دخل باراك أوباما التاريخ من أوسع أبوابه بصفته أول أميركي ــــ أفريقي يحصل على الترشيح الرئاسي، ويبقى عليه أن يتخطى الرابع من تشرين الثاني المقبل منتصراً
واشنطن ــ محمد سعيد
توّج الحزب الديموقراطي، في مؤتمره العام الخامس والأربعين في دنفر، باراك أوباما مرشحاً رئاسياً تاريخيّاً للحزب. وحرص الديموقراطيون، خلال مؤتمرهم، على تخطّي حالة الانشقاق داخل الحزب، ويبدو أنهم نجحوا في ذلك عبر نقل المعركة إلى الساحة الجمهورية بمواصلة الهجوم على جون ماكاين والإغداق على مرشحهم بأسمى الصفات وأرفعها.
وتجاوُز الانشقاق برز في إعلان المرشحة السابقة هيلاري كلينتون مبايعتها لأوباما، وفي تصويت نحو 1886 مندوباً من أنصارها لمصلحة المرشح الأسود استجابة لدعوتها ونكاية بالجمهوريين. كما أعلن المندوبون تأييدهم لجوزف بايدن مرشحاً لنائب الرئيس، ليصعد بعدها زوجها بيل كلينتون، الرئيس الأميركي السابق، على المنصة ويُلقي خطاباً مؤثّراً، أعرب فيه عن ثقته بأنّ أوباما هو «رجل المهمة» القادر على استعادة زعامة أميركا للعالم، التي تدنّت بسبب «الإفراط في الأحادية والتقشف في التعددية»، واستعادة الحلم الأميركي الذي بدّدته حكومة جورج بوش، معلناً مبايعته لأوباما رئيساً للبلاد. ودعا من وصفهم بالثمانية عشر مليون صوت الذين صوّتوا لهيلاري إلى التصويت للمرشح الأسود.
وأثنى كلينتون عليه بعد أن شكك يوماً في قدرته على القيادة وفي خبرته. وقال «أوباما كان ملهماً عظيما للأمة، ويتمتع بالذكاء والفضول الذي يحتاج إليه أي رئيس، وإن سياساته بشأن الاقتصاد والضرائب والرعاية الصحية والطاقة أفضل كثيراً من البدائل التي يطرحها الجمهوريون»، مشيراً إلى أن أوباما أصبح جاهزاً و«سيعمل من أجل أميركا، في ظل عدد أقل من الأعداء، وعدد أكبر من الشركاء»، و«سيعيد بناء تحالفات أميركا التي تمزّقت».
ورأى بيل كلينتون أن «الميراث العائلي لأوباما وتجاربه في الحياة يمنحانه قدرة فريدة على قيادة هذه الأمة بتنوّعها، وسط عالم مضطرب»، مرحّباً بما وصفه «أول قرار رئاسي» يتخذه باختياره جوزف بايدن نائباً له. ثم أغدق على الأخير الثناء، مشيداً بخبرته وحكمته.
بعد كلينتون، تسلّم بايدن المنصة، متابعاً الهجمات على الجمهوريين وماكاين. وقال إن التحديات التي تواجهها أميركا تحتاج إلى أكثر من مجرد «جندي جيد، وهي تحتاج إلى قائد حكيم» يستطيع أن «يحقق التغيير الذي ينشده الأميركيون»، مؤكّداً أن هذا القائد هو أوباما.
غير أن هجومه على ماكاين لم يمنع من إبداء الاحترام له «كصديق ورجل وطني»، لكنه استدرك قائلاً «إنني أختلف معه تماماً في شأن أفغانستان والعراق». وتطرّق إلى الأداء «السيّئ» لإدارة بوش في الاقتصاد، وكيف أنّ ماكاين أيّده في مجلس الشيوخ، مشيراً إلى أنّ الأخير يؤيّد الشركات الكبرى والنفطية على حساب صغار العمال، ولافتاً إلى أنّ نهجه سيكون استمراراً لنهج بوش.
وبعد انتقاده لماكاين وبرنامج عمله وخلفياته، انتقل بايدن إلى تقديم أوباما كمرشح «سيعمل على خفض الضرائب، وسيخلق 5 ملايين فرصة عمل، ويجعل بدائل الطاقة أولوية قومية، وسيحررنا في النهاية من قبضة النفط الأجنبي، وسيخفض تكاليف الرعاية الصحية».
ثم هاجم بايدن السياسة الخارجية لبوش وإدارته، التي لم تُبقِ «سوى القليل من الأصدقاء»، وشرح كيف أخفقت في مواجهة «أكبر القوى الصاعدة» الصين والهند وروسيا، التي تعهد بمحاسبتها على أفعالها في جورجيا «وساهمت بعودة التطرّف في أفغانستان وباكستان».
وبعد انتهاء بايدن من كلمته، فاجأ أوباما المؤتمر بالحضور من الكواليس ليلقي التحية على كل من هيلاري كلينتون وزوجها بيل اللذين جلسا بين الجمهور، ومعه زوجته ميشيل.
ثم أتى دور رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي، جون روكفلر، لمواصلة الهجوم على الإدارة الجمهورية، ووصف البيت الأبيض في العهد الجمهوري بأنه كان «عديم الفعالية وعرّض الأمن القومى للخطر، وأنه لا يمكن الاستمرار في تسييس المعلومات الاستخبارية وتكبيل الدبلوماسية».
أما زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، هاري ريد، فقد رأى في خطابه أن كل مشاكل العالم سببها النفط. وقال «تعرّضت أميركا لهجوم نفذه إرهابيون يموّلهم النفط، وهي تحارب في الخارج عصياناً مسلّحاً يموّله النفط، وهي مهدّدة في الأسواق العالمية وتواجه تحديات لقاعدتها الصناعية من شركات متعددة الجنسيات يموّلها النفط». كما انتقدت وزيرة الخارجية السابقة، مادلين أولبرايت، السياسة الخارجية التي انتهجها بوش.