موسكو تحذّر من مواجهة في البحر الأسود... وبكين تدعو إلى الحوارStrong>أثار قرار روسيا الاعتراف باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، مخاوف غربية من سعي موسكو إلى توسيع دائرة نفوذها، وهو ما عبّر عنه بوضوح وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير باتت روسيا اليوم في سباق مع الغرب وحلفائه، على تسجيل نقاط أكثر للتنكيل بالخصم، ولو سياسياً. الحلقات معروفة. أوّل من أمس اعترفت موسكو باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. أمس، تحوّل الرد الكلامي بين الأسف والإدانة إلى طبيعة أكثر عملية، فأعلنت جورجيا خفض تمثيلها الدبلوماسي في روسيا، يرافقها إصرار الاتحاد الأوروبي على دعم انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي، لإنقاذها من أن تكون الهدف المقبل للدب الروسي. أما الصين، فخرجت عن صمتها بعد انتهاء الألعاب الأولمبية، داعية إلى الحوار.
وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، كان الأشد تعبيراً عن المخاوف الغربية، إذ رأى أن روسيا «خارجة عن القانون الدولي». وأشار إلى أن «لموسكو ربما أهدافاً أخرى، بينها القرم وأوكرانيا ومولدافيا»، مؤكداً أنه أمر «بالغ الخطورة». وأضاف أن قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي «سيتحركون بالتأكيد خلال قمتهم الاثنين المقبل، لإيجاد حل.
كما أكد المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع الفنلندي، أولي رين، في هلسنكي، أن على «الاتحاد الأوروبي أن يؤكد بوضوح دعمه انضمام أوكرانيا إليه كي لا تصبح هذه الدولة الهدف المقبل لروسيا». كييف من جهتها رأت على لسان رئيسها فيكتور يوتشينكو، أن «قرار روسيا يعدّ تهديداً للسلام في أوروبا».
ومن مزرعته في كراوفورد في ولاية تكساس، وصف الرئيس الأميركي جورج بوش القرار الروسي بأنه «غير مسؤول»، قائلاً إنه «يتضارب مع العديد من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي صوّتت عليها روسيا في الماضي، ومع اتفاق وقف النار الذي تم التوصل إليه برعاية فرنسا». وأضاف «نتوقع من روسيا أن تحترم التزاماتها وتعيد النظر بقرارها غير المسؤول».
من جهتها، أعلنت وزيرة الخارجية الجورجية، إيكا تكيشيلاشفيلي، أن «بلادها قررت خفض تمثيلها الدبلوماسي في روسيا ليقتصر على دبلوماسيين اثنين فقط في موسكو، ومن مستوى ثان».
بدوره، أكد الرئيس الروسي دميتري مدفيديف، في مقالة نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، أن «قرار موسكو الاعتراف بجمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية يستند إلى القانون الدولي». وكتب أنه تم «عبر أخذ الرغبات التي أعرب عنها بحرية شعبا أوسيتيا وأبخازيا في الاعتبار، وعلى أساس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ووثائق أخرى للقانون الدولي»، معتبراً «هذه المنطقة مثل برميل بارود، عملت قوات حفظ السلام الروسية على منع اشتعاله». وقارن استقلال كوسوفو بالاقليمين الانفصاليين، إذ قال «في العلاقات الدولية، لا يمكن أن تكون هناك قاعدة للبعض وقاعدة للبعض الآخر».
وفي أول زيارة له خارج بلاده منذ اندلاع الحرب، ناقش مدفيديف الأزمة في جورجيا مع نظيره الصيني هو جنيتاو. وكان بارزاً الموقف الصيني المعلن للمرة الأولى بوضوح كهذا منذ بداية الحرب، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، كين غانغ، إن بلاده «قلقة إزاء التطورات الأخيرة في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا»، معرباً عن أمله أن تجد الأطراف المعنية «حلاً مناسباً عبر الحوار».
وفي إطار الخوف من اندلاع حرب باردة جديدة، أعلن المتحدث باسم رئيس الحكومة الروسية، ديمتري بيسكوف، أن موسكو لا ترى «تهديداً باندلاعها مجدداً»، مؤكداً أن «الدول الغربية التي تريد تقليص تعاونها مع موسكو ستكون خاسرة».
وأعلن بيسكوف أن روسيا تتخذ «تدابير وقائية» حيال وجود القوات البحرية لحلف شمالي الأطلسي في البحر الأسود وتأمل ألا يؤدي ذلك الى «مواجهة». وقال إن «ظهور سفن للحلف الأطلسي في البحر الأسود وعلى مقربة من السواحل الجورجية، إضافة الى قرار إيصال مساعدات إنسانية في سفن حربية هما أمران من الصعب تفسيرهما». وأضاف «ليس هذا إجراءً اعتيادياً».
وفي السياق، أعلن مساعد رئيس أركان القوات المسلحة الروسية، أناتولي نوغوفيتسيني، أن «الأسطول الروسي يراقب تحركات سفن دول الحلف في البحر الأسود، نظراً لتعزيز حضور قواته البحرية». وأوضح أن «انتشار أساطيل الدول التي لا تنتمي جغرافياً إلى البحر الأسود محدد وفق القانون الدولي، ولا يمكنها أن تزيد باستمرار حضورها العسكري فيه». وأكد أن «روسيا مع ذلك لا تنوي تعزيز وجودها العسكري في البحر الأسود. روسيا مختلفة اليوم ونحن نملك أعصاباً قوية».
في هذا الوقت، رست قطع عسكرية عديدة تابعة للأسطول الروسي في البحر الأسود في مرسى سوخومي، عاصمة أبخازيا، وذلك «للقيام بمهام مراقبة ومنع تهريب الأسلحة»، بحسب قيادة الاسطول، فيما وصلت سفينة حرس الحدود الأميركية «دالاس»، المحملة بالمساعدات الإنسانية، إلى مرفأ باتومي جنوب غرب جورجيا.
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب، رويترز)