ترمي إلى «خنق جورجيا اقتصادياً وإثارة غضب المواطنين ضدّ الحكومة». ولم تعبأ موسكو بانتقادات برلين وباريس لهذا الوجود العسكري، فأعلنت أنه سيكون «دائماً».
وبعثت موسكو برسالة قوية على لسان نائب رئيس هيئة أركانها العامة الجنرال أناتولي نوغوفيتسين، الذي كشف أنّ جورجيا تتهيأ عسكرياً لتنفيذ عمليات عسكرية جديدة في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، مشيراً إلى أنّ المنطقة «بعيدة عن الاستقرار». واستند نوغوفيتسين إلى هذه المعطيات ليبرّر قرار قيادته بزيادة عديد وعتاد جيشه في الإقليمين، كذلك في نقاط المراقبة داخل العمق الجورجي «للحيلولة دون تهريب الأسلحة والذخائر».
ومع كشف موسكو عن أنّ تبليسي تتحضّر لحرب جديدة، يكون الاعتراف الجورجي الذي جاء على لسان نائب وزير الدفاع كوتي ليا بخطأ قرار بلاده غزو أوسيتيا في السابع من الشهر الجاري من دون جدوى تقريباً. اعتراف آخر أدلى به السفير الأميركي لدى موسكو جون بيرلي أكّد فيه أن بلاده كانت على علم بنية جورجيا اجتياح الإقليم الأوسيتي، وحاولت إقناع إدارة الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي بعدم تنفيذ القرار. وأبرز ما جاء في كلام بيرلي هو وصفه الردّ الروسي الذي تلى الاجتياح الجورجي لأوسيتيا، بأنه كان «شرعياً»، قبل أن يستدرك ويرى أنّ توغّل الجيش الروسي داخل جورجيا «وضع سيادة هذه الدولة على المحكّ».
(أ ب، أ ف ب، رويترز، الأخبار)

وذكرت وكالة «يونيان» الأوكرانية أنّ نائب رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية أندريه كيسلنسكاي أعلن، في بيان له، أنّ الأوساط الروسية «تحاول مجدداً إحياء تدخّلها في الانتخابات الأوكرانية كما فعلت عام 2004 انتقاماً من القوى السياسية والأفكار التي سادت أوكرانيا خلال الأعوام الأربعة الأخيرة». واتّهم كيسلنسكاي رئيسة وزراء بلاده يوليا تيموشينكو بـ«الخيانة العظمى» والفساد السياسي، كاشفاً عن تمويل روسي بقيمة مليار دولار لمشروع ترشحها للانتخابات الرئاسية المقبلة في أوكرانيا.
(يو بي آي)